44."María"

16 3 0
                                    

ايا بصير العين اعمى الفؤاد
مالذي اغواكَ بي حين سحقتني الأماني؟
هل كُنتُ الا بشراً ذليلا مذموم السيرة
مالذي اغواكَ بي؟
و انا..دميم الخِلقة و السُمعة
تهوي بي رياح الرذيلة
مابين كهفٍ موحشٍ..
ووادٍ مقفهر الظلمة..
مالذي شغفكَ بي؟
و انا الذي تفر منه اطياف الحياة
و يسكُن اليه الموت وكأنهُ الوطن
_________________________________________

خلال ايام قليلة بعد
توشحت السماء بغيوم رمادية اللون
فانبعث الضوء شحيحا من القبة الزجاجية نحو الحديقة الهادئة و ترنحت اوراق الاشجار اثر رياح العاصفة
و بين هذا وذاك انفاسٌ ثقيلة في الغرفة المعتمة
سحب الشيطان جسده بصعوبة فسقط رأسه على الوسادة و ادلى بزفرة مُثقلة
في تلك الاثناء دخل عليه العقيد ليُبصره ممددا بشكل عرضي تاركاً رأسه يتدلى من على الحافة و بيده بضع اوراق...يبدو انه يتحسن
وضعه الفوضوي ذلك بين الوسائد يدل على انه عاد يتحرك
ماثيو : ماذا تقرأ؟
- جر اليه مقعدا و اعتدل جالسا بالمقلوب مسندا ذقنه لحافة ظهر الكرسي مما جعل الاخر يرفع بصره فتلتقي اعيُنهما لقصر المسافة ما بينهما-
ليو : امم..بضع اوراق غبية للعمل
- اخفاها جانبا بهدوء فرفع ماث حاجبه باعتراض-
ماثيو : اومو هي مهمة لذاك الحد حتى تخفيها عني؟
- ابتسم الاخر و اشاح بمقلتيه جانبا بمحاولة لتفادي التواصل البصري-
ليو : البتة..لاشيء فيها مهم
ماثيو : اذا اعطني ارى!
- رمش الشيطان باستغراب و اعاد بصره تجاه العقيد الذي بدا مُصرا و قد سبق ومد يده نحو الاوراق-
ليو : منذ متى وانت فضولي لهذا الحد ماثيو
- اتسعت بسمة العقيد و نهض ليمسك بمعصم الاخر آخذا منه الاوراق-
ماثيو : منذ ضربتُ رأسي بسفح الجبل..اصبح لدي اختلال قهقه
ليو : ظريف هاه..
- مرر ثيو مقلتيه فوق السطور مسح محتوى الاوراق بعينيه سريعا ثم نظره بأحداق وبسمة متسعة-
ماثيو : اطفال جدد؟؟ متى سنذهب لاحضارهم
- علت الصدمة وجه ليو و ابتلع دهشته مُبرزا ابتسامة ضئيلة-
ليو : يبدو..انك اصبحت تعلم..الكثير حضرة العقيد
- اتكئ ماث الى الكرسي و بادره بنظرة غرور-
ماثيو : بالطبع..انه عملي
- عقد ليو حاجبيه و كاد ليُبادره السؤال لولا صوت نتالي الذي صدح قريبا من الباب-
نتالي : ياه ماريا عودي!!
- توجهت انظارهما نحو الباب فلمحا طيف نتالي تلحق بطفلة صغيرة تركض بعيدا ثم تبعها اطياف بضع اولاد
فتبادلا الانظار و نهض العقيد على عجل
ليتبعه الاخر يشد جسده المثقل حتى استطاع الاعتدال-
ماثيو : اه تعال سأسندك
- نزل العقيد به الى الحديقة ليُبصرا تجمعا صغيرا للمعلمات عند باب احد الصفوف-
ليو : مالامر..
- استدارت نتالي باعينها القلقة وركضت نحوهما دون تردد-
نتالي : ليو..الطفلة الجديدة مازالت ترفض التجاوب معنا..لقد حاولت القفز من السطح
- اتسعت حدقتا ليو و نظر نحو الجمع فعثر على الطفلة تتوسط ايديهم والدموع تغرق زُرقة مقلتيها و تسقي اودية خديها المتوردين-
ماثيو : لما هذا؟ الم تتحدثي معها؟
نتالي : فعلت..انها لا تفهم لغتي...حاولت بعدة لغات لكنها لم تفهمني..من اين احضرتها ليو؟
- تنهد الشيطان و ترنح بخطاه ليعرج على ساقه ثم انحنى امام الطفلة دانياً لمستوى طولها ومسح على خصلها -
ليو : Hola querida
- اتسعت حدقتا الطفلة واشرقت ملامحها ثم اشاحت بوجهها سريعا بحرج لتتحاشى الحديث معه
مما جعله يبتسم و يتكئ الى الارض بركبته ك نوع من الاصرار على الحديث..ثم مد كفه نحوها-
ليو : Sé que entiendes lo que estoy diciendo
- لانت نظرات الصغيرة وتقدمت لتضع يدها بيده فيُقربها تجاهه على مهل-
ليو : Bien hecho, mi amor. ¿Cómo te llamas?
ماريا : María
- اتسعت بسمته ثم مسح على كفها بإبهامه واكمل متسائلا بنبرة هادئة-
ليو : que hermoso nombre!¿Quién te llamó María?
ماريا : mi madre
ليو : Tu madre eligió un hermoso nombre para ti.
- اومئت الصغيرة ثم سكنت ببصرها تدقق في ملامحه ك نوعٍ من الحذر ثم تجرأت وسألته بنبرتها الطفولية الناعمة -
ماريا : y tú cómo te llamas?
ليو : Mi nombre es Leo...Leo Martínez
-داعب اناملها ضاما اياها فوق حضنه بين نظرات النساء و العقيد المنبهر الذي كان يرمش بصدمة ويحاول فهم الحديث لكنه لم يفهم الاسبانية جيدا
استمر الحديث بينهما لوقت ومالبثت
دقائق الا و ارتمت تعانقه وقد بدا عليها السعادة
ثم نزلت بهدوء وامسكت يد معلمتها ثم لوحت له وذهبت معهن للفصل الدراسي
مما زاد فضول العقيد فتسائل-
ماثيو : ماذا قلت لها..
- لاحت ابتسامة خفيفة على ثغر ليو ثم تنهد واتكئ محاولا النهوض-
ليو : اخبرتها...اني سأعطيها مكافئة لو ذهبت للدراسة ماثيو : هذا فقط؟
ليو : امم لا..
ماثيو : اذا؟
ليو : اخبرتها اني سأكون والدها الجديد
- اقترب ماثيو ليُسنده فيعتدل ويسير معه بترنح-
ماثيو : واو...لم اتوقع انك ماهر مع الاطفال..
انت تجيد التواصل معهم بشكل رهيب
ليو : ربما..قليلا
- تمتم نافيا عنه المدح ثم عاد واتكئ الى فراشه حالما وصلا للغرفة لتبادره فايا بالسؤال-
فايا : اين كنت ياه؟
ليو : في الحديقة
فايا : اخبرتك لا يجب ان تنهض..مازال وضع ساقك سيء
- تنهد و ارخى ذراعه فوق عينيه بضجر-
ليو : اعلم بئسا..
- عقدت الصبية حاجبيها ونظرت نحو العقيد ثم اتمت كلامها بصيغة اقل لهفة-
فايا : كما تشاء!..
ارسلني ابي لاخبرك بقراره الجديد
- رفع كفه قليلا عن وجهه ونظر نحوها مترقبا كلامها-
فايا : سأخذك في رحلة علاجية الى لندن..لمدة شهر يجب ان تكون جاهزا و...
- اكملت التفاصيل بينما كُلا منهما يستمعان اليها ويتبادلان الانظار وكأن كُلاً منهما برأسه فكرة ما الى ان انهت كلامها بسؤال-
فايا : حسنا؟
- مرر انامله مابين خصله الحالكة و اومئ وسط تنهيدة خفيفة-
ليو : ديه عزيزتي..انا جاهز
- ابتسمت واقتربت اليه لتدنو فوق ملامحه و تلتقط شفاهه بقبلة عميقة مما جعل العقيد يرتبك ويخرج من الغرفة على عجل-
ماثيو : اهه الا تخجل من تقبيله امامي يااه..لما رأيت ذلك انا
_________________________________________

بعد اسبوعين
حل صباح الرحلة و هاهو مارتن ينقل حقيبة الى السيارة و دانيال يودع والديه عند جانب الباب ثم يتقدم الأب و يوصيهما بالعناية بنفسيهما-
الأب : لا تتأخرا..حاول الشفاء بسرعة ليو
ليو : قهقه حاضر..
- استدار ببصره نحو فايا فسبقته نحو السيارة لتتركهما وحدهما-
ليو : ابي اسمع...لقد سبق واخترتُ الرابع و سيباشر مهامه في غيابي
- اومئ الاب ببسمه ونظر نحو الرجال عند الباب-
الاب : اجل لقد عرفته!..اختيارك موفق
ليو : ربما...ولكن ان اخطئ سأقضي عليه
الاب : ادعمك لتفعل
- تقدم العقيد وسط قهقهاتهما ليجعل نظرة ليو تتغير في ثوان-
ليو : ماثيو..اه تعال
ماثيو : هم؟
- امال برأسه ببسمة و تنهد كأنما الكلمات عالقة بصدره وتجعله عاجزا عن التعبير-
ليو : هل ستبقى هنا ام ستعود لقريتك؟
ماثيو : لست اعلم حقا...لست اعلم
لكن...حتى لو عدت..سأشتاق المكان هنا و الاطفال
و مضايقة احدهم
- قهقه الاخر و تنهد بثقل مجددا-
ليو : اسمع
انا..
اريد ان...اوصيك بشيء ما
- رفع ماث مقلتيه نحوه و تسائل بهمهمة خفيفة-
ليو : دان...اريدك ان تهتم به في غيابي
- توجهت انظارهما نحو الطفل ثم هز العقيد رأسه قَبولاً
مما جعل الشيطان يتنفس الصعداء وكأنه ازال احد اثقاله عن قلبه-
ليو : اثق بك...انت افضل من يمكنه العناية به
ماثيو : لا تقلق عليه
- ابتسم برضى ثم استدار بأنظاره نحو مارتن-
ليو : هيه ايها الاهوج!
مارتن : نعم ايها العجوز المريض
ليو : اخرس و اعتني بمسؤولياتك جيدا
مارتن : لا تقلق اعدك ان تعود و تجد المكان مدمرا
- اطلق مارتن ضحكة شريرة ساخرة فنالَ لطمة عنق مباغتة-
ليو : هذه مقدمة..وعندما اعود سأعطيك اقوى
مارتن : اهه اخرق حطمت مفاصلي
ليو : انتبه للجميع هنا حسنا؟
مارتن : اه فهمت...اذهب فقط ولا تتأخر
ليو : سأفعل
- ربت على كتفه كنهاية للحديث و صعد بمقعده لينطلق السائق بهما خارج اسوار الميتم ويتواريا عن انظار جميع من كان هناك-

شيطان/𝑫𝓮𝓿𝓲𝓵Where stories live. Discover now