«اقتباس²»

115 11 4
                                    

صمتٌ قاتل كجريمته هو المخيّم عليه، كالصنم أمام جسدها المسجى يجلس، بيده سلاح جريمته، وعيناه سلاحيه الأزليين، كانتا دومًا ترى الكثير الواهم، الشكوك الغير موجودة، الخيانة الوهمية، كانتا تريان الوهم في صورة حقيقة قاتلة، والآن كالبريئتين تتلبسان رداء الندم، يسبحان بنظراتهما في بركة الدم المسفوحة أمامهما وتذرفان الدموع التي لا نفع لها! وارتجافة شفتيه تزامنت مع سقوط السكين الملطّخ بدماء زوجته وحبيبته أرضًا، تاركًا وراء سقوطه صوتًا أخرج المغيب من غيبوبته، ليضعه أمام واقعه الأكثر ألمًا، كيف فعلها وأزهق روح حبيبته الأولى والأخيرة، كيف فعلتها يداه؟ كيف استطاعتا؟ وكيـ… 

_ مـلـ.. ملك… ملـك قومي… 

كان يهز جسدها برفقٍ علها تظهر عليها علامة حياة، وأيُ حياةٍ هذه وقد طافت روحها وغادرت! بملابسها البيتية التي مُزقت بجداله المريض معها، متهمًا إياها بخيانةٍ بريئةٌ هي منها براءة الذئب من دم يوسف! وحين لم يجد استجابة صرخ بقوة، وبقوة أكبر كان يهز جسدها هزًا قويًا، وبأعين حمراء من جحيمٍ كان يلومها وكأنها السبب في كل هذا: 

_ ردي عليّ يا ملـك.. مش هتموتي وتسيبيني كدة… إنتِ السبب، إنتِ إللي شككتيني فيكِ وعارفاني مريض شك… ردي علـيّ! 

صرخ بالأخيرة بقوة ويداه الملطختان بدمائها تهزانها، وصرخته القوية هزت جدارن البيت الساكن إلاّ من صراخه، كما هزت جسد ذاك الذي يختبئ خلف باب غرفته، يراقب بأعين متسعة بشدة الحريمة الأولى التي يشاهدها، والده قتل والدته.. أراق دمائها أمامه بعد وصلة شجارٍ عنيفة ككل يوم، وها هو يصرخ فيها بشدة أن تستيقظ!! وهو كانت دموعه تهبط مدرارًا على وجهه الصغير، يراقب بخوفٍ شديد، وبجسدٍ يختض بقوة، ومع صرخة أخرى قوية من والده هزت جسده رعبًا كان يشاركه الصراخ هو الأخر بقوة ينفي كل ما يحدث معه، صراخ من كل جانب يحاوطه، صراخ وفقط. 

فتح عينيه بسرعة وقوة شديدة باتساعهما ككل ليلة، وصوت لهاثه العنيف يملئ أرجاء الغرفة المظلمة إلا منه، فظلمة روحه أشدّ من ظلام الليل الدامس، في موضعه لا يتحرك، وصوت تنفسه السريع العالي كمن كان في ماراثون ويركض حتى يصل، وقد كان ماراثون عقله الباطن هو الأشد فتكًا بروحه، فمن يخرجه منه ومن يعيد له عقله؟ ومن يمحي عنه المشهد الذي لا يموت! لا يموت ويميته هو كل ليلةٍ ألف مرة، فمتى الخلاص منه؟ 

***

_«يُتبـع»...
_«وتلاقينـا لِقـاء الغرباء».

*****

رأيكم وتوقعاتكم يا أحلى قراء.♡
يا ترى مين ده؟ وإيه إللي هيحصل؟.

وتلاقينَـا لِقـاء الغُربَاءWhere stories live. Discover now