284 - كيس رمل

1K 94 42
                                    

ضاقت عينا الوحش الروحيّ مباشرة بعدما رأى شيئا عجيبا يحدث أمامه. لقد كانت هناك تعاويذ ذهنيّة روحيّة من المفترض أن تتداخل في بعضها بعضا فيُلغى مفعولها على القوانين العالميّة نتيجة لذلك، لكنّ هذه التعاويذ كانت منسجمة تماما وتفاعلت مع بعضها فأنشأت في النهاية نمطا وتعاويذ جديدة تماما.

لقد كان ذلك يشير إلى استعداد باسل لاستخدام فنونه القتاليّة الروحيّة كلّها في نفس الوقت. لقد كان هذا شيئا خاصّا بالحكيم السياديّ فقط عبر العصور. لم يمكن لأحد غيره استخدام أكثر من فنّ قتاليّ واحد، لأنّ التعاويذ تتداخل في عملها إن استُخدِم أكثر من فنّ قتاليّ واحد وتفشل في تطبيق حكمها على القوانين العالميّة.

ما جعل الحكيم السياديّ قادرا على استخدام أكثر من فنّ قتاليّ واحد هو الحكمة السياديّة التي امتلكت التحكّم الحكيم السليم. لقد كان هذا التحكّم يشمل أيّ شيء حرفيّا، ولو عنى ذلك مظهر الشخص حتّى. حتّى إدريس الحكيم كان يستخدم التحكّم الحكيم السليم من أجل تغيير هيئته وهالته. كان يتحكّم في أعضاء جسده كما يحلو له، ويجعل هالته شبيهة بهالة أحد آخر كما يريد.

البصيرة الحكمية السحيقة، والتحليل الحكيم السامل، والتحكّم الحكيم السليم. لقد كانت هذه مجرّد ثلاث درجات من الدرجات السبع للحكمة السياديّة، إلّا أنّها كانت مذهلة لهذه الدرجة. كان يسيل لعاب الهرمى المقموعين والسلاطين من أجل الحكمة السياديّة لسبب. لقد كان أولئك أشخاصا بلغوا قمّة القوّة في العوالم الروحيّة، لكنّهم كانوا ما يزالون يحسدون مالك الحكمة السياديّة.

لماذا؟ لأنّهم لو امتلكوا شيئا كذلك، لكانت لديهم فرصة كبرى في التحرّر من القمع الذي يتعرّضون له فقط لأنّهم موجودون. لو كانوا حكماء سياديّين، لاستطاعوا تجاوز اختبارات الجدارة ولو بصعوبة. أمّا بحالهم كما هم عليه، لم تكن لديهم تلك الفرصة حتّى.

والآن، بعدما اختفى الحكيم السياديّ، وشاع خبر موته، سيتواثب السحرة الروحيّون وكلّ من هبّ ودبّ نحو أرض الوهب والسلب.

لا أحد يعلم أنّ إدريس الحكيم حرص على توجيه حكمته السياديّة إلى شخص ما ولو عنى ذلك اندثاره من الوجود، بدل أن يتركها تعود إلى أصلها. لا أحد يمكنه تخيّل الحكيم السياديّ يخون أرض الوهب والسلب ويلقي بنفسه في الهاوية من أجل شخص آخر. أو لم يكن حكيما كفاية ليعلم أنّ خيانة أرض الوهب والسلب شيء لا يجب أبدا الإقدام على فعله مهما كان الحال.

ومضت قبضة باسل فجأة بضوء أبيض تحيطه رياح كانت تدور بسرعة فائقة وتكهربت من حين إلى آخر. وفي النهاية، ومض ضوء أزرق فاتح محيطا بالضوء الأبيض والريّاح. كان ذلك عنصر التعزيز الذي جعل من قوّة النيران والريّاح أكثر شراسة، لكن لم يتوقّف عند هذا فقط، بل عزّز حتّى الفنون القتاليّة الروحيّة فتوهّجت التعاويذ أكثر بعدما صار حكمها على القوانين العالميّة أقوى.

عصر الأهوال (تكملة)Where stories live. Discover now