{الفصلُ الأول}

548 44 96
                                    

{ ملاحظة مهمة : تَمَّ إعادة صياغة الرواية من جديد مع تغيير بعضِ أحداثها}
~أتمنى تنبيهي لأي خطأ في الرواية، لا تبخلوا عليّ بآرائكم ~

[ سُبحان ﷲ وبحمده، سبحان اللّٰه العظيم]

****

أخذت نفساً عميقاً وسحبتْ خلفها حقيبتها مُخلِفةً صريراً سببهُ إحتكاكُ عجلاتها البلاستيكية بالأرضيةِ الصلبة، جالت عينيها المكان  بذهنٍ شارد، وأوقفت أول سيارةِ أجرةٍ وقعت أمامَ ناظريها، فتحت الباب الخلفي الأيسر وصعدت إلى السيارة، أملَت للسائقِ العنوان المقصود، وظلت بنفس الذهن الشارد تتابع الطرقاتِ بلا ذرةِ تركيز، بينما الذكرياتُ تتسابقُ واحدةً تلوَ الأخرى نحو عقلها المرهق.

أخذت تسترجع أحداثًا سابقةٍ حين كان عمرها لا يتجاوز السبعَ سنوات، ذكريات مشوهة ولقطات مشوشة، ذلك فقط ما استطاعت استرجاعه، وصوتُ ضحكات طفل صغير تدورُ في رأسها، نفسُ الضحكات التي أرقت نومها للأسبوع الماضي كلَ ليلةٍ دون انقطاع.

كانت الساعةُ تشيرُ للسادسةِ وخمسِ دقائق، هذا ما علمته كارلا حين أبعدت عينيها من الطريقِ إلى ساعةِ معصمها لتُعيدَ أنظارها بعدَ ذلك إلى نافذة السيارة مجدداً.

بعد برهةٍ من الزمن، أحست بتوقفِ السيارة فرفعت رأسها نحو سائق الأجرة متسائلةً عن ثمنِ التوصيلة، وبعد أن دفعت له ترجلتْ بهدوءٍ من السيارة كما فعلَ السائقُ الذي سارعَ لإخراج حقيبتها من حقيبةِ السيارة، عبَّرت عن امتنانها بابتسامة صغيرة ثم التفتت نحو المنزل المنشود، مع كلِ خطوةٍ كانت دقاتُ قلبها تتسارع حتى بدا لها وكأنها مسموعة لمن حولها أيضاً، رغم خُلوِ الشارع!

طرقتْ البابَ طرقاتٍ خفيفةِ وتراجعتْ خطوتين للوراء، هاهي الآن تقفُ أمامَ المنزلِ الذي قضت فيهِ طفولتها، طفولَتهَا التي لا تذكرُ منها الكثيرْ إلا ومضاتٍ متفرقة، أعادت الطرقَ مرةً أخرى، هاهي في السابعةَ عشرَ تعودُ إلىٰ المنزلِ الذي فارقتهُ وهي في السابعةِ من عُمرِها، بدت دقائقُ الإنتظار تلكَ كالساعات.

هبتْ نسمةٌ خفيفة فضمتْ طَرفيْ سُترتهاَ بإرتعاش، شهرُ أكتوبر في أيامهِ الأخيرة يستقبلُ برودةَ نوفمبر أحسنَ استقبال، تلفتَتْ حولها مراتٍ عديدة علّها ترى أثر ساكني البيت ثم لمحت نافذةً جانبية فاقتربت منها وألقتْ نظرةً لداخلِ المنزل فبدى لها مظلماً ولم تتبين وجودَ أحد، جرت قدميها وجلستْ أمامَ عتبةِ البابِ تحتضنُ نفسها بحثاً عن الدفء، مضتْ نصفُ ساعةٍ أخرى وبدأ اليأسُ يطرقُ أبوابَ قلبها فأحنت رأسها تنظرُ للأرضِ بشرود، تتساءلُ هل لازالَ يسكُنُ هُنا حقاً! حينها فقط لمحتْ حذاء أحدهم، فرفعتْ رأسها مُسرعةً، ووقفت تنظُرُ لملامحهِ التي لم تتغيرْ لازال يملكُ نفسَ الشعرِ الأسود دون أثرٍ للشيب، عيناهُ البنيتان تنظرانِ نحوها ببرودٍ غريب.

سُمًوُكِ ||Your Highness Where stories live. Discover now