٣٧ | المرونة والثقة |

6.1K 581 499
                                    


نيويورك، مقاطعة مانهاتن، آب تاون.
٢٠/٠٢/٢٠١٨
٦:٠٠ مساءً.

الموسيقى الخلفية تعزف، مزيج من ضربات الطبل وهزات أوتار الغيتار.. طبقة الصوت المتوسطة تخلق دفئا خالصا في الغرفة وكأن الكلمات تعانقني وتمدني بطاقةٍ أكبر حتى أزيد من مرونة جسدي.

قمت بشد قدمي اليمنى وأنا أرفعها عاليا وأكثر ضد الرابط المطاطي المُعلق فوق بينما أُحافظ على وقفتي ثابتةً على قدمٍ واحدة، اليسرى. تمسكتُ بالدرجات الخشبية عبر مد يداي نحوها لأنها ملتصقة بالحائط وهكذا امتدت جذعي في خط مستقيمٍ عُرضي وفرقت قدماي جيدا بين الأعلى والأسفل طوليا، تسمرتُ مكاني مُكملة عد الثواني داخلي ومتأملة إمضاء دقيقة كاملةً على هذه الوضعية وبالتالي أصل للحد اللازم للتحمل.

صوت دندنة آرثر مع الأغنية خلفي جعلني أُطل عليه من الأسفل، وبسبب وضعيتي لم أكن قادرة على رؤيته شخصيا لذلك نظرت لانعكاسه عبر المرآة القريبة والممتدة على طول الحائط الأيمن، شعرت بالألم من الوضعية المعوجة لرقبتي ولكن مشاهد نِفاقه من خلال غنائه ورقصه مع أُغنية لطيفة ورومانسية كهذه مثير للضحك.

«أنظري للنجوم، أنظري كيف تضيء من أجلكِ»

كان يردد الكلمات ويستدير حول نفسه بتوزنٍ وثباتٍ، يحرك قدمه اليمنى عاليا بينما يرتكز على يُسراه منفذا حركات الباليه بمهارة.. إنه نوع الرقص المفضل لدى عائلتهم وحتى طبقتهم في فرنسا، وكثيرا ما هم يتمسكون بفلسفة البجعة البيضاء والبجعة السوداء وكلاسيكياتها.

«ومن أجل كل ما تفعلينه

فجأة حرك يداه في الهواء فارِدا إياهما وهو يقفز مفرقا قدميه برشاقةٍ أكبر، ابتسامته تتوسعُ بصدقٍ كبير، كبير جدا لدرجة بروز صف أسنانه الأمامي ومعها غمازاتهِ. مشهدٌ لا يتكرر كثيرا، نادر مثل شهابٍ يَمر كل ألف سنة، دفعني لترك تدريبي والوقوف مشاهدةً إياه يعيش أفضل لحظاته وأقلها حيث لا يضع قناعه الذهبي أو يرسم ابتسامته الجانبية المستفزة لمن حوله.

«نعم كلها كانت باللون الأصفر

ولكن آرثر فقدني لحظة سماعي ذِكر المُغني اللون الأصفر، توسعت ابتسامتي بسبب تذكري ديلان وفكرتُ لو أن آرثر كان ليكمل عيشه هذا الجو الشاعري إن علم الرابط بين اللون وديلان، بكل تأكيد نحن نتكلم عن ديلان المُزيف ولكنها النسخة التي قادتني له في النهاية وجعلتني أتعرف على جوهره...

«فمضيتُ إليك وكتبت أغنية من أجلكِ ومن أجل كل الأشياء التي تفعلينها وكانت تدعى بصفراء

كاراميل Where stories live. Discover now