آنـَسْتُ أَيَّامَـكَ

الفصل الخامس عشر "أحلام واهية"

- ماذا؟
ـ ستظل تحبني للأبد؟
ـ حتى تحترق النجوم، وحتى تفنى العوالم..
حتى تتصادم الكواكب، وتذبل الشموس..
وحتى ينطفئ القمر، وتجف البِحار والأنهار..
حتى أشيخ فتتآكل ذكرياتي..
حتى يعجز لساني عن لفظ اسمك..
حتى ينبض قلبي للمرة الأخيرة..

فقط عند ذلك رُبَّما أتوقَّف..
رُبَّما..

- أحمد خالد توفيق

______________________

بعد انتهاء من المباركات لكلاً منهما، وقفت رحمة أمامه تنظر له بلهفة وحُب يلمع بمُقلتيها وهو يبادلها نظراتها الشغوفة والملتمعة ثم أقترب منها يقبّل رأسها بعمق وعيون تلتمع بالدمع الفرح وقال :

_ يا مرحب بيكي جوا قلبي يا بنت قلبي! وصلتي مطرحك خلاص

كانت رحمة تمسك بيده بقوة تنظر لعمق عينيه وكادت تتحدث بما يجيش صدرها، ولكن تصلّب جسدها ما إن سمعت صوت بغيض يقول لها :

_ جرا ايه يا رحمة! استني لما الناس تسلم عليكي يا قلبي وبعدين اعملي اللي انتي عايزاه

رفع منذر عينيه بسرعة لمصدر الصوت الذي يشع بالسخرية والاستهزاء ، و استدارت رحمة لتلك التي تتحدث ولم تكن غيرها نورا ابنة عمتها، وجدتها تقف بابتسامة صفراء تتقدم منهما وتمد يدها إلى منذر تُعرِّف نفسها بدلع مصطنع :

_ انا نورا بنت عمة رحمة

ما إن كاد يتحدث منذر،حتي اندفعت رحمة تقبض علي كفها بحنق وتقول باصفرار مبتسمة لها :

_ معلش يا نورا يا حبيبتي، أصل منذر مش بيسلم بالأيد

ثم تحولت تعابير وجهها للنقيض ما إن شعرت بيده تحيط خصرها يقربها منه، لاحظ فعلته نورا فاشتعلت عينيها بحقد دفين، وقالت بوقاحة مقصودة حتي تُعكر صفو الأجواء بينهما :

_ بجد مكنتش اعرف! بس معرفش انك ذكية كدة يا رحوم توقعي واحد بالأخلاق دي

امتقع وجه رحمة لما تقول تلك الحرباء الواقفة أمامها، وما إن كادت تتحدث حتي صدح صوت منذر القوي يقول بجمود :

_ مع اني مش محتاج اشرح لك أي حاجة لانه ميهمنيش حقيقي ، بس هقولك ان اللي بتتكلمي عنها دي مشوفتش في أخلاقها واحترامها وأظن لو تعرفي رحمة كويس هتعرفي انها مش محتاجة توقع حد لأنها ملكة تقعد مكانها والغالي يجي لحد عندها بالرخيص كمان

ثم ابتسم لها بسمة صغيرة مستهزأة يتابع قوله :

_ واللي اعرفه يا آنسة ان الناس بتيجي تقول مبروك ربنا يتمم على خير أي حاجة بس سيادتك حاشرة نفسك في مواضيع متخصكيش بصراحة

بُهت وجه نورا بشدة، ورحمة ابتسمت باتساع له تنظر له بامتنان وحُب وهو يبادلها وكأنه يقول لها " لا تقلقي أنا بجانبك"