٦٠ | لاعقي الحب من السكاكين |

6.6K 569 986
                                    

«أنا لن أترككِ بمفردكِ هنا آمور، على هذه الحالة بالتحديد لذلك لا تكوني عنيدة إلى هذه الدرجة وقدمي لي رقمًا لأي شخص مقرب منكِ قادر على البقاء بجانبكِ.»

لقد تأكدنا، عليكِ أن ترحلي.
لقد تأكدنا، عليكِ أن ترحلي.
لقد تأكدنا، عليكِ أن ترحلي.

كان رأسي يهتز بسخرية، ضحكتي تتسرب للخارج مع أنفاسٍ مشتعلة ولم يسعنِ وقتها إلا رفع إصبع واحد نحوه وترديد كلماتي. «أنتم مجموعة من الحثالة التي لا تستحق أي فرصة، يمكنني الاعتناء بنفسي لوك لذلك انقلع خارجًا وأكرمني بصمتكَ.»

تصارعت أنفاسي مع دقات قلبي، كلاهما يحاولان أخذ صدارة الصخب ولكن فجأة بدأ طنين رأسي يتفوق عليهما. شيء ما حولي لم يبدو طبيعيا أكثر من السابق؛ ورؤية لوك يتقدم نحوي يزيدني اضطرابًا فقط إلى درجة أن كل آلامي الجسدية لم تبدو شيئًا مقارنة بالوجع الطاحن بالداخل.

«لقد أخبرتكِ أنني آسف، أنا لم أعنيها بتلك الطريقة. ألا ترين حالة ديلان المتدهورة؟ لا تأخذي الأمور بشخصية هكذا بينما بالكاد نتمكن من الوقوف دون تمايلٍ أو سقوطٍ—»

آوه أجل، عليكَ أن تكون آسفًا، على جميعكم أن يكونوا كذلك!

لقد استدرت، أتذكر هذا التفصيل بوضوح على عكس نسياني لكل هراءٍ آخر قد تفوه به هو خلال لحاقه بي.

كيف انتهى بي بالأعلى؟ أو في غرفتي؟ أو مرتميةً على الأرض قرب سريري، زاحفة نحوه ومتخبطةً مثل الصريع هناك. أحاول محاربة الحمى، الألم، الارتعاش، الانهيار، الضعف، الكوابيس والشياطين.

في لحظة ما أسبح وسط الحمم وجلدي يذوب وأنا أصرخ بأعلى صوت، وبلحظةٍ أخرى أمتلك أجنحة وأطيرُ بين الغيوم مثل أي طيرٍ حر ينافس الرياح؛ ثم فجأة أفقد ريشي، تنكسر عظامي، أهوي؛ أو أتماسك وأستقر بين الجنة والجحيم؛ وخلال كل هذه التقلبات لا أجد من أنا، وماذا أريده، وما هي غاية وجودي، وما هي أسباب معاناتي، وما هي حجج غروري، ومتى موعد مماتي؟

«ماما؟» تلك الاسم يتسرب من بين شفتّي، أهذي وأهذي. أرغب في وجودها والحصول على لمستها. أدركُ في لحظة ما أنه ليس من الصعب محاربة جرح غياب والدي الذي لم يتواجد من الأصل، بل المدمر فعلا هو محاولة التشافِي من التواجد الناقص والحنان الجارح وشعور عدم حصولك على ما هو كفاية لك من الشخص الوحيد الذي يفترض به أن يقدم ما هو غير محدود وغير مشروط، وهذا ما يتركك جائعا للأبد.

الأطفال الجائعين، لاعقي الحب من السكاكين، على كل شيء أرادوه أن يأتي بالطريقة الصعبة وإن أرادوا التمسك بما يرغبون به سوف يكون الأمر أصعب. لماذا؟ لأنها الطريقة الوحيدة التي كبروا بها وتعلموا من خلالها؛ ما هو صعب ألذ، وما هو أسهل هو مجرد خديعة، أو هو مجرد وهم.

وهمي الحلو أم وهمي المالح؟

«هيا آنستي، عليكِ أن تساعديني في سحبكِ من الحوض؛ من فضلكِ! تعاوني معي...»

كاراميلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن