الفصل السادس

105K 5.5K 391
                                    

الفصل السادس:

دخل ريان إلى الشرفة وتابع في صمت وانتصار خروج ريم مع صغيره عمر من المبني، فقد نجح الصغير المحتال في اتمام مهمته على أكمل وجه بتمسكه بالخروج مع ريم والتحجج باشتياقه إليها وتأكيده بأن البقاء مع ابيه يقتله من الملل.
جز على أسنانه فقرار تركها تذهب للعمل في وجود ذلك الحقير يفور الدماء في عروقه ولكن الوقت ليس مناسب لفرض سيطرته عليها وشيء داخله يؤكد له بأنها لن تقبل.
ارتفع جانب فمه في فخر فعلى الأقل سينعم بالراحة والسلام لوجود طفله بينها وبين البغيض في مكان العمل.
خرج من افكاره على رنين هاتفه وانكمشت ملامحه في بُغض وهو يرى اسم شقيقته يتوهج من الشاشة الصغيرة كعادتها كل صباح منذ علم بكذبتها التي قلبت حياته رأسًا على عقب فبعد ثلاث أشهر أجبرتها معاناته ومعاناة صغيره على الاعتراف بفعلتها لتترجاه ان يغفر جنونها وأنها شعرت بالخوف ان يتركها مع بيجاد الغاضب دوما والفاقد للسيطرة على افعاله في حال سفره وانه لم يكن سيحتاجها بوجود ريم في حياته ترعاه وترعى صغيرة.
وقد كان ريان كالقنبلة الموقوتة لكنه لم يستطع ان يفعل معها شيء سوى التعجل في إتمام زواجها من نادر جارة في المبني والتي اخفت شقيقته علاقة حبهما عنه ليتوج مخططها بالنجاح، شعر بغصة مريرة لا يزال غير قادر على مسامحة الأنانية البحتة التي تملكتها وجعلتها تدمر أسرته الصغيرة وتذيق طفله طعم اليُتم مرتين، خيانة لم يتوقعها يومًا من أقرب الاقربون.
لكن حين يتحدث المستقبل والمال تذوب الاربطة وتتحول الدماء إلى ماء، ابتسم بغل ألم يكن هذا مبررها انها خشت على مستقبلها وأحلامها بالاستقرار في الخارج.
هز رأسه باستنكار يكره التفكير في الأمر ثم رفع هاتفه مقررًا اجراء محادثة دولية هامة فأتته الإجابة في الرنة الثانية بترحاب:
-اهلًا ريان عاش من سمع صوتك يا راجل.
-اهلا يا بهاء، انا اسف اني بتصل بيك وانت أكيد في شغلك بس في موضوع مهم عايز اتكلم معاك فيه.
قال ريان في صدق وهو يحوم حول نفسه في الردهة في حيرة وتوتر ليخبره بهاء وهو يتجه لزاوية هادئة بعيدًا عن صخب موقع العمل:
-معاك يا صاحبي، خير؟
-فاكر الظرف اللي بعته معاك لمراتي، كنت عايز أعرف أنت فتحته ؟
-عيب عليك لا طبعا الظرف وصلها مقفول.
اخبره بهاء دون تفكير ليؤكد ريان في جدية:
-انت متأكد يا بهاء الموضوع مهم بالنسبه ليا.
سعل بهاء في خفة ليخبره بخجل طفيف:
-الظرف وصل مقفول ده أكيد،
بس في نقطة صغيرة انا كان معايا علاء صاحبنا بتاع الجامعة فاكره؟
-اللي كان عايز يسافر كندا؟
-عليك نور وسافر فعلًا من أسبوع.
قال بهاء في نبرة متوترة فهتف ريان في قلة صبر:
-ايوة ماله، احكي متقطعش انا مش ناقص وعلى أخري الله يرضى عليك.
-طيب اهدى، اليوم ده كنت متأخر أوي وهو كان معايا ووصلت لحد منطقة بيتك بس كان لازم امشي بسرعة عشان كان عندي معاد تجديد فيزه السفر بسبب شغلي الجديد وانت عارف المشاوير الحكومية ورخامتها فهو عرض عليا يطلعه بدالي.
-تقصد ان علاء فتح الظرف؟
قال ريان في سخط وغضب على صديقه لأنه ائتمن غيره ما ائتمنه بنفسه عليه فقال بهاء في نبرة مرتبكة مؤكدًا:
-لا طبعًا وانا متأكد من ده لأني أكدت عليه ان الظرف يوصل زي ما هو.
ضغط ريان على قبضته وهو يصك على اسنانه كي لا يمطره بوابل من التوبيخ واكتفى بقوله المقتضب:
-طيب لو سمحت يا بهاء اتصل اتأكد منه تاني.
-مينفعش للأسف هو سافر من اسبوع والمفروض انه اول ما يستقر هيتواصل معانا دلوقتي مش معايا اي طريقة للتواصل معاه.
-لما يبقى يتواصل معاك اسأله، في ايه يا بهاء متجننيش يا أخي انت كمان وتقفلها في وشي.
-اهدي يا ريان ايه اللي حصلك، انا بتكلم معاك عادي، على العموم أنا اسف لأني عارف انك زعلت لما اديته الظرف بدالي بس صدقني كان غصب عني.
قرص ريان فوق انفه ثم تنفس بهدوء فصديقه لم يكن مجبر على خدمته من الأساس، فتنهد قبل ان يقول في لهجة ساكنة:
-حصل خير يا بهاء، بس بعد اذنك الموضوع مهم وياريت متنساش تسأله اول ما يكلمك.
-هيحصل ان شاء الله، انت خلاص نقلت شغلك في فرع الشركة اللي في مصر وهتستقر عندك بجد؟
-ايوة يا بهاء وهبدأ بعد شهر الأجازة ما يخلص ان شاء الله.
قال ريان في وجوم فأجابه بهاء بصدق:
-ربنا يرزقك الخير ان شاء الله ويوفقك.
-تسلم، مش هعطلك اكتر من كده مع السلامة.
اغلق ريان الهاتف ما ان ألقى عليه صديقه السلام وانعقد حاجبيه في حنق فكل الامور تتعقد امامه وكأن القدر يعانده، زمجر في غضب كارهًا ان يبقى هكذا حائرًا غير ممسك بزمام الأمور في حياته.
كان عليه ارسال الظرف مع شقيقه والسماح له بتهشيم رأس أحمد قبل ان يفكر الأبلة في اختطاف ريم منه فربما وقتها كان قلبه سيبقى ساكنًا بين اضلعه لا يتلوى بنار البعد والغيرة.
*****

فرطِ الحب Where stories live. Discover now