الفصل الثاني عشر

19.7K 286 1
                                    


  الـــــفــــصـــــل الــــثـــاني عــــشـــــر

وقفت أروي فجأه بعدما أحتل الغضب جزءً كبيرا منها ونظرت الي سكرتيرته بغيظ حتي قالت لها تلك المتعجرفه ببرود :اتفضلي أنسه أروي مستر احمد منتظرك
فتأملتها أروي بضيق ،لتلاحظها هي فتعدل من هندام ملابسها وقصتها التي سقطت علي أعينها بنعومه
لتذهب أروي بغيظ من امامها وأردفت اليه في مكتبه بخيبه قائله : كده يا أحمد تخليني أستناك ساعتين ، مش عارف تفضيلي من وقتك بس خمس دقايق
فيرفع أحمد بوجهه عن حسوبه قائلا ببرود : لازم تتعودي اني خلاص مبقتش فضيلك يا أروي
ثم تطلع الي ملابسها التي أصبحت محتشمه حتي وجهها أصبح يخلو من مساحيق التجميل الا ذلك الكحل الذي يعطي أعينها مظهراً خاصا ولكن بداخل هذه الأعين حزناً عميق .. ليتذكر هو تلك الليله ... حتي أقتربت هي منه قائله : بقيت تكرهني خلاص ، ووجودك معايا مجرد تكفير ذنب فتسقط دموعها للمره الألف وتشرد في ليله أصبحت جزء محفور في ذاكرتها لن يمحوها الزمن يوما ...!!
تلملمت في فراشه وهي غير مدركه لما حدث .. حتي افاقت وهي تتذكر كل شئ من لمساته وقبلاته فأغمضت عيناها بسعاده وهي تتذكر كلماته لها بنغم شديد ، فنظرت بجانبها تبحث عنه... حتي أصطدمت بتلك الورقه المطويه بجانبها لتفتحها وهي مدركه بأنها ستكون احد كلمات السعاده التي سيبعثها الي قلبها فهي لم تندم قطا علي كل شئ تفعله وفعلته لأجله حتي تلك الليله التي قضته معاه .. فسقطت دموعها وهي تقرء كلماته : أنا رجعت القاهره يا أروي ، ياريت متحوليش تتصلي بيا لأني مش هرد عليكي .. انا عايز الفتره ديه ابقي فيها لوحدي عشان اقدر احدد هل هقدر اكمل معاكي ولا لاء .. لان انا بقيت ضايع خلاص ومش عايز أجرحك ابعدي عني ياأروي الفتره ديه .. ثم سطر بقلمه عبارته الاخيره ليقول :
كنت فاكر هتبقي أسعد ليله في حياتي ، بس طلع فعلا الحرام عمره ماكان ليه طعم !!
لتفيق علي صوته القوي وهو يقول
احمد : مش هتفضلي وقفالي وباصه ليا كتير .. انا مش فاضيلك ياهانم !!
.............................................................
صمت أمجد قليلا .. ثم عاد الي حديثه قائلا : أحمد فعلا طلع قد المسئوليه وقدر يثبت وجود فرع شركتنا في القاهره
فيبتسم يوسف قائلا : طب كويس
فيتأمله أمجد بتعجب قائلا : من ساعة ما مريم دخلت حياتنا ...وانت أتغيرت يايوسف .. بس نفسي أعرف ايه اللي حصل خلاك تتغير
ليتذكر يوسف لحظات أفاقتها من غيبوبتها التي دامت شهرا ، وكان كل يوم يذهب اليها ليطمئن عليها
وفي يوم !!
الطبيب : ابشر مستر يوسف فقد أفاقت مريضتنا بسلام من غيبوبتها
فيبتسم يوسف علي سماع ذلك الخبر ويدخل عليها حتي يجدها تنظر اليه بقوه قائله : انت مين انت اللي ساعدتني صح !
فيتأملها يوسف بتعجب : ها ، انتي مش فكراني
لتتعمق مريم في النظر اليه وتظل ترمقه بنظرات تائهه ، حتي وضعت بيدها علي رأسها قائله : عايزه حجابي
فيندهش يوسف منها ليقول : ليه ؟؟
قترمقه بغرابه : عشان انا مسلمه ، وحجابي هو عفتي .. ارجوك اخرج بره وجيبلي حجاب اغطي بي شعري ارجوك.. مش عايزه حد يشوفني كده
ليطالعها يوسف بنظرات متردده وهي يدير ظهره لها حتي قال..
يوسف : طب لو قولتلك انك مش مسلمه
فتصرخ مريم قائله: لا لا أنت كداب .. انا حاسه بديني .. وتهز رأسها بجزع .. انا شايفه بابا قاعد قدامي وبيسمعلي سورة ياسين .. أنا حتي سمعتها حلو وبابا قالي شاطره يامريم ..
ليلتف اليها ثانية ويتأملها وهي تبكي كالأطفال .. حتي بدأت ترتل بصوت مدمع سورة ياسين .. فتقف جميع حواسه عند هذه الأيه
وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (10) إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ((11
فيفيق من شروده علي صوت أمجد وهو يقول : صحيح الدكتور قالك ايه بخصوص حالة مريم هتقدر تسترجع تاني جزء ذاكرتها المفقود
لينظر اليه يوسف قائلا بأنهماك : قال لما تحس الاول بالأمان في عالمها الحالي ، هتقدر ترجع زي ما كانت !!
...................................................................
أنتظر طارق ان يسمع صوت نهال التي صمتت بعدما سمعت بأمر سفرهه
طارق : ياحببتي أنا هسافر بس يومين البلد عندنا وهرجع علطول .. ثم بدء يغمز لها ليقول : هانت خلاص ياقلبي ايام ونبقي سوا يا نهال
لتتنهد نهال عبر الهاتف قائله : لازم يعني تسافر ياطارق
فيبتسم طارق قائلا بسعاده : ياقلب طارق ..طارق ميقدرش يستغني عنك ، وهتصل بيكي كل دقيقه
لتغمض هي عيناها بقوه قائله بخوف :طيب خلي بالك من نفسك وسوق براحه
فيضحك طارق علي خوفها هذا ليقول بعشق : حاضر ياحببتي !
...................................................................
جلست سالي بجوار مريم قائلة بحب مزيف وهي تريها بعض المجلات : شايفه أزاي الستات يامريم قدام يوسف ،وتابعت بحديثها قائلة بخبث : راجل زي يوسف وفي مكانته أكيد محتاج ... وقبل أن تكمل حديثها وجدت مريم تنظر اليها قائله : لاء يوسف بيحبني هو قالي كده
لتضحك سالي بقوه قائله : طب قوليلي هيحبك ازاي .. وانتي يعني طول الوقت بتلعبي مع ياسين .. انا أسفه يامريم ياحببتي بس انتي عارفه انا بحبك ازاي زي اخوتي
ثم اخرجت احد الصور القديمه ليوسف مع احدي السيدات العاريات وهي ملتصقه بيه وتراقصه : طب شوفي الصوره ديه
لتنصدم اعينها مما رأت .. فتنهض سالي ممسكه بيد طفلها ياسين قائله : حببتي يامريم انا لازم امشي دلوقتي ، اشوفك بقي بكره في الحفله
فتنظر اليها مريم بتوتر : حفلة ايه
لتعود اليها سالي قائله : ايه ده انتي متعرفيش ان يوسف عامل حفله لأفتتاح فندق كبير في مونتريال !
..................................................................
وقفت شهيره أمام أبنتها لتلقي في وجهها أحد المجلات قائله : خليكي خايبه كده لحد ما واحده من دول تقدر تاخده منك
لتدمع عين أروي التي قد وقفت لتخلع عن جسدها اسدال الصلاه : هو حر ياماما
فتنظر اليها شهيره بضيق : انتي مالك بقيتي مستشيخه كده ، لاء انا عايزاكي ترجعي زي الاول ..ثم أقتربت من أحد أذنيها قائله : ياعبيطه الراجل بيحب ديما الست اللي تحسسه بكامل انوثتها ، وتغريه بكل حاجه فيها ..
فتخفض اروي رأسها ارضا متذكره كل ما كانت تفعله وماكانت النتيجه الا ان أصبحت .. مجرد عاهره بالنسبه لحب عمرها وفي نظر نفسها، فأبتعدت اروي عن والدتها واتجهت الي فراشها قائله وهي تضع بجسدها عليه بتعب : انا تعبانه ياماما وعايزه انام !!
...............................................................
نظر اليها يوسف وهي تتأمل طبقها الموضوع حتي قال : مالك يامريم ؟
فنظرت اليه مريم طويلا قائلة بحزن : انا عايزه اعرف كل حاجه عن نفسي وانا كبيره عايزه افتكر الجزء الناقص من حياتي
فأرتجف قلب يوسف بشده ، فهو يريدها هكذا .. فكيف ستكون رد فعلها عندما تعلم بأن اول لقاء بينهم قد كذب عليها فيه واخبارها بأنه سائقا لثرياً ، وكيف سيخبرها بأنه هو من تسبب لها بذلك الحادث والاهم من كل هذا كيف سيخبرها بأنه مازال معتنق المسيحيه رغم كونه مسلما الا ان تعليم جده عن الدين المسيحي مازال مرسخ بداخله ، وان ما فعله والده مع امه يجعله يظن دائما بأن هذا الدين ليس دين الرحمه والمعامله الحسنه كما يدعون .. ليخرجه من دائرة افكاره صوته وهي تقول بأبتسامه : كل سنه وانت طيب
فيتأملها يوسف طويلا حتي تقول هي ثانية : فاضل يومين ويبدء اجمل شهر في السنه
فنظر اليها يوسف بعمق حتي قالت : احنا هنصلي ونصوم سوا صح ، وهنجيب فانوس رمضان .. هنعمل كل حاجه زي ما بابا كان بيعملها صح .. ونهضت من علي كرسيها واقتربت منه وانحنت بجسدها كي تطبع علي أحد خديه قبلة حنونه دافئه : انا بحبك
لتتسع عينيه بدهشه من تلك الكلمه التي خرجت منها بكل هذه المشاعر حتي قالت هي : انا مش طفله يايوسف ، انا بس مش فاكره حاجه غير ذكرياتي في طفولتي مع بابا مش فاكره غيرها هتفضل معايا لحد ما افتكر .. ومش هتسبني وتروح للستات الوحشه ديه ... واخرجت من جيبها تلك الصوره التي أعطتها اليها سالي وأشارت بأصبعها علي تلك السيده العاريه .. فسقطت دموعها وهي تقول : انا بحبك زي ما كنت بحب بابا هو كان حنين اووي خليك معايا
فنهض من مقعده سريعا ليحتضنها قائلا بمشاعر بدأت تتحرك بقوه : خلاص أهدي ياحببتي ، انا بحبك كده وعايزك كده مش عايزك تكبري خالص سامعه ... وعايزك ياستي تفضلي تحكيلي عن ذكرياتك الحلوه اللي كانت مع باباكي .. انا عايز مريم البنت الصغيره ... وظل لفتره يربط علي شعرها بحنان لترفع هي بوجهها قائله بألم : انت مش عايز تاخدني معاك حفلة بكره عشان محدش يضحك عليك صح وانت معايا ، ويقولوا الراجل الحلو ده متجوز ديه
فضحك بقوه حتي أدمعت عيناه
يوسف : الراجل الحلو .. وعاد ليحتضنها وهو يغمض عينيه يتذكر السبب الحقيقي في ابعادها عن عالمه الخارجي ووجودها الدائم في القصر ليقول بهمس : سامحيني يامريم ، بس انتي لو خرجتي للعالم ده هترجعي تفهمي كل حاجه تاني ، وانا عايزك ليا لوحدي
وافاق من شروده علي حركتها التي جعلته يبتسم فقد كانت تتمسح بوجهها في صدره كالقطه !
..................................................................
صرخه قد ضوت من أعماق قلب اخته المقهوره ... ليحتضنها ببكاء قائلا : ادعيله يانهال ، ادعيله
لتبكي هي بقوة قائله : طارق مات ياأحمد .. طارق خلاص راح .. لاء انتوا بتكدبوا عليا .. وركضت بتجاه ذلك الطبيب الذي أخبرهم بذلك الامر بعدما عمل كل ما بوسعه كي ينقذه بعد ان نقل الي المشفي بعد ذلك الحادث الشنيع بنزيف حاد
فيجذبها احمد اليه ثانية قائلا بألم علي صديق عمره وزوج اخته الذي فقدهه: نهال اهدي .. اهدي يانهال
فسقطت دموعها علي ايديه وسقطت هي أرضا قائلة بألم : كنت حاسه ان فرحتي بيك مش هتكمل !
...............................................................
نظر اليه أمجد طويلا ليراه وهو واقف يمسك كأسه ويتأمله حتي ضحك امجد : ضميرك بيعذبك ولا ايه
فأنتبه اليه يوسف وامسك كأسه وزجاجة الخمر التي امامه وذهب الي المرحاض التي تضمه غرفة مكتبه الواسعه في احد فروع شركاته العملاقه ، وافرغ كل ما تحتويه الزجاجه
ليعود ثانية بتعب : انا صايم النهارده
فيحدق به أمجد قائلا بدهشه : لاء مش مصدق
فيتذكر يوسف اول اسبوع قد بدء به الشهر الكريم ووجود مريم بجانبه وانتظارها له للأفطارسويا وتشجيعه له بأن يصلوا سويا وتهربه منها بأنه سيؤدي صلاته في أحد المساجد ... ولكن كل ذلك كان كذبا فكان يخرج ليهرب منها ولا يعود سوا بعد ميعاد الافطار بساعه ليجدها تنتظره بحب
فيجلس علي كرسي مكتبه بتعب ويتذكر أخر قصة قد قصتها عليه امس من اقاصيص والدها لها فأبتسم وهو يتنهد بقوه !
...............................................................
ايام مرت ليأتي يوم دخولها الي عش بيتهم الجديد ليقول هو بتهكم
أحمد : اتفضلي ولا مكسوفه
لتنظر اليه أروي بحزن ، وتخفض وجهها أرضا قائلة بدموع : حرام عليك انا قولتلك خلاص متشفقش عليك وتتجوزني وسيبني اكفر عن غلطتي لوحدي طول عمري
وصرخت في وجهه قائله : انا راضيه اتعاقب بكل حاجه ، بس مشوفش اكتر انسان حبيته وسلمتله نفسي بسبب غباء حبي ليه يعملني كده ، يارتني كنت موت
لينظر اليها أحمد طويلا .. ويبتعد عنها قائلا وهو يشير بيدهه الي اتجاه غرفتها : ديه اوضتك .. ثم أشار ناحية غرفته : وديه اوضتي .. اظن انتي عارفه وفاهمه هنعيش ازاي سوا
فسقطت دموعها بصمت وحركت رأسها بفهم وصارت بتجاه غرفتها وهي تحمل بيدها طرف فستانها بأنكسار
.................................................................

عشق القلوبWhere stories live. Discover now