{ الفصلُ الثاني}

298 38 84
                                    

~ لا تدعوا الروايات تلهيكم عن العبادات ~

[ سُبحان الله وبحمده، سبحان اللّٰه العظيم]

____

مرتْ الأيام وكانت كارلا تجلسُ في المنزِل دون فعلِ شيء، بينما كان براين يذهبُ للعمل صباحاً ولا يعودُ حتى المساء، حتى مضى شهرُ نوفمبر كاملاً، وحل ديسمبر ببرودتهِ القاسية، واكتست الأرض ثوباً أبيض ناصع، كان صباح يومِ أحد حين اتفق الأب وابنتهُ على قضاءِ اليومِ سويا؛ جلسا على طاولةِ الإفطار معاً، وأخذا يتبادلان أحاديث متنوعة، حتى رنَّ هاتف براين الذي أجاب مسرعاً: " نعم سيدتي"، صمت قليلاً وأضاف:" حسناً أنا قادم".

عبست كارلا، فمخططها لقضاءِ اليومِ برُفقةِ والدها قد أحبطت، وتنهدت بحسرة، لاحظ والدها الأمر، وضاقًَ صدرهُ للأمر؛ فها هو يخلفُ بوعدهِ لها مرةً أخرى، وفجأةً إبتسم لفكرة خطرت له، وقال: "ما رأيكِ بمرافقتي؟"، صمتَ قليلاً منتظراً ردةَ فعلها، وحين طال صمتها أضاف "سنقضي اليوم معاً" وغمز لها مستميلاً قلبها، ووصل لمبتغاه حين انفرجت شفتيها بإبتسامةٍ مشرقةٍ عبرت عن رضاها.

لاحقاً، ركبت كارلا السيارةَ برُفقةِ أبيها، أخذت طوالَ الطريق تراقب التغير الظاهر على المدينة حتى انحرفت السيارة لطريقٍ فرعي، وبدأت الأبنية تقلُ والمنازل تكبرُ في حجمها، حتى اختفت المنازل لمدةٍ من الزمن وأحاط بالطريق أشجارٌ طويلة من الجانبين.

وفي نهايةِ الطريق الممتد أمامها، ظهرت بوابةٌ حديديةٌ كبيرة، وأخذت تكبُر كلما اقتربت السيارة إليها أكثر حتى توقفت السيارةُ أمامها فبدت لها بوابةً عملاقة، وأخذت مخيلتها تسترجعُ لها أحداث إحدى روايات الخيال التي كانت تروي أحداث قصص في زمنٍ ماضٍ كانت فيه المخلوقات الخارقة للعادة موجودة، وتمتمت: " أظن أن منزلاً كهذا يليقُ بموقع تصوير فيلم دراكولا" وأدارت رأسها نحو براين وأكملت:" ألا توافقني الرأي؟"، ضحك وهو يومئُ لها موافقاً.

كان القصرُ محاطاً بجدرانٍ عالية يفوقُ طولها طولَ تلك الأشجار التي تحيطهُ، وكان بجوارِ البوابة الحديدية الخارجية بابًا صغيراً يكفي لمرورِ شخصٍ واحد.

ترجلَ والدها من السيارةِ فتبعتهُ بعيونٍ فضولية، بينما إحساسٌ جميلٌ بالألفة إجتاحَ قلبها، ولجت خلف أبيها عبرًَ ذلك البابْ، في حين سلَّمَ براين مفاتيحَ السيارة لحارسِ البابِ الذي قابلاهُ ما إن وطِئت أقدامهم حديقةَ القصر، كان المنظرُ خلاباً، سالباً للأنفاس.

فما إن تعبرِ البابً الصغير حتى تستقبلُكَ رائحةٌ أزهارٍ منعِشة، لم تشعُر كارلا بنفسها وهي تقتربُ بلهفةٍ من الورود الزرقاءِ اللون التي تصطفُ في الجانب الأيسر للممر الحجري المؤذي إلى المدخل، إنحنت تلامسُ أطراف بتلاتِ إحدى الورداتٍ برقةٍ شديدة، ثمَّ أغمضت عينيها وأخذت تستنشقُ الهواء المشبعَ بتلك الرائحةِ العبقة، فتحت عينيها وأخذت تنظرُ في كُلِ أنحاء الحديقة الواسعة، فقد كانت أزهار اللوتس صفراء اللون تكسو الجهة اليمنى بتنسيقٍ رائعٍ يظهر مدى الإهتمام الذي تحظى بهِ هذه الحديقة من أصحابها.

سُمًوُكِ ||Your Highness Where stories live. Discover now