لِقاءٌ مقدَّس| ١٧

15.4K 970 655
                                    

الرَّجُل الَّذِي عهِدتُ أجواءَه قُطبيَّة لَا تلين، مَهما حاوَلت الشَّمسُ مُصالَحتها، يتَرقرقُ فِي حرارةِ هَذا الحَريقِ العاطِفيّ، فأتوق لأغترِف مِنه لحظاتٍ عَذبة، تَروِي عطشِي

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

الرَّجُل الَّذِي عهِدتُ أجواءَه قُطبيَّة لَا تلين، مَهما حاوَلت الشَّمسُ مُصالَحتها، يتَرقرقُ فِي حرارةِ هَذا الحَريقِ العاطِفيّ، فأتوق لأغترِف مِنه لحظاتٍ عَذبة، تَروِي عطشِي. لقَد انتَهى شِتاؤُه، وتلاشَت غمائِم برودِه الحِبلَى بالوِحشَة، وغادَرت بلابِلي مخابِئها إلَى عنانِه، تُغرِّد ألحانَ اللَّهفَة، فِي مَحفلِ ربيعِه البَديع.

لَم أكُن أعلَم أنِّي سهلةُ المَنال، حتَّى استَدرجتنِي رائِحتُه الرُّجوليَّة إلَى كَمينِ الانجِذاب، هُناكَ حيثُ تهاوَيت، وشارَكنِي ظلَام القَاع، فآمنتُ بأنَّه مُنقذِي الوَحيد، ومَنفذِي الأخير. ورُبَّما كُنت ثقيلة، أحمِل عَلى متنِي الكَثيرَ مِن أمتِعة الماضِي، فمَا وسِعتُ حاضِرًا آخر، لن تَرحمه الخَيبات، لذَا عزَمتُ عَلى السَّفرِ فِي بحارِ العَلاقاتِ دون التخلِّي عَن أيٍّها، وحينَما اشتدَّت بِي أمواجُه الزَّرقاء غرِقت فيه.

لَم أعلَم أنِّي قد ثُقبت، مذ اختَرقت أولَى نظَراتِه جَفنيّ، وتسرَّبت المَشاعِر إلَى قَلبِي شيئًا فشيئا، حتَّى أصبَحت غامِرة، لَا يُمكِن للإنكارِ إفراغُها بأكملِها، وما أنقَذنِي الوَقتُ مِن الهَلاك في هواه. استَطعنا الصُّمودَ لشهرٍ كامِل، وذلِك يُعتَبر إنجازًا عَظيمًا، فاختِلاؤُنا ببعضِنا لَم يكُن لصالِحنا، رجلٌ وأنثَى في مكانٍ منفيٍّ عَن الخلائِق، يستَحيلُ أن يهزِما الإغرَاء.

لا، لَم أقَع فِي الحبّ بَل الحُبّ هُو الَّذِي وقَع عليّ، لَم أغرَق مِلءَ إرادتي، بَل هُو الَّذِي غمرنِي وأنا فِي غفلةٍ مِن أمرِي.

حينَما حدَّثنِي عَن الانجِذاب وما قَد يُوسوسُ للجسدِ باقتِرافه، خِلتُ أنَّه يُبالِغ في التَّبريرِ للجَرائِم الغَريزيَّة، ويُلبِسها غاياتٍ نبيلَة، ألَا وهِي الشَّوق، صَدق. وإنِّي الآن أشتَهي أن يزجَّ بشَفتيّ في قبلةٍ أبديَّة، فلا تُجيرُهما مِن غياهِب عِشقه مُحاكمةٌ دُنيويَّة.

هرَبتُ مِن حِجره إلَى غُرفَتي، قبلَ أن يَنهارَ صَبرُه عليّ، ويسدَّ المَنفَذ الوحيدَ أمامِي، أنفاسِي مختلَّة، ودقَّاتِي تضرِب سقفَ قلبِي بعُنف، تبتغِي كسرَه، والسَّبب ليسَ الدَّرجَ الَّذِي صعِدتُه بأقصَى سُرعتي قطعًا، بَل قُبلاته المُفترِسَة الَّتي طارَدت شَفتيَّ بلا رَحمة، جعَلتنِي أركُض خَلفَ بَصيصِ الاكتِفاء في نهايةِ النَّفق.

Bed Arts| JKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن