PART -6-

206 10 2
                                    

11 - ليلة عرس .

وجد شاعرنا نفسه ، خلال وقت قصير في غرفة صغيرة مقببة ، محكمة الاغلاق ، بالغة الدفء .
لقد كان في هذه المغامرة شيئ من السحر بالنسبة له . اما الفتاة الشابة فلم تكن بادية الاهتمام به ، او حتى الانتباه اليه ! كانت تروح وتجيئ ، وتحرك بعض المقاعد ، او تتحدث مع عنزتها ، والشاعر يتأملها مليا ، ويفكر في مجرى الحوادث التي مرت عليه .
ثم نهض ووقف امام الغجرية ، واحاط قوامها بذراعيه ، في سذاجة تامة ، فانزلق جسد الفتاة من بين يديه ، وقفزت قفزة الى الطرف الاخر من الغرفة ، وقد امسكت بيدها خنجرا صغيرا ، وقالت له :( يبدو انك انسان غريب وشديد الجرأة ) .

فقال جرنجوار مبتسما :( عفوا يا انستي ، ولكن لم اتخذتني زوجا لك ) ؟
- ( هل كان يجب ان اتركك تشنق ) ؟
- ( اذ لم تريدي الا انقاذي ) ؟!
ثم صمتا . وبعد قليل قال لها :( اعدك بالا اقترب منك . . ولكن اعطيني مااتعشاه . . . )
ولم تجب الغجرية ، بل وضعت امامة قطعة من اللحم ، وبعض التفاح وكوبا من النبيذ .
وبعد ان انتهى جرنجوار من طعامه ، نظر الى الفتاة ، التي كانت تطعم عنزتها ، وقال :( اذن لا تريديني زوجا لك ) ؟
- ( كلا ) .
- ( ولا تريديني صديقا لك ) ؟
- ( ربما ) .
- ( وهل تعرفين ما تعنيه الصداقة ) ؟
- ( نعم . . انها ان نكون اخا واختا ، اي روحين تتجاوران ولا تتداخلان . . اما الحب ، فهو ان يصير الرجل والمراة واحدا فقط . . انه السماء ) .
- ( واذن كيف يجب ان اكون حتى ابلغ موضع الاعجاب فيك )؟
- ( يجب ان تكون رجلا . ولن يسعني ان احب الا الرجل القادر على حمايتي ) .
واحمر وجه جرنجوار ، واعتبر التلميح هذا اشارة الى ما حدث عندما حاول الرجلان ان يخطفاها . ثم سالها :( ولكن ماذا صنعت حتى تخلصت من مخالب كوازيمودو ) ؟
وجعلها هذا السؤال تقشعر من الهول ، فقالت :( يا للاحدب الرهيب ) ! وغطت وجهها في غمرة عنيفة من الاضطراب .
ثم اخرجت من صدرها شيئا يشبه الكيس الصغير ، مستطيلا معلقا في عنقها بسلسلة ، وتصدر عنه رائحة قوية من الكافور ، وتغطيه قطعة من الحرير الاخضر ، في وسطه بلورة خضراء شبيهة بالزمرد .
وسالها جرنجوار :( ماذا تعني كلمة الاسمرالدا ؟ )
- ( لست ادري . اظنها من اللغة المصرية ) .
- ( لقد كنت اشك في ذلك . انك لست من فرنسا ) .
- ( لست ادري ) .
- ( ومتى اتيتي الى فرنسا ) ؟
- ( كنت صغيرة جدا ) .

ثم اخذ يقص عليها قصة حياته ، وقال لها ان اسمه بطرس جرنجوار . ولكنه لاحظ انها كانت تقول في صوت منخفض
:( فوبوس . . فوبوس ) ، وسالته عن معنى هذه الكلمة فقال لها :( انها كلمة لاتينية تعني الشمس ) .
فأردفت معجبة :( الشمس ) .
فقال :( لقد كان اسم احد الرماة وكان الاها ) .
فأخذت تقول :( اله ) ؟ وفي لهجتها شيئ يبعث على التفكير .

12 - الارواح الطيبة.

كان ذلك قبل ستة عشر عاما من الزمن الذي جرت فيه قصتنا هذه . لقد وضع في صباح احد الايام ، الطفل كوازيمودو ، تجاه تمثال القديس كريستوفر الكبير . لقد جرت العادة ان يوضع الاطفال اللقطاء على هذا السرير على مشهد من الجمهور المحسن ، فيإخذهم من كان يرغب فيهم .

احدب نوتردام ||HUNCHBACK of NOTREDAMEحيث تعيش القصص. اكتشف الآن