222 - تقفّي آثار مسار

1K 101 18
                                    

لاحظ أوبنهايمر فرانكنشتاين تلك الحمرة في عيني الفتاة الصغيرة، وحدّق إلى باسل باهتمام شديد، فعبس بينما يفكّر في أصل الشابّ القرمزيّ. لقد كان يعلم أنّه من عشيرة النار القرمزيّة المميَّزة بالعيون الحمراء والشعر القرمزيّ وسحر النار والمواهب العظيمة لكلّ فرد منها، لذا تساءل فيما سبق عن سبب ذلك لكنّه وجد خيطا قد يدلّه إلى الحقيقة.

لقد عدّل على جسده وروحه كي يبلغ ذلك المخلوق المثاليّ الذي ينشده، فكان سرّ العشيرة القرمزيّة موضوع اختبار له ووسيلة للإجابة عن تساؤلاته. ولكن لسوء الحظّ لم يتبقّ سوى باسل، ولا يمكنه الإقدام على فعل أيّ شيء له.

ومع ذلك، عاد أمله عندما رأى عيني تلك الفتاة؛ فلسبب ما، كان لها نفس عينيْ باسل ولم يكن السبب سوى التحوّل الذي طرأ عليها، لذا كانت ستكون هدفا للمراقبة والتجربة حتّى لو لم تغدُ كفرد من العشيرة القرمزيّة تماما.

كان غموض عشيرة باسل قائما طوال الوقت، وحتّى إدريس الحكيم لم يستطع تفسير وجودها، فهم بشر تماما على عكس أشباه صفاء، ومع ذلك يبقون بشرا متفوّقين، فكانوا نوعا ما مثل الوحوش النائمة التي كانت بشرا متميّزين.

خرج حاملا تلك النظرات المتجهّمة ونادى الأخوين للدخول ثمّ غادر ليفكّر قليلا؛ لا يجب عليه أن يبدي نيته في فحص الفتاة أمام باسل، إطلاقا، وإلّا سيفوّت فرصته الوحيدة.

تجمّد غايرو وكاي لوهلة في مكانهما، لكنّهما أسرعا بعدئذ مباشرة نحو الغرفة هرعًا، فإذا بهما يريان أختهما تنظر إلى باسل، بعينيها الحمراوين، بينما يتطاير شعرها ذو زرقة السماء بالريّاح التي غزت الغرفة بعدما فتِحت، وغُمر قلبيهما بالفرحة والسرور اللذين حرّكا جسديهما نحو أختهما الصغيرة، بدموع تنهمر على عودتها إلى الحياة.

كلاهما تحسّر، وكلاهما اجتهد وصبر، ومعزّتها عندهما زادت فقط وفاقت عمق البحر.

"أخي غايرو، وأخي كاي!"

كانت صفاء مندهشة من وجودهما، وفجأة امتلأ جفنيْ عينيها بالدموع قبل أن تسقط دمعة من هناك، وقبل حتّى أن تصل هذه الدمعة إلى الأرض كان الشابّان قد عانقا الفتاة الصغيرة بشدّة بينما يبكون مجتمعين. تساءلوا، ما كانت الكلمات المناسبة في حالات كهذه؟

كلمات؟ من يحتاج إلى ذلك عندما يكون هناك دفء وعطف أولئك الأشخاص الذين تعزّهم أكثر من غيرهم، ويمكنك أن تضحّي بحياتك من أجلهم حتّى. لو كان هناك كلمات يمكنها أن تُقال في هذه الحالة، فقد بلغت الشخص الآخر دون أن يقولها صاحبها.

نظر باسل بابتسامة متعاطفة إلى الأخوين يعانقان أختهما الصغيرة كما لو كانا يتأكّدان من أنّها حقيقيّة وأنّهما لا يحلمان، وكذا كانت صفاء بينما تحاول نسيان كلّ تلك الآلام وعدّها مجرّد جزء من حلمها الطويل الذي استفاقت منه أخيرا.

عصر الأهوال (تكملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن