دعاؤه في طلب العفو والاعتراف بالذنب

18 3 2
                                    

الّلهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد
اَللَّهُمَّ يا ذَا الْمُلْكِ الْمَتَاَبَّدِ بِالْخُلُودِ، والسُّلْطانِ الْمُمْتَنِعِ بِغَيْرِ جُنُودٍ، والْعِزِّ الْباقي عَلى مَرِّ الدُّهُورِ، عَزَّ سُلْطانُكَ عِزّاً لا حَدَّ لَهُ ولا مُنْتَهى لِاخِرِهِ، واسْتَعْلى مُلْكُكَ عُلُوّاً سَقَطَتِ الْاَشْياءُ دُونَ بُلُوغِ اَمَدِهِ، ولا يَبْلُغُ اَدْنى مَا اسْتَأْثَرْتَ بِهِ مِنْ ذلِكَ نُعُوتَ اَقْصى نَعْتِ النَّاعِتينَ.
ضَلَّتْ فيكَ الصِّفاتُ، وتَفَسَّخَتْ دُونَكَ النُّعُوتُ، وحارَتْ في كِبْرِيائِكَ لَطائِفُ الْاَوْهامِ، كَذلِكَ اَنْتَ اللَّهُ في اَوَّلِيَّتِكَ، وعَلى ذلِكَ اَنْتَ دائِمٌ لا تَزُولُ، وكَذلِكَ اَنْتَ اللَّهُ في اخِرِيَّتِكَ، وكَذلِكَ اَنْتَ ثابِتٌ لا تَحُولُ، واَنَا الْعَبْدُ الضَّعيفُ عَمَلاً، الْجَسيمُ اَمَلاً.
خَرَجَتْ مِنْ يَدَىَّ اَسْبابُ الْوُصُلاتِ اِلى رَحْمَتِكَ، وتَقَطَّعَتْ عَنّي عِصَمُ الْامالِ اِلاَّ ما اَنَا مُعْتَصِمٌ بِهِ مِنْ عَفْوِكَ، قَلَّ عِنْدي مَا اَعْتَدُّ بِهِ مِنْ طاعَتِكَ، وكَثُرَ عِنْدي ما اَبُوءُ بِهِ مِنْ مَعْصِيَتِكَ، ولَنْ يَفُوتَكَ عَفْوٌ عَنْ عَبْدِكَ واِنْ اَساءَ فَاعْفُ عَنّي.
اَللَّهُمَّ قَدْ اَشْرَفَ عَلى كُلِّ خَفايَا الْاَعْمالِ عِلْمُكَ، وانْكَشَفَ كُلُّ مَسْتُورٍ عِنْدَ خُبْرِكَ، فَلا يَنْطَوي عَنْكَ دَقائِقُ الْاُمُورِ، ولايَعْزُبُ عَنْكَ خَفايَا السَّرائِرِ، وقَدْ هَرَبْتُ اِلَيْكَ مِنْ صَغائِرِ ذُنُوبٍ مُوبِقَةٍ وكَبائِرِ اَعْمالٍ مُرْدِيَةٍ، فَلا شَفيعَ يَشْفَعُ لي اِلَيْكَ، ولا خَفيرَ يُؤْمِنُني مِنْكَ، ولا حِصْنَ يَحْجُبُني عَنْكَ، ولا مَلاذَ اَلْجَأُ اِلَيْهِ غَيْرُكَ.
هذا مَقامُ الْعائِذِ بِكَ ومَحَلُّ الْمُعْتَرِفِ لَكَ، فَلايَضيقَنَّ عَنّي فَضْلُكَ، ولايَقْصُرَنَّ دُوني عَفْوُكَ ولاأَكُونَ اَخْيَبَ عِبادِكَ التَّائِبينَ، ولا اَقْنَطَ وُفُودِكَ الْامِلينَ، واغْفِرْلي اِنَّكَ خَيْرُ الْغافِرينَ.
اَللَّهُمَّ اِنَّكَ اَمَرْتَني فَغَفَلْتُ، ونَهَيْتَني فَرَكِبْتُ، وهذا مَقامُ مَنِ اسْتَحْيا لِنَفْسِهِ مِنْكَ، وسَخِطَ عَلَيْها ورَضِىَ عَنْكَ، وتَلَقَّاكَ بِنَفْسٍ خاشِعَةٍ، وعَيْنٍ خاضِعَةٍ، وظَهْرٍ مُثْقَلٍ مِنَ الْخَطايا، واقِفاً بَيْنَ الرَّغْبَةِ اِلَيْكَ والرَّهْبَةِ مِنْكَ، واَنْتَ اَوْلى مَنْ رَجاهُ واَحَقُّ مَنْ خَشِيَهُ واتَّقاهُ، فَاَعْطِني يا رَبِّ ما رَجَوْتُ، وامِنّي ما حَذِرْتُ، وعُدْ عَلَىَّ بِفَضْلِكَ ورَحْمَتِكَ، اِنَّكَ اَكْرَمُ الْمَسْئُولينَ.
اَللَّهُمَّ واِذْ سَتَرْتَني بِعَفْوِكَ وتَغَمَّدْتَني بِفَضْلِكَ في دارِالْفَناءِ، فَاَجِرْني مِنْ فَضيحاتِ دارِالْبَقاءِ عِنْدَ مَواقِفِ الْاَشْهادِ مِنَ الْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبينَ، والرُّسُلِ الْمُكَرَّمينَ، والشُّهَداءِ والصَّالِحينَ، مِنْ جارٍ كُنْتُ اُكاتِمُهُ سَيِّئاتي، ومِنْ ذي رَحِمٍ كُنْتُ اَحْتَشِمُ مِنْهُ لِسَريراتي.
لَمْ اَثِقْ بِهِمْ فِي السَّتْرِ عَلَىَّ، ووَثِقْتُ بِكَ فِي الْمَغْفِرَةِ لي، واَنْتَ اَوْلى مَنْ وُثِقَ بِهِ، واَعْطى مَنْ رُغِبَ اِلَيْهِ، وأَرْأَفُ مَنِ اسْتُرْحِمَ، فَارْحَمْني.
اَللَّهُمَّ اِنّي اَعُوذُ بِكَ مِنْ نارٍ تَغَلَّظْتَ بِها عَلى مَنْ عَصاكَ، وتَوَعَّدْتَ بِها مَنْ ضارَّكَ وناواكَ وصَدَفَ عَنْ رِضاكَ، ومِنْ نارٍ نُورُها ظُلْمَةٌ، وهَيِّنُها صَعْبٌ، وقَريبُها بَعيدٌ، ومِنْ نارٍ يَأْكُلُ بَعْضُها بَعْضاً، ويَصُولُ بَعْضُها عَلى بَعْضٍ، ومِنْ نَارٍ تَذَرُ الْعِظامَ رَميماً وتَسْقي اَهْلَها حَميماً، ومِنْ نارٍ لا تُبْقي عَلى مَنْ تَضَرَّعَ، وَلا تَرْحَمُ مَنِ اسْتَعْطَفَها، ولا تَقْدِرُ عَلَى التَّخْفيفِ عَمَّنْ خَشَعَ لَها، واَلْقى سُكَّانَها بِأَحَرِّ ما لَدَيْها، مِنْ اَليمِ النَّكالِ (۱۷) وشَديدِ الْوَبالِ (۱۸).
اَللَّهُمَّ بِكَ اَعُوذُ مِنْ عَقارِبِها الْفاغِرَةِ اَفْواهَها، وحَيَّاتِها النَّاهِشَةِ بِأَنْيابِها، وشَرابِهَا الَّذي يُقَطِّعُ الْاَمْعاءَ، ويُذيبُ الْاَحْشاءَ، واَسْتَهْديكَ لِما باعَدَ عَنْها، واَنْقَذَ مِنْها، فَاَجِرْني مِنْها بِفَضْلِ رَحْمَتِكَ، واَقِلْني عَثْرَتي بِحُسْنِ اِقالَتِكَ، ولا تَخْذُلْني يا خَيْرَ الُْمجيرينَ.
اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ والِ مُحَمَّدٍ اِذا ذُكِرَ الْاَبْرارُ، وصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ والِ مُحَمَّدٍ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ والنَّهارُ، صَلاةً لا يَنْقَطِعُ مَدَدُها، ولا يُحْصى عَدَدُها، صَلاةً تَشْحَنُ الْهَواءَ وتَمْلَأُ الْاَرْضَ والسَّماءَ.
صَلِّ اللَّهُمَّ عَلَيْهِ وعَلَيْهِمْ حَتّى تَرْضى، وصَلِّ عَلَيْهِ وعَلَيْهِمْ بَعْدَ الرِّضا، صَلاةً لا حَدَّ لَها ولا مُنْتَهى، يا اَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.
وصلّى اللهُ على مُحمَدٍ وآلهِ الطَيِبينَ الطّاهِرينْ

صحيفة الإمام علي (عليه السلام) (قد اكتملت بفضل الله سبحانه)Where stories live. Discover now