عَلى حافَّة الأدَب| ١٠

16.1K 1.1K 481
                                    

لَا أحدَ ينتظِرُ أحدًا مضَى عَلى سِكَّة الغِياب، فِي محطَّة الصَّبر إلَى الأبَد، مَهمَا آلَمه الإيمانُ بالفُراق؛ أحدٌ ترَك وراءَه ذِكرياتٍ نفيسَة، غشِيَ الغُبارُ مَحاسِنها، كلَّما دفَع الشَّوق مَن هجَره إلَى تفحُّصِها، اخترَقت عَينه فأدمعَت

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

لَا أحدَ ينتظِرُ أحدًا مضَى عَلى سِكَّة الغِياب، فِي محطَّة الصَّبر إلَى الأبَد، مَهمَا آلَمه الإيمانُ بالفُراق؛ أحدٌ ترَك وراءَه ذِكرياتٍ نفيسَة، غشِيَ الغُبارُ مَحاسِنها، كلَّما دفَع الشَّوق مَن هجَره إلَى تفحُّصِها، اخترَقت عَينه فأدمعَت.

يتَهافتُ الأشخاصُ علينا باستِمرار، مَا دامَت أبوابُ الحَياةِ مَفتوحَة، ورحيلَ أحدِهم لَن يوصِدَها فِي وَجهِ غَيره، إلَّا لَو حطَّمَها خِلالَ خُروجِه.

كُنت رجُلًا يُسابِق الزَّمن دائمًا، وقَد لاحَقتنِي دقَّاتُ زَوجتِي السَّابقَة مُفعمةً بالعِشق، حتَّى نفَد مِن فُؤادِها وقودُ الإرادَة، وركَنت عَلى رَصيفِ السَّأم، تُشاهِدُني أغرُب فِي أفقِ الإهمال. علِمت أنَّها لَن تستَطيعَ مُجاراتِي، لذلِك سلَكت طريقًا آخر مَجهولَ المُنتَهى، وفِي أحدِ شَوارِع المَاضِي استَوقَفها حبٌّ آخر، وسألَها بأدبٍ تَوصيلَة، فتعلَّق بأورِدتِها.

لَم أتَّهِمها بالغَدر، لأنَّها صانَت إخلاصَها لِي طَوالَ عُهدَة زواجِنا، وحينَما مالَ قلبُها إلَى رجلٍ آخر، طلَبت الطَّلاقَ مُباشَرة. ليسَت المُذنبَة، فأنا مَن استَثمرتُ وَقتِي بأسرِه فِي العَمل، وتَفانَيتُ فِي تَوسيعِ المَسافات بينَنا، دونَ أن أدرِي، اعتقَدتُ أنَّ الجُهدَ مِعيارٌ للمَجد، وعَليه سخَّرت كَيانِي لزَرعِ حقولِه.

مِن بعدِها، ما عبرَت الأيَّامُ بأيِّ امرأةٍ إلَى قِمم الاهتِمام، ومَا تبنَّيتُ أيَّ آصِرة مِن نسلِ الوَله، جَميعُ اشتِباكاتِي مَع الجِنسِ الآخر غَريزيَّة.

المَشاعِر فِي قاموسِي كلمةٌ أحرَقها الزَّمن، ومَا انبَعثَت مِن رَمادِها بينَ سُطورِي. لَا يُمكِنني أن أحبِس أنثَى لَم يُفسِد الإثمُ براءَتهَا فِي أبياتِي المُنحلَّة، بذلِك أقصِد لاريسَا، أيُّ علاقةٍ قَد تَجمعُنِي بَها لَن تكونَ مَصلحَة بَل استِغلَال، بحُكمِ عُمرِها. أقسَمتُ أنَّ القُبلَة الَّتِي نشَبت بينَنا بعفويَّة فِي المَطبخ لَن تُعاد، كانَت مُجرَّد هَفوة خُلِقت مِن تلامُسٍ عَفويّ.

كلَّفتُ نَفسِي بحِمايتِها منِّي، خِلالَ إقامتِها فِي مَنزِلي، إِذ أجبرَتها الظُّروفُ عَلى المُكوثِ مَعِي، ولَن أشوِّه صُورَتِي النَّبيلَة بنَظرِها، مَهما أغرَتنِي الحاجَة. جسدُها ليسَ المَكان المُناسِب لارتِكاب الرَّذائل، لكنَّها أتَتني مِل إرادتِها، تحثُّنِي عَلى تَدنيسِ بقاعِها المُقدَّسَة، وكانَ عَرضُها مُغريًا بصَراحَة.

Bed Arts| JKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن