مِرآة

99 14 12
                                    

أعيشُ خلفَ أقنعةِ الوهمِ مُتخفياً
وأقنع ذاتي بأني لستُ مُتهرباً
وأراقبُ نَفسي عندِ الخُطى
وأعلِمُها الطريق الذي باتَ سُدى
مازلَت نَفسي على الطريقِ مُخطئةً
تتعثرُ بكل خطوةٍ مُتكدرتاً
أيا روحي أمازال الضوءُ مُنبعثاً؟
لأني بت لا أرى في الخطى نوراً
فهَل عتمةُ الطريق دائمة
أم أن الضوءَ باتَ خافِتآ
أفا يا روحي أشعلي
أشعلي عتمتي
وأنيري مسيَري
وعلميني الخُطى
والزهرَ والريحانَ ازرعي
ارسمي طريقاً وحيداً واضحاً
أمديني بالقوةِ كي لا تَتدحرجي
أفا يا روحي أشعلي نفادَ نفسي وعودي
عودي في صَدري وكوني مَلجآ
ملجأَ نَفسي التي باتت من دونكِ عتمتآ
أفا يا روحي عودي فواللّٰه نفسي قَد اشتاقت لكِ
عودي وللّٰه فإني متُ دونَكِ
نفسي تكدرت تترنحُ تحتاجُ نورَكِ
عودي فإني بحاجَتكِ...

أعيشُ يوماً ثانياً روتينياً
واتمللُ في كُل خطوةٍ اخطوها
أعودُ إلى سريري مُتقلِباً
وأفكاري لازالت مُتضارِبة
تجعلُ نفسيتي مُتضايقة
أجلسُ بهلع بعد كابوس سيئ
ويهربُ النوم عن أجفاني بعيداً
ليلي طويل للغاية
أعدُّ فيه الثوانِ والساعات مُتمنياً متأملاً الهدوءَ والراحة
أكرهُ عتمة الليل لأني اعيشها وحيداً
احضنُ ركبتايّ واغمضُ عينايّ مُتمنياً الغفو دونَ خوفٍ
دونَ كابوسٍ يوقظني مُتعرقاً قلقاً
دونَ الخوف من النوم
أرقي يزدادُ ليلةً تلو الأُخرى
يجعلُني مُتعباً للغاية صباحاً وهذا سيئ
يُعاد شريط حياتي يومياً
ونهايةُ يومي بالحيطانِ مُتأملاً
ولازلتُ من انعكاسي مُتهرباً
في كُلِّ مرآةٍ أُصادِفُها
أُزيلُ عنها عينايّ مُتسرعاً
أخافُ على هشاشةِ روحي مِن منظري
لأني أعلمُ أني لَن أسعد بما ستراهُ عينايّ في نفسي
رميتُ مرآةَ غرفتي وأخفيتُها
كان الوضع صعباً لتجنبِ انعكاسي عليها
لكني نجحتُ بصعوبةٍ بالغة
الأهمُ أني أخفيتُها
أخفيتُ انعكاسَ ذاتي بمرآتي...

وها أنا في ليلةٍ كئيبةٍ
أجلسُ وحدي في زاويةٍ
ومشاعري في صدري تتخبطُ بقوةٍ
"ما سببُ كآبتك يا كاتسوكي اليوم أيضاً؟"
أجيبُ عقلي بخفوتٍ
"إنهُ قلبي أيها الأحمق هو العضو الوحيد الخارج عَن سيطرتك"
أمسك بهِ من فضلك وتحكم فيه وبنغزاتهِ المؤلمة
أو أوقفه عَن عملهِ مدى الحياة

ليلٌ طويل ومشاعرُ مُعقدة
الكثيرُ من الدماء والدموع
والكثير من الألمِ والبُهتان
والتمني والخُذلان
والمشي وحيداً نحو الحمام
مُتجنباً المرآة
مُتخفياً مُتهرباً
"متهرباً من ماذا يا كاتسوكي؟"
أجيبُ عقلي بخفوتٍ
"مُتهرباً من ذاتي،مُتهرباً من نَفسي
إني بت أخافُ على نَفسي من نَفسي أتُصدِقُ هذا؟"

ليتني أستطيع رمي هذهِ المرآة كما حال خاصة غُرفتي
لكنها مرآة الحمام المُشترك وسيلاحظُ الجميع غيابها
أو ليتني أستطيع رمي انعكاسي عليها بعيداً
ليتَ الزمان يُعيدني لأيامٍ كنتُ أرى نَفسي في الحياةِ مُعجزةً لا تتكرر
وكنتُ في ذاتي أرى ثِقةً عمياء لا تَتوقف
وأرى في انعكاسي ضوءً يعمي الأعين واصراراً لا يتنازل
كنتُ أرى في نَفسي تحديّاً وقوتاً
ليتني وليتني أعودُ لأيامِ الزمن الجميل
لأيامٍ كنتُ فيها سعيداً وكان كُل ما يُشغِلُني هو كيفية الوصول إلى طموحي لأصبح بطلاً
ليتني الآن أُبدِلُ صورتي على المرآة بِأُخرى أُحِبُّها
بشخصٍ جديد يُحب ذاته كما هي
يرى في نَفسه ما لا يراهُ الآخرون به
شخصاً قويّاً ذو طموح وأحلام
وليسَ كذاتي دونَ جدوى أو حتى فائدةٍ تُذكر...

وما أنا إلا شخصٌ يخافُ الحقيقة
يخافُ من ذاتهِ الواقعيّة
إنني شخصٌ لا يعترفُ بالحقائق
واستمرُ في إقناع ذاتي بشيئٍ كاذب
بأني لازلتُ بأفضلِ الأحوال
ولكني ها أنا ذا أرى شخصاً لا يُشبهني
تصادفُ عينايّ بعيناهُ تماماً
لكنهُ ليسَ أنا!مَن هو إذن؟
إنه ليسَ أنا
أنا لستُ أُمثِل ما آراه
أتساءلُ دوماً
أهي عينايّ المُخطئة،هي التي تكذبُ تجاهي أم أنها نَفسي؟
أم أنهُ أنا على حقيقتي
أنَّ ما أراهُ مُنعكساً حقيقياً
أنَّ ما أراهُ من هذا المنظر الشنيع هو ما يراهُ الآخرون أيضاً...

لكن خُططي فشلت
وها أنا اصفنُ بالمرآةِ مُنعكساً
أرى خيباتي
واتحسرُ على كُلِّ انتصاراتي
فقَد هَبت...ذهبت دونَ حتى كلمة الوداع
إني أرى شخصاً على المرآةِ لا يُشبهني
عينايّ تَكذِبُ أم أنَّ نَفسي مَن أوهمَتني
ارهقَتني؟ام أنها خدعتني
إني أرى شخصاً...شخصاً خاسراً
مُتحسِراً ونادِماً
عيناهُ ليسَت بِكاذبة
بَل هي نفسهُ المُتفاخِرة
تَكذبُ عليه بأنَ حالَهُ مُتزاهِرة
وها هي نفسهُ الواقعيّة
تُخبِرهُ أن روحَهُ مَنهيّة
وأنَّ حالتهُ ليسَت بِبَهيّة
وأنها مُجرَدُ قِصةٍ مَنسيّة
مَنسيّة...للأبد

إني أرى وحشاً!!
وإن عيناه الحمراء تؤكد هذا
إني لستُ بمكاني الصحيح
إني شخصٌ شرير
فلِما أقفُ بينَ أناسٍ طيبون؟
بينَ أشخاصٍ يَستحِقون أن يُقال عنهم أبطال
لِما من بينِ الجميع،كنتُ أنا الوحش الوحيد بينهم
ليتني أُحِبُّ ذاتي كما يَفعلون…!


أنا لا أشعرُ بالفخرِ أبداً
فقدتُ كل ثقةٍ أكنها في نفسي
كُل الأشياء الجيدة سابقاً أراها سيئةً للغاية الآن
ما بالي؟!
أو إلى متى؟
متى ينتهي كُل هذا؟
متى يطيبُ خاطري وأُشفى،وأعودُ شخصاً واثقاً من نَفسه؟
متى تَرتسم ابتسامةٌ حقيقة على وجهي؟
ومتى أتوقفُ عَن التهربِ مِن ذاتي وانعكاسي؟
متى،ومتى أكونُ قادِراً على الإعتذار مِنَ الجميع؟
متى أتوقفُ عَن كوني شخصاً مُتعجرِفاً لا يُطاق؟
متى ودونَ جواب!...


أنا مُتحمس
إني انتظرُ بفارغ الصبر ذلك اليوم!
حينَ يسألني الناس عَن سر ابتسامتي وطاقتي الإيجابية ولمعة عينايّ التي لا تتوقفُ عن الانبعاث
حينها سأردُ دونَ إبعاد ابتسامتي
بصوتٍ فَرِحٍ يُخالِجهُ البُكاء
' قلبي قَد شُفيَّ أخيراً '

⁦⁦⁦⁦
☆☆⁩☆☆

كُل عام وأنتم بألفِ خير،رمضان مُبارك للجميع⁦(◍•ᴗ•◍)⁩

open the door...Where stories live. Discover now