ما بك؟ |10

52 11 22
                                    

شجارٍ دام لساعاتٍ مُتأخرة مِن الليل، اصواتِهم تدوّي مع حِدّة البرق، كلّما هدِء الوضع شَنّ بيكهيون الهجوم.

جفّ فمه هاذرًا في كلامه.

" انسي ما وَقع مِن حديث وغادري البيت، لا تظهري لي في كُلّ زمانٍ ومكان. "

" بيكهيون... "

جرّها مِن سترتها وفتح الباب طاردًا إياها خارج محوّر منزله.

" عودتُكِ إلى هذا الجسد سيكون شيئًا سيئًا، ودخولكِ إلى هنا سيكون أسوء!"

افلتت يديه وأقلّت نفسِها إلى سيارتِها قائلة:

" لعلمُك لم أقم بزيارتُك لأرضيك، أتيت لأقول لك بأن.."

ركبت سيارتِها وفتحت نافذتِها تُتّمم حديثها.

" لا تهتم. "

تغرّبت عن مجالِ رؤيته فوَدّ ابتعادِها إلى آخر الدّهرِ، غَمٌّ نأى عنه، حِمل خفّ عن صدره، أيّ شيءٍ رَثّ تنحّى عنه، فالمَكسُورُ لَا يُضِيء. كان يتوّق لليلةٍ مُستطابةٍ وانقلّبت إلى مُرّ بلّعه.

جَاثِمة على الأرضِ وبين يديها قطّةٌ صغيرة، تُدَلك جسدِها بلطافةٍ وتُلاعبها برّقة، وجودِها مع القِطّط يُعيد إليها الحياة، فهنَّ قادرات على مَنحِها سعادةٍ وافِرة، فأن تجمع العسُر بها وَسِعنَّ صدرهنّ لها.

" الوحيدة الّتي تجلُب الدفئ لي؛ أنتِ، أزعجكِ بتُراهتي الطويلة ولا تَبرُّمين عليَّ، أحسدُ نفسي عليكِ. "

وضعت رأسها فوق القطّة وأخذت تمسح عليه، عَالجت صُداعِها، خفّفت أنينِها، شُفِي جرحها، اِلتحم قلبُها. بَغتة؛ داهم الخوّف سكّينتها ووثبت القطّة فارّة مِن الشَقِيّ الّذي يقبعُ أمامِها، بعدئذ انفصلت القطّة عن ميني، استفاقت تُناظرُ امامِها، شابٌ طويل القامةِ، ذو هيئة حادة يُطالعُ بِها. نهضت مِن بُقعتِها وأهملته حتّى حسّت بيديها تُلامس يديه. أقصاها صوب الحائط وشَدّ على عُنقِها ينتزعُ الهواءِ مِنها، حاولت التملّص منه وجهدها إنقضى بالرعشةِ بعد أن تسلّلت يديه إلى خُصرها تُعرّيه مِن كسوتِه. نالت جزءًا منه وعَضّت طرف يديه حتّى بانَ على محيّاه الألم، فرّت هاربة منه بينما عينيها تُناجي الشارِع علّه يُهديها بشرًا كهدية!

دُون تأخير عجزت عن الحركة على أثر برُوز جسده أمامِها، أسعفت نفسِها وتراجعت بخطواتِها إلى الخلف ومِن ثُم ركضت باتجاه منزلِها القديم عسى ولعلّى يظهر أبن عمِها وتحتمي به، رغم أنّها لا تتخيّل أنّه قد يُساعدها بشيء. إِلتجأت إلى احضان فُتحة ضيقة بالكادِ وَلج جسدها بها وكتمت أنفاسها. اقترب منها وحسّ بوجودِها إذ بَزغت روحِها أمام عينيه وعجز عن أمساكِها فأن صُغرِ المسافة عوّقت حركته فإضطرّ المُغادرة، فبقائهِ هُنا معها لن يُجدِ نفعًا. تنفّست بمشقّة وصمِّمت البقاءِ في مكانها إلى حين بزُوغ الفجرِ.

فوضى | ما خطّه نبضيWhere stories live. Discover now