فصل||1

1K 63 87
                                    

" الوضعُ قدّ باتَ جَهُولاً و لا يَرُوقَ ليّ ذَلِك، لا أحدٌ مِنكُمْ إِصْطَفَى على ثَبَاتيّ هنا. تَلَهُّفكم على رحيليّ قدّ جعلنيّ أَعَزُّ البقاءِ معكم "

تَفَوقَ كفيّها اللذان إِتَّكَلَا على طرفِ الطاولةِ الحدِّيث و عَقَصتْ جبينها ، أَدَامَتْ النَّظَرِ إلى نَسِيبها مِما جعلته يَغْتَرفْ حُنُوّ إِنْتِقاصهِ إِتِّجَاه رَقِّها في الأيامِ السَالِفةِ مُبعداً نَظَرهِ عنها.

أَطْرَقتْ بصرِها مُتَخَلِّصةٌ من غَمِّها و كان لها نِيَّةٍ للحدِّيث إلا و نَسِيبها عَرَّف :

" كلها بضعةِ أيامٍ و تَرْتَدّين البيتِ مجدداً ، صْممِيّ لذَلِك "

وَجِمتْ نفسِها على عدمِ الحدِّيث و جَرّتْ حقيبتها عَقِبَ جُسمانها إلى بابِ النُتُوءِ و تَوَارَتْ ذِكْرى تَثْقِيفها في جُدرانِ هذا البيتِ.

خالتْ بأن عائلتها امْستْ لا تَبْغَى رؤيتها في المنزلِ فغادرتهُ مُحْتَرَمةٌ عاطِفَتها ،  أَوْقَفتْ إحدى الحافلاتِ المُتجهةٍ جِهَةِ الريف و تَسَنَّمتْ طرفِها مُعَاوَدَةِ النظر صَوَّبِ بيتها و تَنَفستْ بعُسرٍ.

اكملتْ تَسَنَمها الحافلة و جلستْ بالقربِ من النافذةِ تُلقيّ نظرةٍ أخيرةٍ على مدينتها الجميلة، أَغْمَضَتْ عَيْنَيها و راحتْ تضعُ رأسها بجانبِ النافذةِ و أَكْثَرتْ من التفكير. كيف سيكونَ الريف؟ و هل بَرِّ أرضِها سيَتَآلَف مع بشرةِ جسدها؟ هل شبابها آسِرةٌ للقلوبِ مثل شبابِ مدينتها أم أنهم اسوء؟ .

فَلَتتْ زَفْرَة ضَعِيفة من فمها و أخذتْ تُحادّث زميلتها عبر الهاتفِ، ارسلتْ لها عبرَ رسالةٌ نصية ضَمِنتْ :

" خَاطَبينيّ وقتما تُوَجَّسينّ عملكِ آيرين "

دَفَنتْ هاتفها في حقيبتها و انتظرتْ سماعِ رنةِ إشعاره، مرتْ خمسُ دقائق وقتها و سمعتْ صوتِ هاتفها يُعلن قدومِ رسالةٍ إليه، فتحتْ محتوى الرسالةِ و طَالَعتها بلَهْفَةٍ :

" أهلاً مينّي، انتهيتُ من عمليّ قبل مُدةٍ و اتيتُ لأَتحدَّثَ معكِ، هل بَلَغتِ وجهتكِ؟ "

أَلقَتْ شَزَرَ طويلةِ الآمد على هاتفها  ثم خَلَّفهُ لمسةٍ منها و أخذتْ تكتبُ :

" لمْ اصلْ بعد؛ عندما اصلْ أُبَلَّغُكِ بذَلِك، تَعالي و أخبريني منذُ متى وانتِ ابتعدتيّ عن حبيبكِ؟ قبل ساعاتٍ قليلةٍ جداً إِدْركتُ ذَلِك "

غَزَالَ الرِّيف ||B.BHWhere stories live. Discover now