اقتبـاس'¹'

390 36 19
                                    

«هل كان البقاء معي يُثقلك لتلك الدرجة؟ أحتمًا ارتأيت للرحيل هكذا دون وداعٍ يليقُ بحبيبة؟ أرضيت الآن بفراقٍ أبديٌ نُشبت مخالبه بيننا؟ إن كنت أنت راضيًا بهذا، فقلبي وروحي طافت حين فارقتها، من اللحظة التي كان سمع خبر فراقك يشطر قلبي نصفين، كنتُ أشاطرك الموت، فليس كل من غادر الدنيا ميتًا، أرأيت ميتًا حيًا قبلًا! هذه هي أنا.» 

كانت صالة منزلها تتشح بسواد الألوان، الحزن يعرف طريقه لقلوب من يجلسن فيها، الدموع فارقت مآقيها وانسابت تنعي رثاءًا لأهل البيت، تشاطرهم حزنهم وفجيعتهم في فقيدهم، ولكن من يشاطر أمًا فقدت زوجها من فترةٍ، والآن جاءت الطامة تنعي فقد فلذة كبدها!!
ومن يشاطر تلك التي لم تخرج من غرفتهما، تفترش فراشهما الأثير بذكرياتهما، بين يديها تقبع صور لم يفت عليها الزمن، ثلاثة وعشرون سنة هو عمر حبهما ظاهريًا، وعمرًا بأكمله كان عشقهما، فمن تقاسم حزنها الآن، ونصف روحها غادرها! لمن تذهب الآن تبكي على صدره وتنعي فقد حبيبها!!

شرع الباب ببطئٍ لم تعيره أدني اهتمام، لم تبالي بمن يدلف ويخرج، من يعزيها، ومني يطلب منها أن تصبر، هي صابرة والله، لو لم ينزل الله صبره عليها لفعلت أفعال الجاهلية! ولكنها عرفت أن الذي دخل ليس كأي أحد، من رائحته عرفته، فرفعت رأسها بثقل تطالعه بأعين خاوية، لم تبكي بعد، تنتظر صدر حبيبها لتبكي عليه، ولكن.. أين حبيبها؟

تمتمت باسمه وقرأه هو، اقترب بخطواته البطيئة التي تنم عن عمره، يرتكز على عصاه بوهنٍ وحزن، يجاورها في جلستها وهي ما زالت تناظره بنفس النظرات، يطالع الصور بين يديها، قبل أن يرفع مقلتيه لها يشاركها فقدها، لتهمس باسمٍ واحد، اسم الحبيب الغائب، تستنكر ما تعايشه:
_أحمـ.. أحمد يا بابا!!

وحاضنًا إياها كان رده الأبلغ، والصرخة التي شقت قلبه وحنجرة ابنته، والتي ارتفعت بقوة خشي فيها الجميع عليها، اسمه بادئها، والصرخة نهايتها، والفقد لا نهاية له.

*****

«وتلاقينا لقـاء الغرباء».

دا الجزء التاني من رواية الحبيبة «تصالحت مع الحياة لأجلك».
وآسفة، آسفة جدًا بس كان لازم دا يحصل'))

وتلاقينَـا لِقـاء الغُربَاءWhere stories live. Discover now