40."Noche Oscura"

32 2 0
                                    

ازداد صفير الرياح الممزوج بعُواء الذئاب
لا تدري ايُهما اشدُ قسوة
الصقيع الحاد ام اصوات الزمجرة
دقائق قليلة و هاقد وصل الموت المحتم
تحلّق قطيع الذئاب حول الشابيّن مَجهوليّ المصير
احدهما كان على الارض عاجزا
بينما اصغرهما كان يقف بثبات امام قائد القطيع
حيث تجلى له انه القائد لانه كان يتقدم الجمع
اذ انه تميز بلون فضيّ و انياب حادة و مخالب طويلة تمزق الاجساد وكأنها ورق مقوى
ماثيو : احح اتعلم ماهو الاسوأ؟
ليو : هم؟
ماثيو : ان تموت جائعا
ليو : ان تصبح..فريسة..يه
ماثيو : لطالما كُنتُ الصياد..
ليو : احح ماثيو..لا تقاتل بهذا..احضر البندقية
ماثيو : اسمع ان حدث شيء الان
اود ان تعلم..ان..
- نقل الشيطان بصره نحو العقيد و ارتكز بسمعه-
ماثيو : انك افضل مغفل قابلته في حياتي
- رمش السامع و ضحك بخفة-
ليو : اه..وانت افضل احمق اعرفه..
ماثيو : جيد الان انا مرتاح
ليو : ماث..ارجوك..خذ السلاح
ماثيو : احح ان تحركت خطوة للخلف فسوف يتم افتراسك!
ليو : حاول هيا..لن ت
- انتفض الذئب الضخم مقاطعا عليهما نقاشهما
ليستقبله العقيد بضربة قاسية فيطرحه ارضا
وبذلك قد اعلن الحرب على القطيع الجائع
عشراتٌ من الذئاب تنشب من عدة جهات
و ماثيو يقاوم بضراوة
يضرب احدهم ليظهر اخر فيركله و هكذا
بينما خليله المطروح ارضا يعتصر قبضته ويشد على اسنانه بغيظ محاولا بتر قدمه السافلة تلك
ليو : احح اللعنة..لا..
- حصل على اسوأ تعذيب قد يشهده المرء في حياته
ان يرى أعز اصدقاءه يُنهش حيّاً امام ناظريه
عقد قبضته و ضرب المعدن الاصم مرارا وسط سيل من الشتائم..
الا ان شتائمه بدأت تميل لنبرة باكية شيئا فشيئا
ليو : اللعنة..اللعنة..
الهي..الرحمة..
- سقط جسده المرتعش مجددا وفاضت اوديته بالدمع
انتفض العقيد بصدمة لحظة سماعه لشهقات خليله
فتلبدت ساقيه و تشتت تركيزه عن معركته-
ماثيو : بئسا...ليو اتبكي!
- همس احرفه الاخيرة قبل ان يتلقى لطمة غادرة على وجهه من مخلب شرس
فشهق و ارتد للخلف ثم باشره بضربة جعلت عُواءه يصدح عاليا-
ماثيو : اللعنة عليك ايها الكلب الغدار!
- لم يكن الأمر عاديا مطلقا...انها اول مرة..
يراه بذلك الضعف
لم يتوقع قط انه سيرى دموعا على وجه الشيطان
اذ انه يرتدي قناع البوكر طيلة الوقت
يضحك حتى في اشد الاوقات مقتاً-
ماثيو : ليو..انت بخير؟
- لم يأتِه ردٌ فاستدار بنظره نحوه
ليجده هادئا تماما..كان يخفي وجهه بساعده و لا يُسمع منه أيُّ صوت-
ماثيو : احح اجبني..
- ترنح العقيد اثر انفاسه العالية و اتكئ بارهاق لجذع الشجرة خلفه..
بينما الذئاب تستعيد اتساق صفوفها بقيادة الوحش الرمادي ذاك
ماثيو : تماسك..سوف اخرجك من هنا اعدك
ليو...ستدع دان يصبح يتيما؟
لا اظنك ستفعل هم؟
- رد اخيرا بحركات بطيئة من انامله كان يدعك ملامحه ينفض عنه وصمة العار التي نزلت من عينيه-
ماثيو : تماسك..
عليك ان تربي رجلا طيباً!
لا تتركه كي يربى بين اكوام الضلال تلك
- زاد الشيطان حركته و ابتسم العقيد راضياً ثم استعاد حدة نظراته و اندفع من جديد كالأسد يبطش بتلك الوحوش الغادرة
ازدادت ظُلمة المكان بعد ان توارت الشمس تماما
لم يبقى الا ظل نورٍ خفيف
و الخطر ما يزال محدقا
اصاب التعب جسد ماثيو
هو ايضا تلقى ضربة قاسية..حين اصطدم بسفح الجبل
ترنح بخطواته للخلف
ونظر في الارجاء بحثا عن بارقة أمل..
مارتن..ميغيل..رودولف..اي شيء
لكن لا احد..
لم يرى سوى ذئب بُني ضخم ينهش ساعد خليله العالق تحت الاكوام
والاخر يقاومه بشراسة
ارخى نصف جفنيه وتنهد..كاد ان يستسلم
جر ثقله بصعوبة محاولا الوصول اليه لينقذه
ماثيو : ل..ليو..انا..قادم
- نبرته كانت غاية في التعب.. بدأ يخسر حيويته
ربما انتهى الامر..
لم يعُد هناك داعٍ للمقاومة..
الذئب نهش ليو..
لما اقاوم انا ايضا؟
مالفرق..ان مات هو؟ لما اعيش انا؟
لما اعيش انا؟
- جثى على ركبتيه حين وصل ليرى المشهد القاتم ذاك
كان الذئب يعتليه كاملا..ويده بين انيابه
اه بالطبع انه ينعم بوجبة دسمة
اشاح بوجهه و زحف على كفيه مستشعرا شدة بؤسه وخيبته في تلك اللحظات القليلة..
لم يعد هناك صوت انفاس بشرية سوى انفاسه وحده
فقط..زمجرة الذئاب و اصوات طقطقة العظام
يالها من نهاية بائسة ايها الشيطان
يالها من نهاية بائسة!
قاومتَ اعتى الرجال طيلة حياتك
لتموت بين انياب ذئب جائع
اين العدل في هذا الكوكب؟
رغم انه مجرم..الا انه لم ينعم بيومٍ جيد
اصبحتُ افهم الان..
اصبحت افهمك ليو..
ربما متأخر قليلا لكن عقلي تفتح
نعم لقد فهمت ما اخبرتني به
انت تحارب لأجل عالم افضل..
لاجل ان ينعم اطفالك بأبسط الحقوق التي سُلبت منك
انا اسف..
سامحني..
لقد تأخرت كثيرا..قبل ان ادرك ما تحاول اخباري به
- هذه المرة لم تكن مجرد افكار..تكفل هذيان العقيد باخراج افكاره على شكل كلمات
و نبرته الباكية تمازجت مع عُواء الذئاب
ماهي الا ثوان قليلة
الا وقد طار الذئب عالياً في الجو!!
اتسعت حدقتا العقيد المفجوع ونظر نحو الجثة التي ظن انها ستكون هامدة
لكن لا!
انه الشيطان يا سادة
جمع مالديه من قوة و قذف الذئب وكأنه فرخ طائر صغير!
صحيح ان ذراعه قد نالها من الأذى مانالها
الا انه مصارع شرس! ولن يموت بتلك السهولة-
ليو : انهض..ناولني البندقية ماثيو!
- رمش العقيد بصدمة و انتفض سريعا نحو صندوق السيارة-
ماثيو : اين هي..اين هيي ايين وضعتهاا
- شد ليو جسده بصعوبة و ترنح بمحاولة لتنظيم انفاسه
ماثيو : هاهي..
لحظةة اين الذخيرةةة
- صفع الاخر جبهته و انفجر ضاحكا
حتى بأسوأ الاحوال يبقى ثيو مُحببا لديه..اذ انه يُثير نغرة عاطفية في ثنايا روحه-
ليو : اه عزيزي وجدتها؟
ارمي البندقية فحسبب هياا
- عقد ماث حاجببه محاولا الاسراع فيما يفعله
لكن انامله المرتعشة لا تساعده بحشو البندقية
رفع ملامحه ليرى عدة ذئاب قد تحلقت حول الشيطان العالق هناك فابتلع ريقه و حاول التركيز
ماهي الا بعض ثوان حتى
هتف عاليا-
ماثيو : ليو التقط!!
- رمى بالبندقية اليه فارتد الاخر بسرعة البرق متكئا على معدته بوضعية القناص
ومضة
اثنتين
ثلاث!
صمتٌ للحظات ثم نحيب الذئاب المتألمة يصدح في فضاء المكان المظلم
فرق ماثيو شفتيه بصدمة ووقف متصنما امام المشهد
لقد..لقد سحقهم في ثوان!!
ليو : تبقى انت ايها الكلب الكبير
- تمتم الشيطان وسط اضطراب تنفسه و ارتكز ليغلق احدى عينيه و يمركز الاخرى عبر عدسة البندقية
صوب نحو هدفه بتركيز
واطلق!
عواء الذئب الفضي كان صافرة نهاية المعركة
لقد قُتل قائد القطيع..!
بدأت الذئاب بالانسحاب و كأنها غمامة تنقشع
لم يتبقى منهم سوى الجثث خلال دقائق معدودة
تنهد الشيطان وارخى اصبعه عن الزناد لينتقل بأنظاره على الفور تجاه عقيده يتفقد
كان الاخر متصنما يرمش بصدمة
التقت اعينهما..
رمشات ماثيو المضحكة تلك
جعلت ليو ينفجر بضحكة مُنهكة
بينما ذاك يمسح وجهه بخشونة محاولا كبح دمعه-
ماثيو : لما تضحككك!
ليو : انت اهه..تقتلني
ماثيو : اصمت ياه..ليس مضحكا
ليو : لقد نجونا..ماثيو..لقد نجونا
- رمى بجسده فوق وسادة الثلج و استعاد مجرى نظره نحوه رافعا ذراعيه-
ليو : تعال..فقط من فضلك
- جعد العقيد ملامحه و ركض
ليرتمي بين اذرع الشيطان
وسط مشهد في غاية الدفئ
احتضنه حتى ارتوت عروقهما الجافة و هدأت انفاسهما
بعد الكابوس المظلم الذي عاشاه معا-
ليو : كُنتَ رائعا حقا..لقد انقذتني مجددا
- تنهد العقيد براحة و ضم ملامحه لكتف خليله يستشعر انفاسه و دفئ بشرته يتنعم بكونه لايزال حيا-
ماثيو : انت ايضا كنت رائعا..لم تخطئ ايا منهم
- اتسعت بسمة الشيطان و ارتخت اذرعه فارتمى صاحبه المثقل قربه فوق وسادة الثلج شاخصا بأبصاره نحو سماء القطب المرصعة بالنجوم-
ليو : شكرا لانك..لم تتركني وحدي هنا
ماثيو : لم اكن لأفعل قط
لم اكن لأفعل!
غمرت نشوة النجاة كُلا منهما و بدأ الألم ينخر عظامهما
فتخدرت اعصابهما بعد ساعات من الهيجان
انه رد الفعل الذي يقوم به الجسد
عند الانهاك او اشتداد الالم
يفرز مخدرا يجعل المرء عاجزا عن الحراك
وهكذا سكن كُل منهما..يراقبان نجوم القطب اللامعة
وسط ظلمة الليل بين الثلوج التي لم تعد باردة!
تلك اللحظات الاخيرة جعلت الشتاء ربيعاً و انست القلب مرارة عُمر من البؤس والاسى..
مارتن : ليوو!
ماثيوو اتسمعانني؟؟
- صدحت اصوات الرجال لتنهي الليلة المرعبة تلك و تعطي لهما شارة السلام-
ليو : ان.هم هُنا ماثيو..
- همهم العقيد ك رد اخير قبل ان يُغمى عليه ثم يتبعه الاخر مسقطا عنه حجاب الوعي-
ميغيل : انهما هُنا!! مارتن عثرت عليهما
- تراكضت الاقدام المتخافتة اليهما
ليُبصرو هول المعركة الشرسة التي حفرت اثارها في المكان-
مارتن : ي..يالهي مالذي..حدث هنا بحق الرب!
تعالو اسرعو..ارفع رودلوف
ميغيل ارفعا معيي!
يا رجال تعالو !
- بعد عدة محاولات نجح خمسة منهم برفع السيارة وتحرير زعيمهم اخيرا
ثم اسرعو بإسعافهما الى مشفى المُنشئة
و بهذا انتهت ليلة سوداوية قاتمة
سطرت ازمانها حكاية خيالية..
تروي كيف نجا العقيد والشيطان من منجل الموت بإعجوبة!

شيطان/𝑫𝓮𝓿𝓲𝓵Donde viven las historias. Descúbrelo ahora