الفصل التاسع

475 49 16
                                    

الجُزءِ التاسع | النهـايـة.

كانت سارا تكادِ تأكُل أظفارها من القلق، اليوم مُوعد إصدار الرواية في دار النِشر التي يعمل بها نايل، وأيضًا لديها حِفلة للتوقيعها، هى كاتبة مُبتدئة – بنظرها- ولكن بنظر هاري .. هى عالمية.

كانت تُأرجِح قدميها بتُوتر مُنتظرة قدُوم نايل من المِطبعة ومعهُ خمس نُسخ لها، أمِسك هاري كِفها وهُو ينظِر لعينها:

-" لاتقلقي سارا، كُل ماتكتبهُ آناملك هُو أبداع، لذلك كُفي عن التوتر". أومأت لهُ وهى تغمِض عينيها ضامِة شفتيها للداخل، أحِساس ولادة طِفل، هُو أعظم شعُور وهى تُعيشهُ، رواياتها وكُل ماكتبهُ تضمهُ لنفسها وكأنهم عائِلتها.

رِكض نايل وهُو مُمِسك بخمِس نُسخ من رواية سارا، وكان تم تغليفهُم، كما طلبت سارا، أمِسكت بهُم وظِلت تنظُر إليه بتمعُن وكادت أن تبكي، أو نقُول أنها بكِت من السعادِة الغارِمة، نِظَر هاري لنايل نظرِة مُملة، فهذهِ المرة العاشِرة التي تبكي فيها امامهُما.

أعطت لـ هاري نُسخة، قائِلة بإبتسامة:

-" مُنتظِرة أطرائِك". قالتها وفي شدِة سعادِتها، نِظر لها نايل ثُم لساعة مِعصمهُ، وجد أنهُ تبقى على حفل التوقيع خمسة دقائِق، لذلك اخبرها بإنهم يجب الذِهاب للمكتبة، لتومأ لهُ ثُم نظرت لهاري ليقُول:

-" أذِهبي الآن وسألحقك بعد قليل". قالها وهُو يدِفعها للسير للأمام، فتح هاري الغُلافِ ليجدِ رسمة لرِجُل يشبهُ قليلاً وفتاة مُعصمة العينان، كان أسم الرواية غريب قليلاُ لـ هاري .

أسـم الرواية : مِقهـى.

نبذِة العمل:

" حِين كان سبيل لقَاءُنا كُوب قهوة". فجـأة تذِكر أول مرة رأها، حين كانت تشرب القهوة وتكتب بشرودِ، فتح أولـى صفحات الرواية وجذبهُ مشهد:

- آنِسة هل يُمكنني مُشاركِت طاولتك؟.

كانت الفتاة تنِظُر لموِضع واحدِ، وكان هذا الأمر قد لمح "جِميس" وكادِ أن يجلسِ على المقعد المُقابل لها، لُولا كلماتها التيِّ أوقفتهُ:

- أعتذِر سيدي، ولكنك لن تحبذ الجُلوس مع كفيفة!

- لا أهتم سيدتي الجمِيلة.

كانت هذهِ المرة الأولى التي تستمع ماجـي إلي أطراءِ ما، مُنذِ زمن ولم تستمع أحد يُغازِلها، رفعت مـاجي كفها، تُريد الوصول إلى وجههُ ولأنهُ تفهمها، أمِسك كفها برِفق وبدأ يجعل أناملها تتحِسس مِلامِحهُ وكان يهتف :

- بِشرة بيضاءَ، عينان زُمردية اللون تميل للفيروز آنِستي، شعر بُني اللون، وإبتسامة جذابة.

قهقه من كلماتهُ التيِّ جعلتها تستطيع أن تتخيلهُ قدِر الإمكان.

بدأ بتفحُص باقي الرواية، حتى وِقعت عينيهِ على مِشهد من وجهة نظِر البطلة:

كان يرِقُص برفقة الجميع، أعلم بإنني لاآراه ولكني أتخيل مظهرهُ، وهُو يبتسم لي من بعيد، يراقبني عن كُثب ..

وحتى وإن لم آراه، أستطيع سماع ضحكاتهُ ونكاتهُ الفُكاهية، الله لم ينعم علي البصر ولكِن أنعم علي بمن يأخُذ بيدي ويكُون لي عينان تُبصران".

تذكِر هاري حين رأها تكتُب بعد درِس الرِقص، بدأ بالرِكضِ بإتجاه مكتبة الدارِ، سيعترف إليها وسيُضاعف سعادِتها، لن يجعلها تبكي من جديد، لن ينسى مظهرها الذيِّ وجع قلبهُ، ولن ينسى سعادتها المُبهجة وهى تعانقها بقوة تخبرهُ بإن روايتها ستُطبع الأسبوع القادِم ..

وجدها تُودِع الجمِيع، وجدِ نايل يمسك بباقة زهُور، اخذِها منهُ قائِلاً:

-" أعتذِر ياصديقي، ولكني سأعترف الآن". إبتسم نايل ضاحكِاً على حدِيث هاري، أقترب هاري منها وأعطاها الزهُور قائِلاً:

-" سارا .. أريد الأعتراف بشيءِ ..".

نِظرت لهُ منتظرة حدِيثهُ بترقُب.

-" اعتذِر في البداية، لم أكن غير مُغفل حين لم أستمع ولم أنصت لكلماتك من البداية، أتعلمين بإنني علمتُ بإن الحياة بدونك لاشيء، ليس بكونك صديقة بل لإنك جُزءٍ مني، حين آراك تسعدين لإنجازاتكَ، أتمنى في ذلك االحظة أن أقُبِّلك وأعانقك إلى مالا نهاية ..

- سارا .. أنا أحُبك، أحُبك أنتِ فقط، لا أحد غيرك.

وهذهِ المرة كانت لديها الحق في البُكاءِ.

حين تَظُن بإن من تُحب لن يبُادِلك وإن فعلت الكثير، وحين تُكذِب ظنونك بواقعًا عكِس ماتوقعت، هذا بمثابة إنجاز نفسي لإجل قلبك الصغير ..

قالت من بين شهقاتها العالية:

- هاري .. أنا أحُبك أكِثر.

وعانِقتهُ بقوة، تستشعر نبضات قلبهُ المُتسارعة، قبِّل جبهتها، ولكن فجأة أبتعدِت عنهُ قائِلة:

- وماذا عن هانا؟

ضحك وهُو يضع كفهُ على مؤخرة رأسهُ:

- يوم إعلانك عن إنتهاءِ كتابة الرواية، كُنت أنفصل عنها.

كادِ أن يسقط من أحتضانها القوي لهُ، وكانت هذهِ المرة تبكي بوتيرة أكبر.

~ تـــمِّـــــــت~

2019\6\25

مَقهـىٰ | Café √Where stories live. Discover now