الغصن الذي كان وحيدًا

1.8K 84 44
                                    

-ڤارتولو

في حياتي القصيرة هذه، رأيت الكثير. عشتُ ما يكفي ليجعلها تبدو وكأنها الأبد. وخلال هذا الأبد القصير، استطعتُ أن أتعلم كيف أجابه هذه الحياة جيدًا. ذلك لأن كل نوبة من الأمل، كانت تترك خطًا ساخرًا على جلدي، وكل خطٍ خلفته الحياة -على أنه كان في الغالب أرفع من الخيط- كان أعمق من سواد الليل الحالك. لذلك السبب بالضبط، تعلمتُ أن الأمل غذاء العاجزين. السبب الوحيد الذي يجعلهم ينظرون في المرآة كل يوم، دون أن ينسحقوا أسفل حقيقة كم أنهم بائسون مثيرون للشفقة!

منذ وقت طويل تعلمتُ ألا آمل شيئًا، وبالطريقة الصعبة، وبمرور الأيام، كان الطموح الأناني يتشعب من الندوب التي خلفها الأمل العاجز. وهكذا، ولد ڤارتولو. الرجل الذي يحصل على ما يريده، حتى لو كان ما يريده هو صغير أرنب بين أنياب ذئب!

تعلمتُ، تعلمتُ ولكن، الحياة لا تسير بهذه البساطة رغم ذلك. إنها قذرة وملتوية، غادرة، وقادرة على وضعك أمام نفسك فوق ميزانها الجائر.

حين وصلتُ إلى مرحلة، آمنتُ فيها بمبادئي الخاصة وطرقي المعبّدة بالذنوب. خرج هو أمامي، مقتحمًا كل حواجزي الصلبة، وساخرًا هكذا من كل ما اعتقدته عميقًا في رأسي!

لماذا أقف كالبائسين أمام منزله مثلًا؟! قلتُ أن الأمل هو غذاء العاجزين، فلماذا ما زلتُ آمل أن أراه؟ لماذا تصوره يقف أمام تلك النافذة المغلقة يدغدغ قلبي الذي ظننته لا ينبض سوى للانتقام؟

أخذتُ نفسًا عميقًا، وأخرجتُ هاتفي من جيت سترتي. ومن دون النظر إلى الشاشة، كنت أعرف المزعج الذي يتطفل على خلوتي بكل إصرار!
«ماذا تريد يا ميدات؟!»

«أخي، إن السيد سليم هنا ويصر على رؤيتك...»
قال ميدات عبر الهاتف، ثم خفض صوته قليلًا، على ما يبدو أنه لم يرد أن يسمعه سليم.
«إنه غاضب جدًا يا أخي»

تأففتُ بانزعاج.
«حسنًا يا ميدات، حسنًا! قل له أني قادم، لينتظر»
أغلقتُ الهاتف، وألقيتُ نظرة أخيرة على ذلك المنزل، تنهدتُ بعمق.
«حسنًا. يبدو أن قصتنا التي لم تبدأ بعد، سوف تنتهي هنا يا سيد ياماش. أرجو ألا تجمعنا الطرق مرة أخرى.»

وضعت يداي في جيوب سترتي، وتحركتُ مبتعدًا، إلى طريقي المليئة بالقذارة!

..................

وصل ڤارتولو إلى منزله، واستطاع عند المدخل أن يلمح الكآبة التي تخيم على المنزل المقابل، أخذ نظرة فاحصة، واستدعى الأمر وقوفه طويلًا. في ذلك المنزل يعيش أشخاص سلبوه حياته، هؤلاء الناس في هذه اللحظة يعيشون الفقد الذي عاشه بسببهم. أليس عليه أن يكون سعيدًا؟

أغصان شجرة لا تصنعُ بيتًاWhere stories live. Discover now