| كمد الأسير |

الفصل الثاني

|صداقه وحب|

فى باجة  - فى البرتغال حالياً- سنه ٤٣١هـ ولد المعتمد  

وسٌمى علي أسم جده محمد، وكُنِيَ بابي القاسم، ولُقِبَ بالمعتمد بالله..

عاش طفولته فى قصر اشبيليه، وكبر محمد واصبح اميرا ثم ولى للعهد..
ويوصف بأنه كان شبيهاً إلى حد كبير من أبيه فى حسن القوام وعنفوان الصبا..
إلا انه كان اقل قسوة وشدة منه، يميل الى التسامح والتساهل..
وقد عرف كلاهما بالقوة والشجاعة والكرم والموهبة بالشعر.. لقد شبَ الامير بين السيف والقلم.

وحرص والده بتدريبه على الحكم فى سن مبكر جدا، فما ان بلغ ١٢عاما حتى صار حاكماً على مدينة ولبة ..

وبعد برهه قصيره عينه والده قائداً لجيشٍ أُرسل لحصار مدينة شلب للاستيلاء عليها، ولم يكن يتجاوز ١٣عاما.. وأضحى والياً عليها بعد محاصرتها، فتعلم السياسة والحرب فى سن مبكر.. 

وفى مدينة شلب توطدت علاقته بصديق تعلق به ولم يكن يفارقه واحبه حب اخوي صادق خصوصا لتشاركهما بموهبه الشعر ..
واعتبره رفيق الدرب وصديق الروح، ورغم الفوارق الطبقيه التى كانت بينهم، لم يكترث المعتمد لها..
ومن الجميل فى الامر انهم يحملون الاسم ذاته محمد!

لنتعرف علي هذا الصديق الحميم..
انه أبو بكر محمد ابن عمار المهري الأندلسي.. ولد في مدينة شلب بالأندلس لدى أُسره فقيره من عامة الناس..

وكانت نفسه شديده الطموح لبلوغ الجاه والثراء، وقد تأدب فى قرطبه، واجاد صناعه الشعر وكان شاعرا ميال للأدب..
كما تميّز محمد ابن عمار بكونه من شعراء الأندلس المعدودين في زمانه، وأجاد بالأخص شعر الهجاء لدرجه ان أمراء الأندلس كانوا يخشونه لبذاءة لسانه..

وفي يوم اشتد عليه الفقر و كانت عنده دابة ولم يجد ما يطعمها به فستعان بشعره لمدح تاجراً فى السوق..
فأعطاه  التاجر مخلاة شعير وأَسر بها ابن عمار كثيرا..
فكان يستخدم شعره لتحصيل قوت يومه ..
واخذ ينتقل من مملكه الى مملكه يمدح ملوكها لينال من كرمهم، إلى أن انتهى به المطاف الى بلاط والد المعتمد ابو عمرو المعتضد بالله..
فوقف أمامه ابن عمار ومدحه بقصيده بديعة طويله جداً تقول فى مطلعها..

أدر الزجاجة فالنسيم قد انبرى
والنجم قد صرف العنان عن السرى

والصبح قد أهدى لنا كافوره
لما استرد الليل منا العنبرا
-
فأعجب المعتضد بالله بهدا الشعر إعجاباً شديداً والذى كان شاعره و وزيره آن ذاك ابن زيدون..وضم ابن عمار إلى شعراء البلاط عنده..