الفصل الثالث

53.8K 2.9K 380
                                    

الفصل الثالث.

لحظات من السكون سيطرت على المكان بأكمله، كلاً من شمس ووالدي سليم أصابتهم الصدمة، حتى خرست ألسنتهم، وغرقت عقولهم في إيجاد تبرير قوي لوحش كان يحتضر أمامهم بداية من صوت أنفاسه المرتفعة المشحونة بأعلى درجات الغضب، وجسده المتشنج نتيجة لانتفاض عقله بسبب باقة الورد الخاصة بزوجته المصون.

تراجعت شمس عدة خطوات للخلف، تلتصق بباب المطبخ وهي تراقب الوضع بأعين مذعورة، وكأنها تشاهد فيلم رعب.

التفت سليم إليها ينطق في همس شديد ولكنه اخترق كل خلية بجسدها:

- انسة..

حركت رأسها في نفي، وعيناها تطلب هدنة قصيرة تستطيع بها خلق أي تبرير له، ولكن الصلابة والجحود سيطر على عينيه التي كنفتها تحت وطأة غضبه وقسوته، فأدركت ما سيحدث لها في الخطوة التالية.. فاجأها حينما كرر كالمجنون لقب " أنسة" بنغمات متأرجحة ما بين الهدوء الخافت والانفعال المفرط..

اقترب منها بخطوات واسعة وهو يردد ما يفعله...وسألها بنبرة حادة مرتفعة بعض الشيء، جعلت جسدها يرتجف تحت قبضة يده التي قبضت فوق مرفقها.

- أنسة؟.

- وربنا مدام.

ردت بعفوية شديدة، تشبه طفلة صغيرة تنفي فكرة سيئة التصقت بها من العدم.

وقبل أن يفتح سليم فمه، اوقفه يزن حيث ظهر فجأة..والتقط باقة الورد عنوة منه..
قارئًا الورقة في صمت، ثم ابتسم باستهزاء مردفًا بصوت خافت:

- شوف حركات البنات ياأخي .

امتلئ وجه سليم بالضيق وعلامات الاستفهام، حيث وقف يزن حائلاً بينه وبين شمس التي مازالت على حالة الارتجاف والتوتر..

- متعليش صوتك قدام ابوك، علشان هيديني دروس في الاخلاق، الورد يخصني.

للحظة هُيء له انه استمع صوت صكيك أسنان سليم، راقب ملامحه المهدده بإنفجار بركان غضبه..فسارع يزن بكلماته المرتفعة يخبر شمس في مزاح ..

-  بواقع خبرتي، أكيد غلطوا في العنوان..يلا يابنتي حضريلنا العشا.

وفي اللحظة التالية، قبض فوق يد سليم يشده خلفه رغمًا عنه، حتى خرجا معًا من باب المنزل.

- اطلع بس هقولك.

توقف سليم في المنطقة الفاصلة ما بين باب الشقة والحديقة الصغيرة، طالع أخيه وهو يشير نحو باقة الورد في برود تام، وكأنه لا يدرك حجم غضبه.

- الورد يخصني، في واحدة بعتته ليا..

في لحظة شعر يزن باندافعه للخلف، حتى اصطدم بالجدار بعنف، ونظرات سليم تشتعل بجنون، تزامنًا مع خروج صوته المكتوم يهدد بانفجار جامح:

ندبات الفؤاد Where stories live. Discover now