" الـبـارت الـثـانـي "

62 11 67
                                    

هوَ...
شَفَتايَ تَتَحَرَكان مُكَرِرَتان نَفسَ الكَلِمة..
"لِما؟"

حَتى بَعدَ كُل هذِه الشُهور .. لَم أَفهَم حَتى الآن .. لِما حَصلَ كُل هذا أَو كَيفَ حَصَل .. عَقلي يَرفُضُ الإِستيعاب ..

أَنا لَم أُكسَر فَحَسب .. أَنا هُدِمت
وَ حَتى بَعدَ إِنهِدامي .. كُل ذَرَةٍ مِني تَصرُخ مُناديةً بِرُغمِ ما رَأَته ..

يَبدو أَن مُناداتي لَكِ بِقَلبي لَم تَكُن مُجَرَدَ مُناداة .. أَنتِ أَصبَحتِ تَنبُضينَ بِداخِلي حَتى بَعدَ كُل ما فَعَلتهِ لي ..

جَعَلتِ مَن كانَ مِثالاً لِلقوةِ وَ الصُمود بِالنِسبَة لِلجَميع يَجثو الآن في مُنتَصَفِ غُرفَتِه باكياً بِكامِلِ حَرقَتِه بَينَما يَتلو الدَعَوات لِكَي يَهدَئَ قَلبُه وَلَو لِثانية واحِدة ..

أُحاوِلُ يَومياً أَن أُعوِضَ نَفسي .. أَن أُشفيها ، أَن أُرَمِمَها ..
لكِنَكِ هَدَمتِني لِحَد أَنَني لا أَعلَمُ ماذا أُرَمِم أَو كَيفَ حَتى ..

بِسَبِبك .. عَرَفتُ أَنَنا لا نَستَطيعُ تَرميم كُل ما يُكسَر بِداخِلِنا .. عَرَفتُ أَنَنا أَحياناً نَحتاجُ لِشَخصٍ يُرَمِمُ ما حَطَمَهُ غَيرُه

لكِن مَن هذا الشَخص؟ وَ مَتى سَيَأتي؟ وَ هَل سَيَكونُ قادِراً عَلى تَرميمِ ما فَعَلتهِ أَنتِ؟ هَل سَيَحتَمِلُ حُطامي؟

أَنتِ جَعَلتيني أَشعُر أَنَني يَستَحيلُ أَن أَشعُر بِالأَمانِ مُجَدَداً .. أَن أُحِبَ مُجَدَداً.. أَن أَثِقَ مُجَدَداً..

وَ سؤالٌ لِنَفسي هُنا .. بَعدَ كُل هذا ..
لِما لَم أَكرَهكِ؟ .. لِما لا أَستَطيعُ أَن أَحقِدَ عَلَيكِ حَتى؟
أَنا أَكرَهُ نَفسي لِأَنَها لا تَستَطيعُ كُرهَكِ!!

تَعِبت ..
بِحَق تَعِبت..

.....

كُنتُ في مَكانٍ مُظلِم أَكادُ أَرى نَفسي بِه.. هُناكَ العَديدُ مِنَ البَشَر حَولي لكِنَهُم غَيرُ ظاهِرين كَأَنَ العالَم إِحتَلَهُ ظَلامٌ حالِك أَبَدي

كانَت قَدَمايَ تَقوداني دونَ وَعي بَينَ هؤلاءِ البَشَر في طَريقٍ طَويل حَتى وَصَلتُ إِلى مُنتَصَفِ المَكان

فَـظَهَرت كَـالمَلاكِ مِنَ العَدَم .. مُضيئَةٌ بِمُفرَدِها ..

إِقتَرَبَت مِني بِفُستانِها الأَبيَض .. واقِفَةً أَمامي لِيَتوَسَع مَجالُ الضَوء وَ يَشمِلَني مَعَها

كانَت عَيناها مُرَكِزة بِخاصَتي مِن خَلفِ القِناعِ الأَبيَض الذي تَضَعه بَينَما تَزَيَنَت مَحاياها بِإِبتسامةٍ دافِئة ..
شَعَرتُ بِأَنامِلِها توضَع عَلى خَدي وَ أَغمَضتُ عَينايَ لِلَحظة بَينَما أَشعُر بِجَسَدي يَقشَعِر

" Book or Coffee? "Where stories live. Discover now