الفصل الثاني والعشرين

97.9K 3.9K 436
                                    

"فرط الحب"

الفصل الثاني والعشرون

فتح ريان جفنيه بصعوبة ومط ذراعه بصعوبة أكبر بسبب تلك المستلقية بأريحية فوق صدره، ليمسك اخيرًا بالهاتف الذي يرن دون توقف وكان سببًا في إيقاظه:

-ألو...

أجاب ريان ما ان لمح أسم شقيقه الذي سارع يؤنبه:

-ساعة عشان ترد يا بارد، المهم عاملين ايه طمني؟

-أيوة انا اللي بارد، احنا كويسين ومش بنرد عشان كنا نايمين،
المهم عمر عامل ايه؟

سأل ريان بصوت منخفض وهو يحاول النظر للنافذة متعجب بأن الظلام قد حل وانهما قد ناما لساعات طويلة دون شعور.

-الحمدلله قاعد مع خالتي اكل وبيلعب اهوه،
يعني ريم كويسة ولا عملتلها حاجة؟

طمأنه بيجاد قبل ان يسأل في نبرة محاطه بالتوجس، فأجابه ريان في ثقة:

-انا مستحيل كنت أأذيها يا بيجاد من يوم ما فهمت غلطتي وانا واخد عهد على نفسي اعاملها زي بنتي يعني ريم زيها زي يا عمر،
يوم ما تغلط هقومها وبمزاجي، عمرك شوفتني بأذي عمر حتى لو قسيت عليه؟

سأل ريان في تهكم بصوته الرخيم فأجابه بيجاد في رضا:

-ربنا يصلحلكم الحال.

-متشكر على اتصالك يا بيجاد بيه واتمنى ان اللي حصل ده ميخليش عقلك ينسى كلامنا اللي كنت فيه غلطان من رجليك لراسك ووعدتني فيه انك هتتكلم مع وسام.

-فاكر فاكر أنا عارف أنا بعمل ايه متضغطش عليا.

تذمر بيجاد من اهتمامه متذكرًا حديثهما، وتعجب بأن ريان يتذكره رغم ما يمر به، ولكنه في داخله كان سعيد ممتنًا للغاية.

-طيب أنا هقفل اكمل نومي وبكره هكلمك.

انهى ريان المكالمة بصوت خافت خشن لا يزال متأثر بنومه يخشى ايقاظ ريم المستلقية فوق صدره في ثبات عميق، المسكينة تحملت فوق ما تحتمل ولكن للضرورة أحكام.
تنهد فقد كانت الساعات القليلة من نومه محملة بمظهر جسدها المرتعد وصوت بكاءها الذي يلامس مشاعره بطريقة أرعبت باطنه فحولها لكوابيس في منامه.
مال برأسه يتفحص وجهها تبدو كالطفلة التي تاهت عن ذويها بأثار دموعها الجافة التي الصقت رموشها المغمضة بوجنتها، مرر اصابعه فوق وجهها يلامس نعومتها الدافئة فخرجت انفاسه في رضا وهي تنكمش في جسده باحثة عن أمان احتواءه.
أغمض عيناه في تعب ولكن صغيرته كان تعبث على أوتار رجولته بحركتها المفرطة فزفر محاولًا إبعادها في خفة كي لا يقلقها، فأخر ما قد ترغب فيه بعد هذا الإرهاق العاطفي أن يوقظها على جنون وحش عواطفه الجياشة الذي يعبث في ذهنه كي يلتهمها في نفاذ صبر...
ولكنه سينتظر فلم يبقى إلا القليل وهي تستحق ذلك الانتظار بعد ما حدث بالأمس فقد كان درسًا قاسيًا لكلاهما.
هي كي لا تثق في رجل سواه وتقتنع بأنه اقرب لها من نفسها وان علاقة الزوجة بزوجها يجب ألا تتخطى دائرة خصوصياتهم.
وهو كي يتأكد بأن الثقة ليست مجرد صفة رمزية ولكنه حق مكتسب وعن جدارة يجب ان يتحلى به شريك العمر.
كان منشغلًا في تحليلاته النفسية العميقة وهي عادة اكتسبها مؤخرًا ويشعر بالفخر بها فقد كانت مفتاح لحل أغلب مشاكله، ولم ينتبه لتلك النائمة بين ذراعيه تحارب كي تحافظ على انفعالاتها وتوهمه بنومها.
وقلبها هو المتمرد الوحيد بضرباته التي ترفض الهدوء فمنذ سمعت "ريان" يخبر "بيجاد" بانها "طفلته" وهي تشعر بسعادة وبهجة غريبة تغمرها، اقتربت منه دون وعي تحاول التحكم في ابتسامه واسعة ستفضح انشراحها الزائد بكلماتها فتعود وتشعر وكأنها طفلة قتلها الحماس بالفعل.
تشعر بالخجل وانها غير قادرة على مواجهته فهي ان فتحت جفونها ورأت ملامحه الحادة الوسيمة ستنهال عليه بقبلاتها المشتاقة.
جزء منها يدفعها لفعل ذلك تمامًا ولكن جزء أحمق مزعج أخر يذكرها بوعدها لنفسها بأن تجعله يأتي لها جاثيًا.
ولا تعتقد أن ارتماءها نحوه في تطلب يلبي هذا الوعد الأحمق، فكرت في انزعاج وتساءلت لما بحق السماء عليها ان تشعر بتأنيب الضمير وبأنها ستخترق عهدًا ما لقد كان مجرد وعدً تافهً لا معنى له ولكن لما تشعر بأنها مدينة لنفسها بذلك.
شعرت به يعدل جسدها لتستلقي على جانبها بدلًا من توسد نعيم صدره وللحظة شعرت كجرو صغير ركله مالكة لأبعاده لكنها تنهدت براحه عندما شعرت بأنفاسه الدافئة تواجهها لتتأكد بأنهما يستلقيان وجهها لوجه وذراعه يعود للقبض على خصرها الصغير في تملك.
كادت تهرب منها ابتسامه لكنها تحركت تخفي ملامحها في صدره ليغمغم في اعتراض تعجبت له حتى سمعته يهمس منزعجًا:

فرطِ الحب Where stories live. Discover now