2

11.5K 511 217
                                    


"أنا لا أشعر به، لا أشعر به-بل أشعر باللهيب."

₯ ⚘

هذا الصباح كنت في وسَط البلدة، أكثر مكان "عصري" هنا، وما أعنيه هو أنهم امتلكوا مقهى انترنت، حيث توجد حواسبٌ حجمها مهولٌ كأنها من التسعينات، وكل عشرة دقائق عليها بنصف يورو. كان متجرًا رماديًا، شاحبًا وبدا أنه لم يتم تنظيفه منذ عصور. سكان هذه البلدة لم يهتموا بما يقوم به العالم الخارجي فحسب.

السيدة العجوز التي جلست هناك، كانت منشغلةً بقراءة مجلةٍ عليها رجالٌ يقفون بوضعيات متكلفة، وبدَت مستمتعة بتلك المناظر.

كنت على وشك التوجه نحوها، إلا أن اللافتة التي وضعتها التي حملت: "ممنوع الكلام، اجلس وادفع عند الخروج"، جعلتني أتجنب نظرتها المحذرة وأتوجه لإحدى المقاعد مباشرةً. كان المقهى خاليًا تمامًا؛ فقد استيقظت باكرًا بأية حال.

ورديتي في مقهى البلدة كانت تبدأ الساعة الحادية عشرة والنصف، وامتلكت ما يقارب الساعتان حتى ذلك الموعد. كان وقتًا كافيًا لأتم مهمتي التي جئت من أجلها. جلست على الحاسب، وفتحته. كان بطيئًا، ولم أتوقع أفضل من أدائه الرديء هذا. فتحت بريدي الإلكتروني بعد ما يقارب العشرون دقيقة من الجلوس، أي أنني فقدت يورو كامل بالفعل فقط لأفتح الجهاز هذا.

حلقت بنظري في بريدي أبحث عن رسالةٍ مهمة، وكلما نزلت أكثر في رسائلي، خالجني شعور أنها لم تصلني. حتى لفت نظري عنوان البريد الذي كتب بخطٍ عريض.

دكتورة ماتيلدا...

ضغطت على الرسالة بعجلة، عيناي تتلألآن في انعكاسي على شاشة الحاسب المغبّرة.

إن بحثكِ رائع، أساسه علمٌ عميق ومعرفةٌ متأصلةٌ بما تدرسين. سعيدٌ أنكِ في فرنسا، هل تستطيعين السفر إلى باريس لحضور مؤتمر طب الأورام لهذا الصيف؟ سأسعد بحضورك.

يومٌ سعيد.

د. كارتر سينكلير.

نبض قلبي بعنفٍ في صدري، حين رأيت الدعوة المرفقة مع البريد. كدت أصرخ سعادةً في مكاني. حملت الدعوة التاريخ والمكان، كان في غضون أسبوعٍ واحد وشعرت أنني أمتلك الكون للحظة، أرسلت موافقتي ونهضت بفخر، أتوجه إلى السيدة العجوز، أدفع لها وأخرج بدون كلامٍ كثير.

كنت في منتصف الشارع الحجري، أسير بين المنازل الملونة، التي زينت كل شرفةٍ بها بأصائصٍ رخامية، أقفز بين خطوةٍ والأخرى بسعادة. كانت النسمات عليلةً تخفف من الشمس الحارقة اليوم، لكنني كنت الأسعد فحسب، واللهيب اليوم لم يكن مزعجًا، حتى سقطت ابتسامتي أرضًا.

قد وصلت عند المقهى الذي عملت به، مقهًى مفتوح على الشارع، جزءٌ منه كان مظللًا والآخر كان تحت الشمس-وأول من رأيت كان مسيو-لا، ليس مسيو حتى-رأيت نيكولو يجلس هناك، يخاطب ليلي، النادلة التي كبرتني بعشرة أعوام.

الپيسين | La PiscineWhere stories live. Discover now