طفولتي.

7 1 0
                                    

في صِغَري أحببتُ أمل دُنقل، وقعتُ في غرامِ سُخريته اللاذعة من كل شيء، وطريقته في تعبيره عن لا مبالاته -التي خبأت بداخلها الكثير من الحُب والمبالاة المرتبكَيْن.
في مُراهَقتي عشَقتُ "شيرلوك هولمز" و "ريك" من "ريك اند مورتي"، رأيتُ حُزني بداخلهما، زعمتُ أنني أمتلك قدرًا بسيطًا من ذكاءهما -رغم علمي التام أن ذكاءهما ليس حقيقيًا، وأنني لستُ بذلك الذكاء الذي أظنه حتى-، وشعرتُ بهما للغاية في كل موقفٍ يدركون فيهِ أن قدرهم هو السيرُ منفردين في الحياة.
----
في الحلقة السادسة عشر من الموسم الخامس من مسلسل "هاوس"، يتعاطى البطل جرعةً مِن مُخدرٍ جديد يُسكن آلامه تمامًا.. ويُجدد نظرته للحياةِ، فيبتسمُ لذاك ويُلبي طلبات تلك، بل وينسى حُزنه لبعض الوقت.. في نهاية الحلقة، يُدرك البطل أن كل قرارٍ أخذه في لحظاتِ سعادته كان ينقصه تفصيلةٌ ما، وأنه بسبب هذا قد ضيع يومًا كاملًا من رحلة علاج مريض كان بإمكانه علاجه بسهولة لو كان في نفسِ حالته البائسة.
أدرك هاوس أن حزنهُ يُشكله، ويجعله "هو" بشكلٍ أو بآخر.. ليختتم حديثه بأن "هذه هي نسختي الوحيدة المتوفرة".
----
ما يجعلُ حُزن الأبطالِ في الشاشاتِ مُحببًا هو أننا نراه، أننا نشاهدُ البطلَ في لحظاتِ إدراكه لبؤسه، وجلوسه مُنفرِدًا، ومُداعبتهِ لآلته الموسيقية، ونظرةُ الحُزن في عينيهِ..وتُعلِمُنا الحياة أن في لحظاتِ حُزنِنا نحن، لن توجد كاميرا لتلتقط حزنك.. ولن يراكَ أحد في لحظاتِ إدراكِك لبؤسك.. أو مُداعبتِك لآلتك الموسيقية.
الحُزن -يا أصدقائي- ليسَ مُحببًا كما نراهُ في الشاشاتِ، ولن يُشارِكُك في حُزنِك إلا أنت.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Mar 02 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

مَا لا يُمكِنُنِي كِتابتُه.Where stories live. Discover now