الفصل العشرون والاخير

28.1K 514 60
                                    


  لفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل العشرون والأخيـــــــــــر

كانت روحه معلقة بما يصنعه له عقله ،فبدء عقله يكمل له ذلك الكابوس الهائج بين طيات قلبه .. فأستمر الظلام الحالك الذي بات يصارعه وسبح في حلمه اللعين
ظل يأخذ رواق المشفي ذهابا وايابا ، ليصوب نظره نحو غرفة العمليات ويسقط أرضا منتحبا بضعف وهو يضع بكفيه علي وجهه
فيسمع صوت يحادثه بقلق : مستر يايوسف انت كويس
فيرفع هو بوجهه قليلا ناهضا من ركضته تلك بضعف
يوسف : طمني يادكتور علي حالتها قولي انها كويس
فيشفق الطبيب عليه ويخفض رأسه ارضا قائلا : انا أشفق علي حالك سيدي ولكن حالة زوجتك وطفلك بخطر لا نعلم من فيهم سوا ينقذ
ليفيق من كابوسه بصعوبه وهو يلهث وكأنه كان يصارع شئ ما ، فأغمض عينيه بتنهد وهو يتصبب عرقاً... ليتذكر تلك النائمه بجواره فأنتفض بفزع لكي يراها وهو يتمني ان يكون كل هذا حقا كابوس .. فلامس بأيديه جسدها ونظر الي بطنها بأعين نادمه حتي قال وهو يضع وجهه بين راحتي كفيه بألم
يوسف : لازم تعرفي كل حاجه يامريم ، انا مش هستني أنك تضيعي مني مش هستني ..
فلمسها بحنان بالغ .. لتنتفض هي من نومتها قائله
مريم : في ايه يايوسف ، لتتذكر حديثه اللاذع معها ورفضه في العوده الي وطنها فقالت بأمل
مريم : انت مصحيني عشان تقولي اننا هنرجع بلادنا تاني ، وهشوف اهلي .. ومش هتسبني أبدا
فأبتسم يوسف بخوف وامسك بكف أيديها ليقبلها
يوسف : حاضر يامريم والله هعملك كل اللي انتي عايزاه
وأبتلع ريقه بصعوبه وهو يتأمل وجهها بحنان : بس في حاجات كتير لازم تعرفيها ، بس قبل ما تعرفيها اوعديني انك هتديني فرصه تانيه .. فرصه واحده بس وصدقيني عمري ما هخذلك تاني
وأحتضنها بقوة وبكي بين ذراعيها بضعف : انا تايهه اووي يامريم ، اوعي تسيبي أيدي يمكن انتي القشه اللي ربنا بعتهالي عشان تنجدني من نفسي
فأشفقت علي حاله ومسدت علي ظهره بحنان يصاحبه القلق مريم : اوعدك اني مش هسيبك ، وابتسمت بعفويه : ما انت لسا مفرحني ورجعت تاني يوسف اللي ديما بشوفه بطلي ،وسندي في دنيتي
فأبتعد عن حضنها ونظر اليها بأعين نادمه
يوسف : انا مش مسلم يامريم
فأنظرت اليه بأعين منصدمه .. حتي قال
يوسف : مسلم بأسم والدي بس (يوسف عبدالله ) بس انا في الحقيقه وحياتي اللي عيشتها اني مسيحي .. أتربيت علي الأنجيل ، ممكن اجاوبك عن حاجات كتير في الانجيل اما القراءن للاسف معرفش منه حاجه كل حاجه اتعلمتها منك انتي يامريم
فتتذكر هي يوم أن طلبت منه ان يصلي بها .. ليتحجج قائلا
: ها ، ونظر الي ساعته قائلا : انا لازم اخرج دلوقتي يامريم غصب عني معلش
فتعود اليه بأعين شارده ، محركة رأسها دون فهم .. حتي أمسك أيديها بين أيديه
يوسف : والدي السبب هو وجدي .. لو كان متخلاش عن امي ، وامي مهربتش بيا كانت حياتي بقيت غير كده ، انا أتعلمت من جدي ان المسلمين قلوب بلا رحمه مش بيحبه غير الفلوس
جدي كان مفهمني ديما ان بابا اتجوز امي لانها غنيه ، ولما هو اتبري منها وعرف انه مش هيساعده بشئ .. طردها
جدي متخلاش عني ولا عن امي ، اما هو اتخلي عن امي وعني
كنت بين صراع بين مين احسن الدين اللي نشئ منه راجل احتوي بنته وطفلها لما رجعت ليه وطلبت السماح
ولا الراجل اللي باع كل شئ من غير رحمه عشان شوية فلوس
وتابع بحديثه بتنهد : بس والدي طلع مظلوم ، اهله السبب هما اللي ضحكوا علي أمي وخلوها تهرب كانوا ديما بيقولوها انتي مش مننا .. وابتسم بمراره وأكمل حديثه قائلا : يوم ما ماتت كنت لسا طفل صغير مسكت ايدي وقالتلي أنها حبيت بابا جدا وحبيت الاسلام.. ولكن في النهاية هو خذلها
ماتت وهي كانت لسا موجوعه منه ، كنت طفل مش فاهم حاجه بس جدي فهمني كل شئ وعرف ازاي يكرهني في اهلي وقدر يعوضني بالفلوس والعز والجاه .. كبرت واتعلمت منه ازاي نتفضل علي المسلمين بأموالنا ونحسسكم بأحسانا
وادمعت عيناه بألم : غلطه واحده دفعت تمنها قلوب كتير ، جدي واتزرع الكرهه جواه بسبب اللي حصل مع ابنته الوحيده .. وبابا اتحرم سنين طويله من اني اكون ليه أبن بسبب جفايا .. وانا كل دول زرعوا جوايا حب النفس والانانيه وانسان كارهه انه يبقي علي دين
وبكي بحرقه وهو يتابع : يعني كافر يامريم ، انا كنت كافر مكنتش بتبع ولا الدين المسيحي ولا ديني كمسلم
بزني وبشرب خمره ، قلبي حجر،انسان عاق لوالده .. اخ عديم الرحمه .. عاقبت ناس كتير اووي وكنتي انتي في النهايه
فنظر لها فوجدها سابحه في افكارها حتي قال
يوسف : ايوه أنتي .. انتي نوع من الستات عجبني .. انا كنت اعرفك يامريم وانا الشخص اللي كان السبب في الحادثه مش اللي لاقاكي علي الطريق وساعدك
فجحظت عيناها من هول تلك الصدمات التي اسقطها علي مسمعها
حتي قال : ايوه اعرفك ، اعرفك يوم ما شوفتك علي البحر وحضنتي البنت الصغيره وطيرتي الحمام ببرأه ،ويوم ما الشباب السكرانين حاولوا يتعدوا عليكي في الشارع وفضلتي تسرخي عشان حد ينجدك، اعرفك يوم ماجيتي هناك في القصر بتاعي في حفله من الحفلات اللي كنت عاملها عشان صفقه من صفقاتي .. وكنتي جرسونه ومديرك فضل يهين فيكي .. القدر حطك قدامي كتير اووي
خدعتك وقولتلك اني سواق لصاحب القصر ، أفتكرتي أمجد هو صاحب القصر وانا السواق .. عرضت عليكي أساعدك واشغلك عند يوسف أدور صاحب الخير اللي عايش انا فيه واللي انتي كنتي عارفاه بأمجد .. عيشت عليكي دور الشاب الفقير اللي محتاج الشفقه .. لحد يوم الحادثه كنت راجع من أجتماع في الفندق اللي أنتي شغاله فيه اللي انا برضوه املكه وخبطك من غير ما أقصد
فأدمعت عيناها ونظرت اليه بعتاب طويل حتي أشاحت بوجهها بعيدا عنه ، فأمسكه بأطراف أنامله بحنان ليتمكن من النظر اليها
فتأمل دموعها الصامته : بس يوسف الأناني ابو قلب حجر الحقود العاصي .. اتغير علي أيدك
دخلتي حياتي وفهمت ان رب العباد واحد وان قلوبنا بأيده وحده ، ومش كل القلوب زي بعض وان الدين ليه هو بس في النهايه القرب منه لازم يكون علي الحق .. شوفت أزاي أنا كنت فاقد الأيمان ، شوفت دين عمره ماقلل من شأن نبي او أنسان فقير او غني .. كل كلمه سمعتها معاكي في القراءن حسيت بيها .. وفيها ان ربنا بيخاطبني فهمت كلمة امجد ليا : الحمدلله علي نعمة الأسلام
وصمت طويلا حتي قال بتنهد : انا متجوزتكيش عشان بشفق عليكي يامريم ، انا أتجوزتك وانا كل ذره في كياني بتحركني انها عايزاكي
وأقترب منها كي يأخذها بين أحضانه .. فأبتعدت عنه بألم وصدته بيديها
مريم بأعين باكيه : ارجوك نزلني مصر !
...................................................................
اصبح وجودها في حياته هي السعاده الضائعه التي لم يكن يشعر بضياعها الا عندما أدخلها القدر في حياته
نظر اليها وهي تطمع طفله تارة وتبتسم له بحنان تارة أخري حتي قال باسماً
أمجد : طب وابو ياسين يانهال ، ايه مالهوش اي حاجه من الدلع ده
ليرد الصغير قائلا : ياسين بس .. ياسين بس
فضحكت نهال ورفعت ايدي الصغير قائله بمشاغبه : ايوه ياسين بس ، ياسين بس
فحاول هو أن يتصنع الحزن حتي قال
أمجد : طب خلاص انسوا الفسحه اللي كنت عاملها ليكم
ونهض من امامهم وهو يقول : انا خارج خلاص لوحدي
فنهضت خلفه سريعا وهي تحمل الصغير بين ذراعيها
نهال : يلا يا ياسو قول بابا وبس بابا وبس
فهز الصغير ايديه بسعاده وهو يقول : بابا بس .. بابا بس
فضحك امجد علي صغيره وانحني بجسده نحوهما ليقبل صغيره ويأخذه منها ليحمله ومال علي أذنيها
امجد بهمس : عايز اسمع أمجد بس ، امجد بس منك انتي كمان
فأرتجف جسدها من قربه هذا حتي قالت بأضطراب
نهال : ها
فتعالت ضحكاته علي رد فعلها
امجد بهمس : بحبك
..................................................................
أردفت معه دخل شقة والده بشرود وهي تتذكر حديث والدتها ووالدها عندما جاء اليهم ليأخذها
شهيره : ايوه طبعا هتروحي مع جوزك ، خدها يا أحمد من هنا احنا اظاهر دلعناها كتير
لتفيق علي صوت والد زوجها السعيد بخبر حملها : انا فرحان اووي ياولاد هتملوا عليا البيت احفاد ، عقبال نهال اختكم
فنحنت أروي بجسدها بضعف وقبلت أيديه بأعين تتلألئ بها الدموع : عامل ايه ياعمو
عبدالله بسعاده : عمك فرحان اووي انكم هتعيشوا معاه ، وهتجيبوله حفيد ، عقبال يوسف ام يرجع كمان ونعيش كلنا سوا
فأبتسم أحمد بسعاده لوالده وتأمل زوجته التي يعلم بأنها غصبت علي عودتها معه الي بيته
أحمد : اروي هي اللي فكرت في الفكره ديه ، اننا نعيش كلنا هنا سوا يابابا
فنظر اليهم عبدالله بسعاده
عبدالله : انا خليت ام محمد تجهزلوكم الاوضه بتاعتكم ، روحوا ارتاحوا ياولاد عقبال ما الغدا يجهز
ليسير وا سويا نحو غرفتهم ويغلق الباب خلفه فتفزع من وجودها معه في مكان واحد
أروي : اوعي تفتكر اني سامحتك يا أحمد ، انا بكرهك سامع بكرهك .. زي ما بكرهه نفسي
..................................................................ظلت تنظر الي كل جزء في تلك البلده التي صممت أن تذهب اليها قبل عودتها الي وطنها
مريم بحيره وهي تنظر الي المطعم الذي كانت تعمل بيه : أنا حاسه اني جيت هنا قبل كده بس مش فاكره
فتابعها بأعينه ، حتي أشاحت بوجهها عنه
مريم : مافيش فايده ، خليني اروح اشوف نهال لو سامحت
فتأملها بندم وأرتد نظارته السوداء كي لا تري عيونه النادمه وضعفها ، وحرك رأسه بالموافقه وصار معها الي أخته وزوجها قبل أن يتركوا كندا
.............................................................
احداث كثيرا مرت ، وأيام قد ذهبت بحلوها ولكن مازال مرارها موجوداً في حلق البعض
أحتضنت رضيعها الذي وضعته منذ شهران بحنان وبدأت تداعب أنامله بأصبعها حتي قالت
مريم : تعرف ان انت السبب في اني لسا عايشه مع باباك ، انا عذراه بس في نفس الوقت مش قادره أسامحه علي لعبه بيا
,واطفأت نور الأباجوره التي بجانبها في تلك الحجره التي تضمها سويا هي ورضيعها بعيدا عن أباه وتابعت حديثها
مريم : انت أجمل حاجه بقيت في حياتي وابتسمت بسعاده
يوم ماولدتك أفتكرت كل ذكرياتي الحزينه ورجعلي الجزء المفقود من حياتي .. بس تصدق ياحبيب ماما اني نسيت كل شئ محزن مع اول ضمه ليك في حضني ، انا مش عايزه حاجه من الدنيا ديه غيرك
لتنتبه لحركه جفون صغيرها فتقبله وهي تبتسم ولكن مرارة الكلام الذي أخرجته من حلقها جعلت دموعها تنساب علي وجهها دون شعور
مريم : انا رضيت اعيش هنا عشان مظلمكش ، انت مالكش ذنب .. مش عايزه يحصلك زي باباك ولا زي .. انا جربت اليتم ياحبيبي ونفسي اعوضك واديك كل الحنان والدفئ وتعيش بيني وبين باباك عايزه لما أكبر اشوفك راجل قد الدنيا بار بيا وباباه .. زي ما باباك بيعمل مع باباه كده دلوقتي !
وتذكرت دفئ ذلك البيت الكبير الذي تعيش فيه مع اهل زوجها وابنة عمتها فلم تتوقع أن عائلتها الجديده ستضم أناسا تعرفهم ، فالحسنه الوحيده التي جعلتها تجلس في ذلك البيت هم اهله وايضا
لتشرد في حديث امها ...
شوفتي جوزك يابنتي بقي معيشنا في خير قد ايه ، ربنا يحفظه ..انا دلوقتي بقيت مطمنه عليكي معاه رغم اني زعلانه منه عشان كنت فاهمه انك فاقده النطق وحرمني من سماع صوتك وبعدك عني .. بس مدام يابنتي مريحك وبيخاف ربنا فيكي فأنا سامحته وياريت انتي كمان تنسي اللي فات ديه كدبه بسيطه يابنتي
لتبتسم بمراره وهي تعود لأرض الواقع : ياريتها كدبه واحده بس يا أمي ..
..................................................................
جلس بأنهماك بين اوراق صفقته الجديده ، حتي جاء اليه أخاه
أحمد : متقلقش يايوسف كله هيبقي تمام
ليزيل عن أعينه نظارته الطبيه بتعب يصاحبه الأرهاق
يوسف : الصفقه ديه انا حاطط امل كبير فيها ، هي اللي هتعلينا
فيجلس احمد بتعب متذكرا الكثير من الاموال التي قد سُلبت من اخاه فأخوات جده الراحل( أدور باشا وعائلته) أخذ منه معظم اموال جده .. ولم يلحق منها الا نصفها
أحمد : ما أنت اللي وفقت تتنازل عن نص ثروتك ليهم
يوسف : ده حقهم يا احمد ، وكفايه اللي أخدته من جدي .. ربنا يرحمه ويغفرله
وتذكر شئ ما
يوسف : انتوا بدأتوا تبنوا المسجد
احمد : العمال شغالين فيه ، وانا بتابع كل شئ مع المهندس .. متقلقش بكتير 6 شهور ونستلمه
فيبتسم يوسف بسعاده وهو يحادث نفسه : ياريت اقدر اعمل كل شيء يرضيك يارب ،فأنا العبد العاصي الذي انجيته من هلاك نفسه
...................................................................
وقفت تلهو في مطبخها كالفراشه تطهو له الطعام ، فتتذوق طعم الحساء الذي تطهوه فتتلذذ بطعمه
فيأتي من خلفه ويضمها بشده ويتحسس بيدهه جنينهما القادم بسعاده : وحشتيني
نهال بخضه : كده تخضني يا امجد
فيبتسم أمجد بعشق وهو يقبل عنقها الناعم ويداعب خصلات شعرها : اخص عليك يا أمجد
فتلتف اليه بحب : بعت الفلوس لجدة ياسين
امجد بتنهد : اه بعتلها الفلوس اللي محتاجها
فتبتسم بسعاده : شاطر ياحبيبي ، ايوه كده هي ليها حق رعايتها علينا برضوه ديه مهما كان جدة ياسين وربنا يهديها علي نفسها
لينظر اليها أمجد ويتأمل الهدوء الذي يسكن البيت قائلا بهمس : ياسين نايم صح
فتضحك علي طفولة زوجها ومشاغبته : اه ياحبيبي أكلته ونيمته وقولت أعملك الأكل
فيبتسم اليها بسعاده
امجد : قولي حبيبي كده تاني ، بحس اني اسعد راجل في الدنيا وانا بسمعها منك
فتضحك بدلال وتتمايل بين ذراعيه
نهال : بحبك .. بحبك .. بحبك .. بحبك
كفايه كده
ليغلق هو الموقد المشتعل ، ويغلق لهيب قلبه واضعا بيدهه علي شفتيها .. حاملها بين ذراعيه وهو يقول بسعاده
أمجد : بحبك اووي يانهال ، ربنا يديمك عليا نعمه
.............................................................
ظل يحادثه بسعاده وهو يقص عليه كل ماحدث في مناقصتهم وربحهم لها
احمد : شوفت مش قولتلك ان شاء الله هنكسبها ، ثق في ربنا ثم فيا
ليحادثه يوسف عبر الهاتف مبتسما : الحمدلله ، حاول تيجي بدري عشان نتجمع سوا النهارده علي العشا
احمد بفرحه : ياا اخيرا يايوسف هتجتمع معانا علي سفره واحده
يوسف بألم : ما انت عارف يا أحمد مبحبش اضايق مريم بوجودي ، كفايه انها وفقت تعيش معايا
احمد بأسي : صدقني مريم بتحبك اووي .. انتوا اصلا شبه بعض في كل حاجه حتي أسر الصغير شبهكم انتوا الاتنين عريس بنتي سامع
يوسف : ان شاء الله ياحبيبي
احمد : قول بس لمريم علي المفاجأه اللي انت عاملهلها وهي هتفرح اووي .. وانا واثق ان شاء الله ان هناك نفوسكم هتتصافي .. ده انتوا هتروحوا اطهر مكان علي بقاع الأرض
يوسف بتمني : يارب يا أحمد يارب .. قولي انت فين دلوقتي
احمد وهو يهبط من سيارته ويغلق أبوابها : قدام المسجد ، بشوف العمال وصلوا لفين
ليعلوا صوت طلق نار بجانب اخاه واحدهم يحادثه بغل : قولتلك هنتقم منك يا أحمد
ويغلق الخط ، فينتفض يوسف فزعا وهو يصرخ :
أحــــــــمـــــــــــد !!
..................................................................
جلست بجانبه بأشفاق وهي تربط علي كتفيه : خليك قوي يايوسف عشان عمي
ليرفع وجهه بألم قائلا : كنا فرحانين اووي بالصفقة الجديده ، كنا هنتجمع النهارده كلنا سوا .. كنت هفرحك انتي وبابا اننا هنسافر السعوديه عشان نحج السنه ديه
فنظرت اليه بألم ، لما يحدث معه .. فهو قد ترك معظم ماله وجاهه وسلطته وعاد معها حتي هجرانها له لم ينفر منه واتحمله ، لم تفي بوعدها له عندما طلب منها ان تكون قوته وان تغفر له .. رغم انها اكثر أحدا يتحدث علي الصفح
فعادت تحادثه بأمل : أحمد هيخف ان شاء الله متقلقش ، هيرجع ليكم وهيرجع لأروي وبنته اللي قربت تيجي علي وش الدنيا
وتلتف ناحية ابنة عمتها المنهمكه في البكاء بجانب والد زوجها
فيتابع هو أيضا نظراتها المصوبه نحوهما : ادعيله يامريم
...................................................................
نظر امجد اليها طويلا وهو يخشي أن يخبرها بما حدث ، فضمها اليه وهو يحادثها
أمجد بحنان : نفسي أحققلك طلبك ونعيش في مصر .. بس مينفعش اسيب فرع شركتنا اللي هنا وأدارتها
نهال بأرهاق : ولا يهمك ياحبيبي ، امجد انا عايزه اطمن علي بابا .. قلبي مش مريحني حاسه ان فيه حاجه
أمجد بدعابه :طب خليها بعد حدوة النهارده
وضمها اليه اكثر حتي ابتعدت عنه ضاحكه : يا أمجد كفايه بقي حواديت
فيضحك معاها ويلمس وجهها بحنان
أمجد: في حد يقول للعسل كفايه
.................................................................
نظر اليها بحنان وكأنها أباها حتي قال : أدخلي ليه انتي يا أروي يابنتي وابقي طمنيني عليه
فصارت نحو غرفته تحت انظار والد زوجها ، وهي تعلم بأنه قد شعر بأحتياجها لرؤيته رغم كل ما تخفيه من حب
فيتأمل عبدالله ابنه الأخر .. متحسرا علي حياة اولاده الأثنان
..................................................................
فوقفت تتأمله بقلب دامع وهي تري التعب بادي علي ملامحه ، وصوت الاجهزه تعلو حوله .. فأقتربت منه بخطوات ثقيله من الخوف.. فماذا لو كان حدث له اي مكروه واقتربت منه حتي جثت علي ركبتيها أمامه بألم ومسدت بيدهاعلي شعره بحنان وامسكت بأحد أيديه كي تتأكد بأنه مازال معها
فهبطت دمعة من بين جفونها علي ايديه الممسكة بها
ليفتح عينيه بألم قائلا : متعيطيش يا أروي ، انا مستهلش دموعك ديه
وابتسم بمراره حتي عاد يحادثها : سامحيني يا أروي ، عاقبتك بسبب ضعف قلبك ليا ، ونسيت ان انا السبب ... وبدل ما أمد ايدي ليكي خونت قلبك وخذلته ووجعته
فتمد بيدها الحنونه حتي تضعها علي شفتيه : قلبي اللي خذلته لسا بيحبك .. وعمره ما أتمني أنه يشوفك كده ..
ليضع بيده علي قلبه بتعب
احمد : حبكم لينا اصدق بكتير من حبنا ليكم مهما عملنا ،حبكم لينا مليان بالغفران اما حبنا ليكم كله مليان عقاب وانانيه
فأبتسمت اليه بضعف وهي تشعر بوجع قوي يحتل جسدها حتي صرخت بعلو صوتها وهي تقول
أروي بصراخ : أنا بولد يا أحمد
...................................................................
جلسوا جميعهم يضحكون وهم ينظرون الي الصغيره ( ريتال )ويتذكرون يوم ولادتها
فتلتف أروي اليهم بعدما رأت بعض الهدايا التي جلبوها لهما
أروي : اوعوا تكوني مدعتيش ليا يامريم
فأبتسمت مريم بسعاده : دعيت لينا كلنا ، ياااا يا أروي الدور اللي جاي عليكي انتي بجد راحه مافيش بعدها ربنا يكتبها لينا ديما ويكتبها لكل مشتاق
لينظر الجد الي حفيدته الصغيره بعدما أخذها من والدها
عبدالله : طالعه شبهي البت ديه
فيقترب يوسف من أبنة اخاه وهو يحمل طفله : فعلا يابابا ديه كلها انت
ليبتسم أحمد قائلا : ما من حب امها في جدها ، المره اللي جايه عايز شبهي سامعه
فتتعالا ضحكاتهم جميعا حتي يبكي الصيغر وكأنهم يشاركون ضحكاتهم بصياحهم
فينظر يوسف لأخاه قائلا : عايزه يا أحمد شويه في المكتب
ويسيروا سويا تحت انظار والدهم ، ولكن التف سريعا لزوجات أبنائه
عبدالله ضاحكا : دعتلكم انتوا الاتنين تبطلوا نكد علي ولادي سامعين
وامسك بهاتفه قائلا : تعالوا اتصلولي بنهال عايز اطمن عليها ، اقول عليك ايه يا أمجد ياأبن روحيه اختي.. أخدت بنتي وسافرت
ليضحكوا الأثنتان علي حديث والد أزواجهن مبتسمين له بحب لحنانه عليهم الدائم
..............................................................
أنصدم يوسف من حديث اخاه حتي قال
يوسف : انت يا أحمد تعمل كده
فتأمل أحمد طفلته التي يحملها بين ذراعيها : الحمدلله ان ربنا جزاني علي عملته فيه ، صدقني يايوسف انا ندمت اني أذيته في شغله .. بس الفلوس واني انجح في عالم المال كانوا عاميني عن عيوني الرحمه والضمير
يوسف : عشان كده قولت للبوليس انك متعرفش الشخص اللي ضربك وان الرصاصه جات بالغلط
أحمد بأسي : انا استاهل اللي حصلي ، والحمدلله كان ده عقابي في الدنيا .. وياريت اقدر اكفر عن ذنبي التاني
فنظر اليه يوسف بغرابه : ذنب ايه اللي تاني يا احمد؟
احمد بألم وهو يتذكر زوجته : متاخدش في بالك .. علي فكره انا رفضت ندخل الصفقه اللي فاتت عشان اعوض الشخص اللي ظلمته لان شركته كانت خلاص هتقع، ربنا يسامحني علي اللي عملته فيه
ليبتسم اليه يوسف بحب : ربنا كريم
..............................................................
وضعت طفلهما بينهما بسعاده ، وهي تتذكر رحلتهم الجميله الي بيت الله ...فأبتسم اليها بسعاده وهو يتصفح الصور التي التقطوها اليهم هناك .. ناظرا الي وجهه والده وزوجته وطفلهما الرضيع حتي قال
يوسف : ان شاء الله كل سنه هنروح سوا .. وامسك بكف أيديها وقبلها بحنان
يوسف : انا مبسوط اووي يامريم .. انك قررتي نرجع تاني لبعض ونبقي زي اي زوجين ، صدقيني يا مريم انا ندمت علي كل شئ عملته .. وعمري ما كنت سعيد غير دلوقتي ، عارفه وجودك في حياتي انتي وأسر اجمل نعمه
فأبتسمت اليه هي بسعاده لحديثه ونظرت اليه طويلا قبل ان تقول
مريم : انا عايزه افتح مصلي في المسجد للسيدات ويكون فيه دروس شرعيه وحفظ للقراءن
فتأملها بحب وهو يعاود ليقبل راحة كفيها : حاضر
وتذكر شيئا علي جهازه المحمول حتي قال
يوسف : في حاجه لو ورتهالك دلوقتي مش هتصدقيها
ويفتح ذلك الفيديو واضعا صورته امامها قائلا : اتفرجي
فتتأمل معالم ذلك الرجل بدهشه : مستر جون
وتسمع حديثه الذي يحتوي
جون : كنت عدو لاي دين أخر غير ديني .. كنت أبغض الأسلام بشده ، كنت سعيداً عندما ابث المشاهد الجنسيه وانشرها بين الفيديوهات الدينيه .. كنت أريد ان أثبت للعالم كله أن المسلمين ضعفاء لشهواتهم ونفوسهم.. ولكن قد أهداني الله من نفس الطريق الذي ارادت ان أجعل أخرين يعصون خالقهم .. أعلم ان الله غفورا رحيم ، وانه قد أختارني انا وزوجتي وابنتي وابني ان نصبح مسلمين لانه يحبنا ، اتمني في نهاية حديثي هذا ان تسمعه انسانه وتسامحني علي كل شئ فعلته بها وأذيتي لها وليتني أعرف لها مكانا لأجعلها تسامحني
وانهي مقطعه الفيديو وهو يقول بصوته في ترتيل هادئ وجميل وبعربيه ضعيفه :بسم الله الرحمن الرحيم
( وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْكَافِرُونَ )
فأدمعت عيناها بألم وهي تشاهد ذلك الرجل الذي دوما أذاها لتتذكر قول الله تعالي في (سورة يونس)
ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ( 99 ) وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون ( 100 )
...................................................................
جلست بجانبها تتأملها وهي تراها جالسة تقرء في كتاب الله ، وبين أحضانها طفلا صغير يبتسم لما يسمعه من صوت أمه .. فأمسكت بأيديها بشوق وهي تقول بسعاده
ريما : لسا جميله ونقيه زي ما انتي يا مريم
لتلتف مريم الي ذلك الصوت الذي تعرفه تماما وتمنت دوما أن تلتقي بصاحبته ، فنظرت اليها بشوق شديد وهي تتأمل ملامح تلك الجالسه بجانبها بحجابها ولبسها المحتشم وبيدها أبنها الصغير
لتبتسم ريما لنظرات صديقتها القديمه : أبني يحيي
وتأملت المكان حولها وهي تقول بسعاده : قالولي ان في المسجد ده دار تحفيظ كويس جدا للدروس الشرعيه وأداب الدين وحفظ القراءن .. فقولت أجي اعوض اللي فات من عمري وانا بعيده عن ربنا .. ومصدقتش نفسي لما شوفتك فضلت اقول لنفسي معقول القدر يجمعنا هنا
فمدت اليها مريم ذراعيها واحتضنتها بشده وهي تبكي : وحشتيني اووي ياريما ، وحشني كل حاجه معاكي .. وابتعدت عنها، لتمسح عن وجهها دموعها بحنان
مريم : ما ديه كانت امنيتنا فاكره اخر مره كنتي معايا فيها اتمنينا فيها ايه
لتتذكر ذلك اليوم وهطول المطر الشديد وتأملهم له من شرفتهما الصغيره في ذلك المسكن
ريما بتمني : نفسي لما نتقابل تاني يامريم ، تقبليني وانا انسانه جديده بقلب طاهر انسانه تانيه خالص ، وابتسمت برضي : وتفضلي انتي ديما مريم البنت الطيبه النقيه ، اوعي تنسي تدعيلي يامريم
فتعود ريما من شرودها بعدما تذكرت كل ما مر بينهم : انا عيشت بظروف صعبه اوي وكنت هفضل طول حياتي انسانه ضايعه ، وتذكرت زوجها (مراد)بس الحمدلله ربنا عوضني بزوج طيب وحنين
وتسقط اعينهم بسعاده علي صوت صغارهم ليجدوهم يداعبون أنامل بعضهم ويضحكون
فتضحك الصديقتان ويمر شريط ذكرياتهم سويا متذكرين ذلك المطعم الذي ضم الكثير من مواقفهم المضحكه
لتطبع كلمة النهايه سطورها وتدون جملة واحده
يخلقنا الله بفطرة الحب والرحمة والضمير ،يخلقنا بكل المعاني الجميله .. ينبتنا نباتاً حسنا ، ولكن نحن نرويهم بأيدينا بماء الدنيا الفانيه ونتنسينا معها الدنيا سؤالا ننسي ان نسأله لأنفسنا دوما
هل انت راضي عنا يا الله ؟؟ 

عشق القلوبWhere stories live. Discover now