اقتباس 3

188 14 2
                                    

#اقتباس💞
*في قلعة صياد الوحوش.
صاح فيها بحدةٍ، يقول:

-هل فقدتِ النطق؟ ولِم الآن تتحدثين بهذه اللوغاريتمات الغير مفهومة؟ وما هدفكِ من القدوم إلى هنا؟

قلبت عينيها بتململٍ، وهي تتمتم باستياءٍ متجاهلةً استنكاره:

-عاوزني أرد أقوله إيه ابن الصرمة ده؟ طب يعني هنفضل ناخد وندي وهو قافش فيا كده؟

ابتسم بمكر عندما تحدته وأخذت تلعي بكلامٍ غير مفهوم، فرفع عنها ذراعًا وظل يحتجزها بالآخر ضاغطًا جسدها إليه، وبدأ يتحسس وجنتها بظهر يده باعثاً الدفء إلى جسدها وهو يقول بوقاحة:

-استماتتك مرضية للغرور آنسة (كيتي)! وهل أنت على استعداد لتنفيذ طلباتي ما إن أوافق على منحكِ هذه الصورة؟

هزت رأسها بتهورٍ في حركةٍ تدل على القبول، وهي شبه فاقدة للإدراك فعلى ما يبدو أن هذا ال (أرون) بارع وچان، ولديه قدرات وخبرة عالية في الاستقطاب، ولمساته المداعبة لبشرتها جعلتها بعالمٍ آخر.

بالأساس هي تكره انجذابها المغيب إليه من قبل هذا التقارب والتلامس، ولكن وهي مستكينة بين أحضانه استوحشت مشاعرها واستجابة حواسها لما يود إيقاعها به أدهشتها، والتي كانت تستنكر وضعهما المشين هذا، أغمضت عينيها تأخذ نفساً مطولاً تستمتع بهواء عطره الجذاب الممزوج برائحة ملوحة ماء البحر وعبق جسده الرجولي المعضل تسلل بسلالسة إلى رئتيها.

استجابتها إليه وإن نفرها عقلها، إلا أن ضجيج رأسه بالرفض يستنكر تأثيرها عليه أشد مقتاً فمنذ أن رآها بالصباح ورائحتها تثير شيئاً ما بداخله لا يعلم ما هو، ولكنه قرر ألا ينساق وراء غريزته الشهوانية حتى وإن كانت حقاً مثيرة ومغوية، فهناك من وضع ثقته به وترك بعنقه أمانة لابد وأن يحفظها له ويحمي سر رفيقه المقرب.

وجَّه كل حواسه ليبعد أفكاره الوقحة التي دارت عنها ومعها، وحوَّل انجذابه إليها إلى العدوانية، ويده التي كانت تداعب وجهها برقة وإغواء امتدت تطبق على عنقها بقوة، يقول بقوة وغضب:

-لا تدعي البلاهة، والتزامكِ الصمت لن يفيدكِ بشيءٍ!! حيل الجواسيس أمثالك لن تنطلِ عليَّ.

هذه المرة امتناعها عن الرد كان بالإجبار رغماً عنها، فقد أحست بضيق تنفسٍ وگأنه يعتصر قصبتها الهوائية وأحبالها الصوتية بقسوةٍ لا تعلم سببها، ولعل دموعها المتوسلة الدافئة التي فاضت بها رماديتيها تعرف طريقها على خديها ومنها إلى صدره شفعت لها ورق القاسي.
وذلك بأن خفف حدة تمسكه بنحرها، فشهقت كغريقٍ، تحاول تمرير أكبر قدرٍ من الهواء إلى رئتيها وأنفاسها اللاهثة دليل على أنها أوشكت على أن تلفظ آخر نفس لها بين يده.

أطلقت (كيتي) أنين ارتياح ولكنه لم يشفي غليله ولم يكف عنها بعد، وإنما قال مضيفاً:

-إذا كان هذا هو مذهبكِ، وهذه هي الطريقة التي ستتبعينها في عملكِ، فلن تجني من وراء هذا شيئاً، وستعرضين نفسكِ للمخاطر، خاصةً وأنت تتجاهلين أبسط وسائل النجاة.

-أنتِ حتى لم تكلفي خاطركِ وتستخدمين حبلاً أو ما شابه، هل من أجل حفنة من المال تلقي بنفسكِ إلى الهلاك؟

تمتمت بالإنجليزية وهي تتململ بين يديه، تحتج قائلةً برفضٍ:

-أنا لم آتي إلى هنا من أجل المال.

ابتسم (أرون) ابتسامةً جانبية ساخرة، وهو يقول بتقليلٍ:

- وهل تعتقدين أنني سأصدقكِ؟ فهناك الكثير من الفضوليين أمثالكِ يأتون إلى هنا سعياً وراء الصور.

-والعديد من المخرجيين والعاملين بالتلفاز يريدون أن يجعلوا من صياد الوحوش الأعظم مهرجاً في دعاياهم وأفلامهم ليجنوا مكاسباً لا حصر لها.

-أنتِ أي نوع منهم؟

حاولت إيجاد أي حجةٍ مقنعة، لذا أجابته بارتباكٍ لم يخفى عليه:

-لا هذا ولا ذاك، أنا أبسط من ذلك.
-أنا كمثل الجميع ممَن لم يصدقوا ما انتشر عنك من أخبار وتداوله الناس عنك، فشدتني تلك الخرافات.

-كما ذكرت أنت أنه فضولٌ ليس إلا.

-وعندما قابلتك في الصباح لا أنكر أنني أعجبت بك كأي شخصٍ مشهور وله معجبين وأردت صورة لك لأحتفظ بها لنفسي هذا كل ما في الموضوع.

لوى (أرون) ثغره رافعاً إحدى حاجبيه، يشدد من حصار جسدها، يضمها إليه أكثر، وظل هواء زفيره يداعب معالم وجهها القريب إليه حد التهلكة وهو يقول بينما تناوبت نظراته الارتكاز إلى عينيها الساحرتين وشفاهها المغوية معقباً بصفاقةٍ:

-لن أنكر أن هذه أول مرة تطرق فيها فاتنة مثلكِ أبواب قلعتي وتطلب صورة كمعجبة، وبهذا الإلحاح الذي تلجئين إليه.

-فكل مَن أتى إلى هنا لِعلة، ولكنني لست أبله لأصدق هراءكِ هذا، ومع ذلك سأمنحكِ ما تسعين إليه ما دام ما تقولينه لا علاقة له بالمصالح، وإذا أتيتِ إلى هنا من أجل صورة فسأكون أكرم شخص قد تقابلينه على الإطلاق وسأمنحكِ الأصل.

شهقت (كيتي) بخجلٍ وقد استدركت ما وراء تلميحاته الأخيرة، فتخضب وجهها بالحمرة، تقول محاولةً فك حصاره حولها ولكنه هز رأسه بنفي وعناد، لذا ترجته مردفةً تحاول إقناعه:

-أقسم أن هذا هو كل ما في الأمر، لقد كان لدي عملٌ في الجوار وقد قرأت ما كتب عن الشكوك التي أثيرت في الفترة الأخيرة عنك، وأخذني الشغف لآتي إلى هنا ما دمتُ على مقربة.

-أرجوك دعني.

ردد (أرون) باستمتاعٍ ولا يعلم مصدر تلك الحرارة التي تضرب أوصاله بقوةٍ وكأن هناك لغمٍ بداخله قد أوشك على الانفجار.
بينما تموت هي من شدة الحرج، ولكنه تجاهل رجائها الأخير يقول بهزئٍ يخفي وراءه الحسرة:

-شغف!! تلك الكلمة افتقدها كثيراً.

تمهل (أرون) ومن ثم أضاف:

-وهل جئتِ إلى هنا لتذكريني بها؟!

-على أي حال لا مانع لدي حتى وأنا لا أظن بأنكِ تقولين الحقيقة، فحدسي ينبؤني بأن هناك غرض وراء شغفكِ هذا.

-فقط صورة لا تستحق أن تخاطري بحياتكِ كل هذه المخاطرة وتتكبدي مشقة تسللكِ إلى هذه المنطقة النائية وتتسلقي المرتفعات نزولًا وصعوداً، ولكن لا بأس ما دمتِ تنكرين، فمع الأيام ستنكشف الحقائق.

استدارت عينها تقول بعدم تصديق:

-الأيام؟!

أومأ برأسه كعلامة تأكيد في إيجابٍ يرفع حاجبه بتشدقٍ يتحداها أن تعترض، وإذا به.........

رواية عقول غيبها العشق بقلم الأسطورة أسماء حميدة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن