الفصل العاشر

221 37 30
                                    

حين قابلت عند مدخل الغرفة أصدقائي الذين هرعوا إلي فزعين، خارت قواي لأقع على الأرض وأدخل في حالة من البكاء الهستيري. عانقتني حبيبة فورا وهي تهمس لي أن أهدأ:

- نحن هنا صب، كنا نلقي نظرة على الغرفة الأخرى كما أخبرناك، أعتذر منك!

قلت بين شهقاتي بوهن وصعوبة:

- إنه نفس البيت... نفس البيت الذي رأيته في الحلم! تلك الدمية... لقد رأيت تلك الدمية!

عم صمت غريب، حدق أربعتهم ببعضهم البعض بنظرات مستنكرة، ثم همست حبيبة بصوتها اللطيف مجددا:

- أية دمية بالضبط صَب؟

التفت لأشير للدمية المرمية على الأرضية بأصابع مرتجفة، غير أن الدم توقف عن جريانه الطبيعي في شرياني حين نظرت وتصلبت مفاصلي، إذ كانت الغرفة خاوية تماما، فارغة من كل شيء عدانا، لا سرير، لا أثاث، ولا دمى.

حالة الصدمة التي تلبستني أخرست صوتي نهائيا وبت غير قادرة حتى على البكاء. سمعت صوت بيان تعاتب إلهام بقسوة:

- ما كان يجب أن ندخل لهذا المكان، أخبرتكم أن صبرين متعبة وسوف يزيد هذا الحدث الأمور سوءا.

ردت إل بحدة:

- إنها ترى أشياء كثيرة ويختلط واقعها بالوهم، أريد أن أدرك الحقيقة خلف ما يحدث لها!

علق أيهم ببرود محدقا فيها بذات النظرة المعاتبة:

- هلوسات إل، إن اسم ما تعايشه هو الهلوسة لا غير، ونحن زدنا الطين بلة!

أوقفت حبيبة جدالهم وهي تساعدني على الوقوف بعناية:

- كفوا عن الشجار، فلنغادر هذا البيت اللعين ولننسى هذه القصة إلى الأبد.

جررت خطواتي بصعوبة وأسندتني حبيبة كي لا أقع، كنت خائرة القوى، أعايش حالة من الإنهيار الشديد. لم أقو حتى على الإصرار والدفاع عن ما لمحته، إذ بدأت أصدق أنني قد أصبت بالجنون. شعور مؤلم تملكني، شعور يستحيل وصفه أو تجسيده.

أسندني أيهم على كتفه من الجهة الأخرى حين كنا ننزل الدرج. هدوء قاتل خيم على المكان حتى بلغنا المخرج وعانقنا صوت القرآن ليقشعر له جسدي ويزيد على ثقل مفاصلي ثقلا جديدا.

ساعدت بيان إلهام على حمل الحقيبة الثقيلة ثم واصلنا المسير خارجين من البيت نحو الحديقة. كل شيء بدا هادئا وساكنا كما تركناه قبل أن ندخل. أغلقنا الباب خلفنا لينطوي على أسراره الدفينة وأكملنا طريقنا خارج الحديقة.

دموعي لم تتوقف، وشهقاتي استرسلت كل حين، ولم يتجرأ أي منهم على أن ينبس بحرف. كانوا قلقين جدا، ولربما كانوا يفكرون أنني قد جننت رسميا، وبعيدا عن صعوبة هذا الظن بي من قبلهم، فقد كنت بدأت أشاطرهم الرأي.

الموؤودةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن