الطريق الأول:«خوف من الخسارة».

426 30 37
                                    

_قراءة مُمتعة يا رِفاق"))

*****

البدايات دائمًا مزيفة، توهم المرء بأنه في وجهته الصحيحة، وأنه مع الشخص الصحيح، لكنها تأتي في النهاية خادعة، وتكتشف أن مكانك لم يكن لك، وأنك أرهقت في بداية لا تخصك!
تأتي لتريك الحقيقة كاملة، وأنه ليس كل بداية ملونة، ستكون نهايتها أطياف الألوان، وكم من حقيقةٍ موجعة انتشلتها من وسط غيم البداية الصافي، فلا تخدعنك بداية الأشياء.

******

انتهى من الاجتماع الذي كان يحضره وسط سادة رؤساء المجموعة، ملتهمًا كل المعلومات التي تفيد المجال، وواضعًا في رأسه ألف مخيلة وفكرة لأن تكون فكرته النهائية مفيدة للشركة، ورغم أنه مازال في البداية، يحاول ويحاول ولا يقف، يريد أن يكون فخرًا للعائلة، خاله الذي يضع كل آماله عليه، وقد رأى فيه بذرته هو في صغره، ومن شدة اهتمامه بالعمل، والأفكار التي يلقيها عليه كلما اجتمع به، جعله ذراع خاله التي يعتمد عليها، بعدما سافر ابن خاله ينهي منحته بالخارج، وفرصة العمل الجيدة التي جائته منذ تخرجه وغربته كل فترة خارج البلاد، جعلته هو المعتمد الوحيد لشركة خاله ووالدته، ورغم تعجب الكثير من عدم انتهاج نهج أبيه في ميدان الطب النفسي، أو أي ميدانٍ من تلك الميادين التي لم يستغيسها يومًا، بل كان عقله عقلًا فذًا، أفكاره في المشاريع والأعمال التجارية أقوى بكثير من مهنة الطب وما تتضمنها، ورغم اعتراض والدته وقتها، إلاّ أن أحدًا لم يقف في طريقه، بل شجعه والده كثيرًا، ووالدته لم تثنيه عن قراره بل دعمته بأنها معه في كل ما يحب، وكل ما يحب كان عقلًا عمليًا أمام الجميع، وعاطفة لا يتخيلها أبدًا من يراه بأنها من هذا الشخص العملي، صاحب النجاحات الصغيرة في بداية سنون عمله، هو تربية والدين لم تدخل القسوة أبدًا بيتهما، فماذا عساه يكون!

انتزعه من فورة شروده رنين الهاتف الذي دوى يقطع عليه أفكاره السابحة، وما إن لمح اسم المتصل، ابتسم حتى بانت نواجذه باتساع، مجيبًا على المتصل بنبرة مرحة، حانية لا تخرج إلاّ لها:
_الأميرة بنفسها بتكلمني! على كدة مفيش حد محظوظ قدي.

_تيام فينك لحد دلوقتي؟ إنت خلصت شغل خلاص.. ومحتاجة الحاجات إللي قولتلك عليها ضروري.

ردتها عليه بسرعة، وصوت اصطدام أدوات ببعضها يصل له، ليتذكر مطالبها التي ألقتها عليه صباحًا تبغيه أن يجلبها لها، ورغم أن والدهما يمكنه فعل ذلك وأي شخص غيره متفرغ، لكنها لا تسمح إلاّ بأن تجعله يجلب لها كل شيء، لهذا أجلى حلقه يجيب بإذعان:
_ من عيوني هو أنا عندي كام ماسّة يعني! بس مش عاوز أجي ألاقي دماغك طاقّة وميعجبكيش حاجة.

جاءه صوتها حانقًا يقترب من مشارف الغضب، وقد عرف من الآن أن اليوم سيكونُ عالميًا، من غضب بلا سبب، وبكاء، ونواح على أشياء لا يعلم عنها شيء:
_ تقصد إيه يا تيام!! على العموم لو مش عايز تجيب حاجة ليّ قول.. مش مستاهلة كل ده.. أصلاً مش عايزة منك حاجة.

وتلاقينَـا لِقـاء الغُربَاءWhere stories live. Discover now