ضالّ|07

79 16 25
                                    

طاف بيكهيون حول مكتبه ألف مرة وكأنّه أضاع روحه بين كوّم مِن الأموات.

" وفي هذه اللحظَة أدركتُ أيضاً أن إنتِظاري يَهزء بي."

دقّ الطاولة بالقلم وكفّ عن رؤية الأوراق المُتناثرة على قبره.

" قد اخترقتني كصاعقة وشطرتني نصفين:
نصف يريدُها، ونصف يتعذب لأجل النصف الّذي يريدُها. ما خطبك بيكهيون؟
لقد غيرت فيّ صِفات بتُ اعجز عن تصديقها. "

سبّ حظه كلّما تذكر أنّه السبب في اقحام نفسه بعدةِ نِزاعات، نزاعٌ نفسي بينه وبين نفسهِ الكارِهة للحبّ ونزاعٌ جسدي مع الأثنتين. بتر تفكيره دخول حارس المبنى إليه، قد اتى له مُسرعًا بعد أن سمع من الملئ أن رئيسه يُناديه.

" اطلب سيدي. "

تشيطن عليه وألقى الكأس أرضًا.

" جدوها لي، لا تدرُكني جسدك إلّا وهي بين مخالبُك. "

انحنى له وغادر مُسرعًا، توجّه بيكهيون إلى المرآة وخاطب نفسه:

" - أتُحبها بيكهيون؟

- لا أدري، و لكن غِيابها يجعل وجوه الناس شَاحبة، و رائحة الهواء مُغبرة.

- إذن فأنتَ تُحبها!

- دعكَ من تضخيم الامر، فقط غيبتها تبدو كَثقبٍ أسود يَبتلعُ ألوان الكون حينَ يطل عليّ، ثم يعيدُ ما اختلسه مِن البهجةِ حينَ تعود!

- بالتأكيد أنتَ تُحبها!

- دعنا لا نتسرعُ في الحكمِ رجاءًا، كلّ ما في الأمر أن غيابُها غربتي."

أرخى اصابع يديهِ لتتملّص خُصلات شعره وتشهقُ شهيق الحياة، قرنيتهِ تلّونت بالأحمر، كلّ عرقٍ في جسده قد برز مِن بليّة روحها. خدشت كرامتهِ دون أن تدري.

" فليتهشم قلبك لا بأس، لكن لا تدع كرامتك تُخدش ."

عاد ينظر إلى نفسه وضحك ساخرًا.

" كرامة! كم حرفٍ بقى منها يا تُرى، هل خُدشت باكملها؟ "

" لا تيأس بيكهيون، رُبما تغدو رجلًا في الغد. "

" رجل! أيّ مُصطلحٌ هذا؟
تعثرت رجولتي برداءِ أنوثتِها، حطّمت كلّ عهدٍ عُقد بيننا، كسرت خشونتي. "

" وإن أغراك تكاثر النساء من حولك ما هُن إلا لؤلؤًا من عقدٍ خلخالي. "

هشّم زُجاج المرآة وفوّض المغسلةِ سندًا له، خِصامٍ ليس بسهلٍ تمرّد على شيطانهِ، كلّ ركن في عقله صاح مُتحيرًا، من سينتصرُ في النهاية؟

" وجود تلك في حياتي جعلني انسى كيف أُحب، لا افقه شيئًا عن الحُبّ، جسدي يعجُّ بالكراهية. "

فوضى | ما خطّه نبضيWhere stories live. Discover now