PART -4-

329 10 0
                                    

8 - الشاعر المرتبك .

كان جرنجوار يرتعد من البرد حين بلغ ميدان جريف ، ولذلك سر كثيرا حين لمح حشدا كبيرا من المشاهدين متحلقين حول النار يتدفأون ، وينظرون الى فتاة ترقص وسطهم .

لم يستطع جرنجوار ان يحكم ، بادئ ذي بدء ، ان كانت هذه الفتاة كائنا بشريا او شيطان من الجن ، او ملاكا .

لم تكن الفتاة طويلة ، لكن قوامها الدقيق كان ينطلق جريئا ،
كانه سهم رائش . لقد كانت سمراء ذات وجه مشع . وكانت ترقص وتدور ، وتثير من حولها اعصارا عاصفا فوق بساط فارسي عتيق القي تحت قدميها .

كانت الانظار كلها موجهة اليها . لقد كانت تبدو مخلوقة مما وراء الطبيعة حين ترفع دفها راقصة على دقاته ، وحين كانت تنكشف في كتفيها العاريتين ، وساقيها الممشوقتين ، وعينيها اللاهبتين ، روعة الحياة وتفجرها .

قال جرنجوار في نفسه :( انها حورية من الالهة ، بل انها الهة بعينها ) !
لكنه ما لبث ان عرف انها غجرية ، لقد كان هذا واضحا من طريقة رقصها ، ودورانها ، ومن السيفين اللذين كانت تستعملهما في اداء رقصتها .

وبين الاف الوجوه التي كانت متجهة نحو الغجرية ، كان اكثر وجه استغراقا في تامل الراقصة وجه رجل صارم ، هادئ ، وقاتم ، لم يتجاوز الخامسة والثلاثين من عمره كما يظهر .
لقد كان اصلع لم يبق على راسه سوى خصلات شعر قليلة ، كما ابتدات التجعيدات تنحفر على جبهته العالية العريضة .
اما عيناه الغائرتان فكانتا تحتفظان بحياة لاهبة وشباب متفجر.
وقد ابقى عينيه موصولتين بالغجرية التي لم تكن تتجاوز السادسة عشرة من العمر .

وتوقفت الفتاة عن الرقص بعد ان اخذ منها التعب مااخذه ، فصفق لها الجمهور في حب خالص .
وقالت الغجرية :( دجالي ! دجالي ) ! فأقتربت منها عنزة صغيرة ، بيضاء ، جميلة ، يزينها قرنان ذهبيان ، واظلاف ذهبية ، وعقد ذهبي ايضا . قالت لها الغجرية :( دجالي ، لقد جاء دورك ) .
وقدمت الغجرية الدف الذي كانت تحمله ، الى عنزتها ، وسالتها :( دجالي ، في اي يوم من الشهر نحن ) . فرفعت العنزة ظلفها الذهبي الصغير ، ونقرت على الدف ست نقرات متتابعة ترمز الى اليوم السادس من الشهر . ثم سالتها عن الساعة ، فنقرت سبع نقرات على الدف ، ترمز الى الساعة السابعة .

لقد كان الشعب في دهشة غامرة .

وانطلق صوت الرجل الاصلع :( ان وراء هذا كله لسحرا ) .
غير ان تصفيق الجمهور اغرق هذه الملاحظة في غمرته ، وتابعت الغجرية اسئلتها للعنزة ، فكانت العنزة تقلد مشية فلان ، او صنيع اخر .

هذا والجمهور يصفق بحماسة بالغة . وارتفع صوت الرجل الاصلع ثانية يقول :( هذا تدنيس لحرمة المقدسات ، وانتهاك لها ) .
فالتفتت الغجرية مرة اخرى وقالت :( اه ، انه هذا الانسان الكريه نفسه ) ! وكشرت له ، وانطلقت تجمع عطيات الناس في دفها .

احدب نوتردام ||HUNCHBACK of NOTREDAMEWhere stories live. Discover now