همهمات: 6

4.2K 495 228
                                    

أكملوا المسيرة من جديد، يمشي أغلبهم على أربعة قوائم، وقلة فضلوا البقاء بشكلهم البشري.

بقيت أتبعهم بتباطئ، متأخرة دائمًا عنهم، فليس لدي رغبة بالذهاب إلى حيث يقودونني، ولا أريد أن أمشي بجانب أحدًا منهم، أفضل البقاء في الخلف.

بقينا نمشي حتى خيم الليل وعم الهدوء الغابة، لا يسمع سوى أصوات أقدامنا وهي تكسر الغصون الساقطة تحتها، لم يفسد الهدوء شيء، فأغلبهم قد بلغ منهم التعب ولم يعد لديهم طاقة للحديث.

أستغليت فسحة الهدوء للتفكير بتعقل، يجب أن أتحرك بعقلي من الآن وصاعدًا.

أولًا علي أن أعلم إلى أين أذهب، لا يجب أن أحبس في مكانًا ما دون أن أعرف طريق العودة.

صحيح أنني لا أعرف هذه الأراضي التي نمر بها، ولم يعترض طريقنا أحد ليمنعنا من الدخول بها حتى أعرف لمن تعود، إلا أنني أعلم بالضبط كم تبعد أراضينا من هنا وأين تقع، لولا وجود هؤلاء الببر، لعدت ركضًا لأرضي.

شعرتُ بتغير الجو حولنا، كأنَ هناك طاقاتً غريبة تحوم في الهواء، توجستُ منها وبقيت أنظر حولي بترقب لهجومًا مفاجئ أو شيئًا ما.

وصل لأذناي صوت همهماتً بعيدة، يبدو أن الصوت يعود لمجموعة كبيرة من الناس، لابد أننا اقتربنا من جماعة الببر.

أرخيت كتفاي بعد أن كنتُ متصلبة بترقب، جميع من حولي يسمع الأصوات الغريبة ولم يتوجس أحدًا غيري، لذا لا يبدو أن هناك هجومًا قادم.

كلما تقدمنا أكثر كلما أصبحت الأصوات أعلى، تبدو أصواتًا فرحة، تتخللها ضحكات الأطفال، وأحاديث النساء.

زادت حدة مزاجي.

لقد حرموا شعبي الطمأنينة والسعادة ويسمحون لأنفسهم بذلك!، يقهقهون ويضحكون دون أدنى شعورًا بالذنب.

وكأنهم ليسوا هم الذين نهبوا بهجة بني جنسي، وأعتدوا على أرضنا، وقتلوا رجالنا ورملوا النساء، ما لهم في ذلك أي حق.

أخذتُ نفسًا بضيق وزفرته بقرف عندما وصلتني رائحتهم، ليس لأنها مقرفة، يكفي أنها تعود لشعبهم.

لم أستطع منع نفسي من التنفس، لذا هجمت روائحهم داخل رئتاي من جديد، وهذه المرة لاحظت غرابة الروائح!.

عندما أقبلنا على الناس الذين يسكنون في وسط الغابة، أدركت سبب غرابة الروائح.

لم يكونوا ببر!.

نظرت حولي للخيام البدائية، وللناس الذين يسكنونها، طريقة لبسهم كانت غريبة، الكثير من الألوان في قطعة واحدة.

الغريغورا | GRIGORAWhere stories live. Discover now