الجُزء السادس والعشرون

30.8K 2.2K 2.3K
                                    


أنا آسِف
بعد حديثه الطويل وعيناي التي أبت أن تُغلق أو تبتعد عن التحديق بوسعٍ بوجهه المُتألّم، إعتذرَ لي وبقيتُ أنا صامتٌ مكاني لا أتزحزح، كما لو أنني فقدتُ قدماي هُنا، في هذه البُقعة.

أحتاجُ بعض الوقت لنفسي
رفعتُ يدي فوراً بقلبٍ خائف حينما قال، أُمسك معصمه الأيمن إلا أنّ نظرته الصارمة والحزينة جعلتني أُرخي يدي ببُطء حتى أفلتّه وأفلتُّ جُزءً كبيراً من دموعي أيضاً.

لم أقل شيئاً مُجدداً، صمَتُّ، أخيطُ شوكة الكلمات في قلبي، أحبس نحيبي داخِلَ صدري، أضغطه بشدة هُناك حتى أصبحَ تنفسي ثقيلاً جداً. أجل هذا هو المكان المُناسب، مكانكِ يا نبرتي المرتجفة، يا جُرحي النازِف الذي أبيتَ أن تكونَ حنوناً علي ولو لمرة.

سارَ هو وحيداً للأمام وبقيتُ أنا ليبللني الحُزن، أهو مَطر ما يسقُط الآن؟ أم أنّ تلك خيباتي وحُبي، أجل رُبما أنّ هذه القطرات المتساقطة هي أنا فلم أعهدني مُتماسكاً أمامه ولو لمرة، لم أعهدني ثابتاً، أو قادراً، كنتُ ممزّقاً مشتتاً، أحاول حتى أن أخفف من حدة تسربه من عيناي وكلماتي.

رفعتُ يدي أمررها على وجهي، إنها ترتجف بشدة كما حالُ قلبي.

ولكن هُناكَ ضحكة تتسرّب من فمي بخفة، رُغمَ عيناي النازفات

آه أجل مللتُ الحُزن
قلتُ لنفسي أضحك ولكنّ الولع في داخلي لم يهدأ ولو لبرهة، أشعر بالإحتراق داخلي والطقس بدا ضبابياً أكثر من عيناي التي أصبحتُ أمسحها بخشونة وعلى شفتاي إبتسامة

أجل أُتركني في كل مرة جُنغكوك، أنتَ مُعتادٌ على الرحيل
وأنا مُعتادٌ على البقاء، مِثلَ طفل يعلمُ أنه لو سارَ بعيداً عن أباه ضاع إلى الأبد.

أخذتُ بخطواتي بعيداً عن الطريق الذي سلكه، أجفف دمعي بكمِ قميصي المُبلّل وبلا جدوى، لا قميصي جاف ولا عيناي، أظنُ بأني أُجيد البُكاء أكثر من أي شيء في العالم، أظُن بأنّي أحمق، وبأنّ تأثير الكلمات وقعَ محفوراً في قلبي منذ الصغر

ولكن ماذا

ماذا لو كان حُبك مجرد وهم وسراب

ماذا لو كان كل شيء أعيشه الآن من وحي اللاوجود والخيال

التفكير بذلك ينهشني، ولا أعلم لماذا نفسي تُحِب أن تُنهش بهذه القسوة، لا أعلم لماذا تحبك نفسي أكثر مني

ولكن..
لكنّ هذه الفكرة، كلما شعرتُ بأني أغضب منك تقتلني!

هذه الفكرة بأنك لا شيء، لا شيء أبداً، أو بأنك سترحل عني لمجرد قولٍ تافه قد أنطقه، بأن أصغر الأشياء قد تقتلنا وتقتل إرتباطنا، تخنقني، تُبكيني، تزهق روحي أُقسم.

ليالي الرَّبيع|TKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن