" الـبـارت الـسـابـع "

37 8 4
                                    

هوَ...
لَم أَستَيقِظ أَثرَ مَشهَدٍ دراماتيِكي وَ تَسَلُل أَشِعة الشَمس مِن خِلال النَوافِذ إِلى أَجفاني وَ أَنا في سَريري المُريح
هذا يَحصُل في المُسَلسَلاتِ فَحَسب..
فَـأَنا كانَ إِستيقاظي أَثرَ صَوت المُنَبِه خاصَتي لِأَفتَحَ جِفنايَ وَ أَنا أُجاهِدُ حَتى أَتذكَر مَتى غَفَوتُ عَلى مَكتَبي بِهذِه الوَضعية التي تَجعَلُني أَشعُر كَـمَن فُصِلَت فَقراتُه إِلى نِصفَين حَرفياً!

وَ بَعدَ مُعاناة مُحاوَلات مُتكَرِرة لِلنهوض.. إِتَجَهتُ ناحيةَ السَتائِر أَفصِلُها عَن بَعضِها ليُقابِلَني مَنظَرُ مَديَنةِ لَندن التي أَكادُ أُميزَها مِن كَثافَةِ الضَباب وَ الظَلامُ الذي يَسودُها بِرُغمِ أَنا الساعة 7:30 صَباحاً بِالفِعل .

حَسَناً هذا هوَ واقِعُنا جَميعاً
الواقِع البَعيد عَن ما تُصَوِرَهُ المُسَلسَلات
لكِن .. هَل بُعدُه عَن تِلكَ المَشاهِد يَعني أَنَهُ بَشِع؟

كَلا ، فَـهذِه حَماقة
تِلكَ المِثالية التي تُعرَض عَلَينا في الشاشات مُمَثِلَة مَفهوماً لِلحَياة الطَبيعية النَموذجية ماهوَ إِلا كِذبَةٌ فَحَسب

وَ كَلا ...
لَيسَت كُل الأَيام بِجَوٍ واضِح ..
لَن تَستَيقِظ في سَريرٍ مُريحة عَلى زَقزَقة العَصافير ..
لَن تَجِدَ عائِلةً بِمزاجٍ مِثاليٍ عَلى الدَوام تُخبِرُكَ بِـ(صَباحِ الخَير) ، أُم تَحتَضِنُكَ ، والِدٌ يَمزَحُ مَعَك أَو أَشِقاء يُغيضونَك وَ يَذهَبون مَعَك في نَفسِ الطَريق ..
لَن تَرى حَبيباً يَقِفُ مُنتَظِراً بِحُب مِثلَ كُلِ يَوم أَو أَصدِقاء يَقِفزون مُفاجِئينَ لَك مَعَ قَهقَهاتٍ مُتتَالية
لَن تَحظى دائِماً بِأَعلى الدَرَجات عَلى مُستوى صَفِك أَو مَرحَلَتِك

لَن تَجِدَ كُل هذا المُسَمى بِالحَياة .. لِأَنها لَيسَت حياة في الأَصل
الحَياة مَليئة بِالشَوائِب ، بِالتَعَب ، بِالمَشاكِل وَ الأَذى ..
وَ الأَهَم أَنَ الحَياة مَليئة بِالعُيوب وَ إِنعِدامِ المِثالية

وَ هذا لَيسَ بِالشَيء السَيء ..
فَـالجَمال لا يُنفى وجودُه بِإِنعِدامِ مِثاليَتِه ،
بَل عُيوبُه هيَ ما تَجعَلهُ يَتَسِمُ بِمَحاياه التي توصَفُ بِالجَمالِ

" ما هذا التَفكيرُ الفَلسَفي مُنذُ الصَباح ..
عَقلي نَشيطٌ جِداً عَلى ما يَبدو "
نَطَقتُ بِهذا وَ أَنا أصَوِبُ نَظَري عَلى المِرآة أُراقِبُ قَطَراتِ المياه التي تَنسابُ بِبُطئ عَلى وَجهي حَتى خَرَجَت قَهقَهات خَفيفة مِني قَبلَ أَن أَتوَجَه إِلى المَرحَلة التالية في تَجهيزِ نَفسي
قَميص أَبيَض وَ بِنطال أَسوَد معَ سُترة طَويلة بُنية .. تَمَ الأَمر

كانَت المُحاضَرات تَبدأ مِن الساعة الـ 8:30 لِذا ذَهَبتُ ناحية الجامِعة مُباشَرة ،
وَ بَعدَ وَقتٍ طَويل إِنتَهَيتُ مِنَ المُحاضَرات التي لِوَهلة شَعَرتُ أَنَ حَياتي سَوفَ تَنتَهي قَبلَ أَن تَنتَهي هيَ ...

" Book or Coffee? "Where stories live. Discover now