PART -3-

469 13 0
                                    


5 - كوازيمودو : الاحدب .

اعد كل شيئ بسرعة لتنفيد الفكرة التي طرحها كوبانول . واختيرت الكنيسة الصغيرة القائمة تجاه منضدة الرخام مسرحا للتكشيرات ثم كسر لوح زجاجي فوق الباب ، ليتيح مجالا لدائرة من الحجر يمد المتنافسون رؤوسهم منها ، بعد ان يتسلقوا برميلين وضعا لهذه الغاية . وتم الاتفاق على ان يغطي كل مترشح وجهه ، ويبقى مختبئاً في الكنيسة حتى ساعة ظهوره ، حتى تعطى التكشيرة صفة الجدة والفعالية .

وامتلات الكنيسة الصغيرة بالمتنافسين ، تم اغلق عليهم الباب. وكان كوبانول يصدر الاوامر كلها من مكانه ، وينظم كل شيئ . اما الكاردينال فكان قد انسحب مع حاشيته كلها خلال الفوضى الصاخبة ، بحجة الاعمال واداء صلوات العصر ، دون ان يحدث انسحابه ايما اثر في الجمهور .

وبدأت التكشيرات . فواحد باجفان منقلبة ، واخر بجبهة مجعدة وشدق فاغر ، وهكذا . وعلت القهقهات بتتابع التكشيرات . لقد كانت هذه التكشيرات تحمل كل الاشكال الهندسية ابتداء من المثلت حتة المربع المنحرف ، ومن المخروط حتى المكعب ، فكانت تمثل كل التعابير البشرية من كل الاعمال .
لقد كان هذا الاحتفال يتحول بصورة متزايدة الى احتفال فلامندي ، لم يعد البهو الكبير الا اتونا من السفاهة والمرح والصراخ :
- ( انظر الى هذا الوجه ) !
- ( انه لا يساوي شيئا ) .
- ( لننظر الى وجه اخر ) !
- ( انظر الى هذا الشدق ، كانه شدق ثور ، انه لا ينقصه الا القرون ) .

اما فيما يتعلق بجرنجوار ، فقد استعاد هدوء اعصابه ، وامر ممثليه بمتابعة المسرحية ، وبالمقاومة حتى النهاية . لقد احس برغبة اكيدة في الظهور امام كوة الكنيسة ليكشر امام هذا الشعب العاق ، غير انه عدل عن هذه الفكرة التي رأى انها لا تليق به .
ولاحظ جرنجوار انه ليسَ الوحيد الذي يتابع المسرحية ، فقد كان ذاك الرجل الضخم الذي كان قد استشاره جرنجوار في موقف حرج سابق ، منتبها ، متوجها نحو المسرح . وتأثر جرنجوار باخلاص شاهده الوحيد ، فأقترب منه ، ووجه كلامه اليه ، وهو يهز ذراعه ، لان الرجل الضخم كان قد اتكأ على الحاجز واستسلم للنوم .
قال جرنجوار :( سيدي ، اني شاكر لك ) .
فأجاب الرجل الضخم متثائبا :( علام ) ؟
فقال جرنجوار :( انك الانسان الوحيد الذي تفضل الاستماع الى المسرحية . ان اسمك سينتقل الى الاحفاد . كيف تجد المسرحية ) !
فأجاب الرجل :( لا بأس بها ) .
وكان على جرنجوار ان يكتفي بهذا المديح ، لان عاصفة من التصفيق ، ممتزجة بالهتافات ، قطعت حديثهما . لقد انتخب بابا للمجانين .

فبعد ان تتابعت الوجوه دات الزوايا المخمسة ، والمسدسة ، وغيرها ، لم يبق للفوز في الاستفتاء الا تلك التكشيرة الفائقة السمو ، التي ابهرت المجتمعين منذ قليل ، لقد صفق المعلم كوبانول نفسه ، وكلوبان الذي اشترك في المباراة ، اعترف بالهزيمة رغم قبح وجهه .
لقد كان صاحب التكشيرة ذا وجه صلب ذي وجوه اربعة ، وفم كأنه حدوة حصان ، وعين واحدة يسدها حاجب اشعث ، بينما كانت العين اليمنى مختفية وراء ورم شديد الضخامة ، اما اسنانه فكانت منخورة ومتكسرة ومفلولة ، تنتشر هنا وهناك في فوضى ظاهرة ، وقد برزت الانياب الى الخارج كانها انياب فيل ، فوق ذقن متشعبة .
كان التأييد الهاتف تاييدا اجماعيا ، فانطلق الناس نحو الكنيسة الصغيرة ، واخرجو منها الرجل السعيد : بابا المجانين ، وهنا كانت المفاجئة والاعجاب : لقد كانت ( التكشيرة ) هي وجهه .
وبتعبير اخر ، كان شخصة كله مجموعة من التكشيرات : راس كبير تكاثف فيه شعر اصهب ، وحدبة بين الكتفين برز جانبها الاخر من الامام ، واقدام عريضة ، ويدان بشعتان مخيفتان .
وكان مع هذا التشويه كله يمتلك الحيوية المرعبة والخفة والشجاعة الشيئ الكثير .

احدب نوتردام ||HUNCHBACK of NOTREDAMEOù les histoires vivent. Découvrez maintenant