الفصل السادس عشر

19.2K 276 2
                                    

  الـــــفــصـــــل الــــســــادس عـــــشــــــر

ومع غروب شمس النهار ونسمات الهواء الهادئه .. جلست علي مُرجحتها المفضله التي تتوسط جانباً من حديقة قصرهما الواسع ،ولامست جنينها بأيدي حانيه الذي علمت بوجوده في أحشائها عندما أتت الي هنا لتحدثه بألم
مريم : هو ليه بابا ديما حابسني وباعدني عن كل الناس حتي أهلي مش عارفه عنهم حاجه .. وصمتت قليلا لتتابع حديثها الذي يحرق قلبها : انا عارفه انه بيحبني اووي بس حاسه اني مش فاهمه حاجه ،واغمضت عيناها بقوة كي تتذكر أي شئ ولكن كما هي الصوره شريط طفله صغيره تلهو علي اقدام والدها وصوت والدتها تقول : سيبي بابا يرتاح يامريم
فهبطت دموعها .. وهي تحادث جنينها : نفس اشوف صورتها واضحه في عقلي ، بس انا واثقه لو شوفتها هفتكرها علطول وحشتيني اووي يا أمي
ليأتي من خلفها ويظل يتأملها بنغزه في قلبه حتي أبتلع ريقه بتوتر ورسم أبتسامة مزيفة علي محياه
يوسف : حببتي سرحانه في ايه ، وايه اللي مخليكي في الجنينه لحد دلوقتي الجو بقي برد عليكي ياعمري
وامسك بكف أيديها كي يُنهضها معه
يوسف بدعابه :انا أبتديت اغير من المُرجيحه ديه ، ده انتي بتحبيها أكتر مني انا خلاص بفكر اشيلها
لتلتف اليه هي سريعا وبخضه وتركت يدها التي يمسكها بين راحتي كفيه : لاء يايوسف الله يخليك
فيضحك بقوه علي خوفها لفقد مُتعتها البسيطه
يوسف: حببتي انا بهزر معاكي
وأنحني بجسده كي يحملها بين ذراعيه وهو يقول بحب : متحاوليش مش هنزلك
لتحرك قدميها بعشوائيه وبخجل
مريم : يايوسف عيب ، الخدم بيفضلوا يبصوا ويضحكوا عليا ده حتي راشيل بتفضل تضحك شوفت
فيضحك يوسف بسعاده : بجد حتي راشيل ، طب كويس .. شوفتي بقي أنتي كنتي ظلماها ازاي لما قولتي انها لوح خشب
لتخبئ وجهها بين ضلوع صدرهه : يوسف انا عايزه أنزل مصر واشوف اهلي
فيبتلع ريقه بصعوبه ويصعد بها علي درجات ذلك السُلم الذي يحتوي علي جهتين ويحادث الخادم بالفرنسيه الذي وقف في استقبالهم : اجل العشا كمان ساعه ياريمون
...................................................................
صارت نحوه بخطوات يائسه حتي قالت بحزن
ريما : للاسف برضوه معرفتش حاجه عنها ، مستر عدنان مات وسيلا بنته باعت المحل ومدام مدلين صاحبة السكن قالت انها متعرفش حاجه عن مريم من يوم ماجت واحده من طرفها اخدت كل حاجه تخصها
ثم صمتت بعدما جلست بجانبه في السياره الخاصه التي ستنقلهم الي مطار كندا الدولي
ريما: بس مريم متعرفش حد هنا ، وعمها اللي كان مقيم هنا ساب البلد وكان بيكرهها مريم .. تفتكر يامراد حصلها حاجه
ليتأملها مراد بأسف : اكيد هتكون بخير حياتي ، ممكن تكون رجعت بلادها
ريما بتمني: ياريت يامراد ، ياريت كان نفسي اشوفك يامريم
..................................................................
كانت المياه تتدفق علي جسده وكأنها نار تحرقه ، فأغمض عينيه بألم وهو يلعن نفسه بسبب أنانيته هذه ، ليغلق تدفق المياه التي رغم برودت ملمسها الا انه كان يشعر وكأنها نار
ليخرج يجدها جالسة تمشط شعرها البني اللامع بشرود
فأزاح خصلاتها الطويله وانحني ليقبلها من عنقها
يوسف : سرحانه في ايه تاني ياحببتي
فدمعت عيناها
مريم : انت بقيت تتعصب عليا كتير يايوسف وديما بتتخنق مني بسرعه .. انت مبقتش تحبني
فأمسك بالمشط الذي كان بين راحتي كفيها ليصبح بين يديه ، وبدء في تمشيط شعرها
يوسف : بنوتي الحلوه عايزاني اعملها تسريحه ازاي
فهزت رأسها بالرفض حتي ضحك: خلاص انا هعمل اللي عايز اعمله ، ما انتي عارفه ان انا بفهم في كل شئ يخص المرأه
لتضحك علي حديثه وعضت شفتيها بخجل .. ليفهم هو ضحكتها
يوسف : عارف اني وقح وقليل الادب ، وسبحان الله يوم ما اتجوزت اتجوزت واحده بتتكثف حتي من نفسها
فتنير الابتسامه شفتيها .. فيبادلها هو ذلك حامدا الله بأن كلامه ينسيها كل شئ
..............................................................
نظرت شهيرة الي أبنتها بأشفاق وهو تراها تُعدل من هيئة حجابها البسيط وعبائتها الفضفاضه حتي قالت
شهيره : يابنتي الناس ديه خلاص لازم نقطع علاقتنا بيهم ، ايه لازمته كل شويه تروحي تزوري ابوه واخته
فتنحني أروي بجسدها كي تأخذ حقيبتها وهي تحادثها : نهال قربت تسافر وعايزه اقعد معاها اطول وقت ممكن وعمو عبدالله بيحتاجني ساعات ، وكمان انا عمري ما أنسي هما كانوا بيعملوا عشاني ايه وبيقفوا ضد أبنهم وعمرهم ما زعلوني في حاجه
فتلوي شهيرة فمها بأعتراض قائله : اللي يريحك يا أروي أعمليه ، انتي ايه اللي لبساه ده .. ماهو مش معقول يوم ما تلتزمي تلبسي كده ، عبايه سوده واسعه ومافيش ولا نقطه مكياج تفتح وشك .. اقول لصحابي اللي في النادي ايه
فتكمل هي سيرها نحو الباب
أروي : مع السلامه ياماما
...................................................................
نظر اليها أمجد طويلا ، بعدما تركت هاتفها جانبا بتأفف
حتي قال : مين اللي كان بيتصل من مصر يا سالي
لتظفر هي بضيق
سالي : ده جوز ماما ، بيقولي انها تعبانه جدا ومحجوزه في المستشفي .. عايزني انزل اخد بالي منها لانه مش فضيلها
فيسير هو نحو غرفتهما بلامبالاه
أمجد: سافري ليها ياسالي
فتتابعه هي بضيق
سالي: هو انا كنت ناقصه ياربي ، طب وياسين
امجد : لاء ياسن مش هيسافر معاكي ، الولد ممكن يتدعي من المستشفي .. سافري أطمني علي امك ده حقها برضوه عليكي
فرمقته بنظرات دلال
سالي : علي عيني ياحبيبي والله أنا مقدرش ابعد عنك يوم .. وزادت في أقتربها الذي اصبح يبغضه وقبلته قبلة صغيرة علي شفتيه
سالي : ربنا يخليك ليا ياحبيبي !
...................................................................
انتهت لعبتهم التي أعتادوا عليها حتي قالت اروي ضاحكه : كش ملك ياعمي
ليبتسم عبدالله لها بسعاده : متتعوديش بقي علي كده يامرات أبني
لتقف تلك الكلمه في حلقها .. ليتابع هو حديثه
عبدالله : ايوه مرات ابني وهتفضلي مرات ابني ولعلمك انا مش هسكت هو ابني اصلا يلاقي زيك
لتنهض اروي من علي كرسها المقابل لذلك الرجل الحنون والد زوجها وتنحني بجسدها كي تطبع قبلة حانيه علي راحة كفه
اروي : ربنا يخليك ليا ياعمي ، بس انا واحمد خلاص اللي بينا انتهي
عبدالله بأعتراض : ابني بيحبك ياعبيطه ،وتابع حديثه بحزن : بس من الكتر الحب بقي أعمي
لتبتسم هي بحزن علي داعبته الطيبه
حتي تأتي نهال بملامحها التي مازال الحزن يكسوها : الله الله يعني انا بعملكم احلي سحلب وانتوا عمالين تحبوا في بعض خيانه .. ونظرت الي اروي بشر مصطنع
نهال : وسعي كده يالؤلؤه ، كفايه عليكي لحد كده ، وتابعت حديثها وهي تضع بقبله حانيه علي خد والدها
نهال :سيبلي الراجل العسل ده
لتضحك اروي بسعاده من قلبها ناظرة لهم حتي سمعت صوت الخادمة تحادث احدهما مُرحبه : اهلا اهلا احمد باشا
فتحمل حقيبتها سريعا وبتوتر
أروي : انا لازم امشي
وسارت بخطي سريعه دون ان تنتبه لندائات والد زوجها ونهال
ليقف هو أمامها ، متأملا هيئتها .. خافقاً قلبه وكل جزء فيه لها فهو مازال يعشقها ولكن
احمد : ازيك يا أروي
لترفع بوجهها وتتقابل أعينهم ... وتسير رعشة في قلبها فتخفض برأسها سريعا وتتابع سيرها بصمت
ليأتي عبدالله بكرسيه المتحرك قائلا بجمود : انا لازم افهم انت ومراتك الحال وصل بيكم كده ليه
نظر احمد في ساعته بطريقة عمليه قد أعتاد عليها
احمد : انا كنت جاي اطمن عليك يابابا انت ونهال ومدام انتوا كويسين .. استأذن انا عشان ورايا شغل
...................................................................
كان نائما علي قدميها بسعاده وهي تقص عليه احد قصص الأنبياء من ذلك الكتاب الذي تحمله بين أيديها حتي توقفت قائله وهي تداعب خصلات شعره المبلله
مريم : وكده القصه خلصت ، وديه كانت قصة نبي الله عيسي عليه السلام
لينهض يوسف من علي قدميها قائلا : وابن الله
فتنظر اليه مريم طويلا غير مصدقه لما يقوله زوجها حتي قالت : انت أزاي تقول كده يايوسف ، الله واحد احد لم يلد ولم يولد
فتسيطر عليه كل تعاليم جده حتي قال
يوسف: انا شايف ان قصة نبي الله عيسي فيها كل شئ وواضحه رسالته ، اما( محمد ) انا شايف ان رسالته مش واضحه
لتنصدم هي في حديث زوجها حتي قالت : انت واعي للكلام اللي بتقوله ده يايوسف ، ازاي تغلط في خير خلق الله وخاتم الانبياء والمرسلين
فيضيق وجهه قائلا : واشمعنا دفعتي عن محمد وعيسي ابن الله لاء
لتحتارهي في حديث زوجها
مريم : قولتلك الله واحد احد لم يلد ولم يولد ، غيران انا مبغلطش في نبي الله عيسي عليه السلام ، لان ديننا عمره ما كان فيه بغض او تميز لاي نبي نزل برساله من عند الله .. ورسولنا خاتم الانبياء والمرسلين .. انت عيشتك هنا خليتك تتغير كده ليه ، انت مش يوسف اول مره أحس انك مش زينا ومش غيور علي دينك
يوسف بأرتباك ملحوظ : مريم احنا بنتناقش ، وانتي عارفه اني فعلا جاهل حاجات كتير في الدين وانتي وعدتيني انك هتساعديني
لتهدأ في حديثها معه وتتذكر وعدها له قائله : بسم الله الرحمن الرحيم (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ۝ اللهُ الصَّمَدُ ۝ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ۝ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ۝ ﴾

(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ)
لينظر لها هو ببلاها قائلا : يعني ايه
مريم : يعني اخر رساله ربنا بعثها لينا هي ان الاسلام هو المتتم لكل الاديان اللي نزلت قبله
ليمتقع وجهه ولكن تحدث بهدوء
يوسف: واشمعنا الدين المسيحي مكنش هو الدين ده، وبرضوه مجاوبتنيش ليه مش بتدفعي عن النبي (عيسي)
لتنظر اليه طويلا قائلا : عليه السلام ، لو كنت مش بحب قصة نبي الله عيسي ومعترفه بوجوده مكنتش قريت معاك قصته ، ولا كان رب العالمين ذكر لينا في كتابه العزيز كل شئ يخص سيدنا عيسي وفهمنا قصته وكل اللي مر بيه مع قومه ، وحيات السيده مريم امه
(فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أين ما كنت ‎وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا )
فنظر اليها طويلا متعجبا : انتي عارفه كل ده ازاي ومن امتا
لتنظر اليه هي بسعاده
مريم : ما انت لما بتكونش موجود وفي شغلك .. بحفظ في كتاب ربنا ، القنوات اللي هنا فيها حاجات مش كويسه وحرام فوقتي بقضيه وانا بحفظ اوانا بتأمل الطبيعه في الجنينه .. واكملت حديثها ببرأه ، ده انا عامله ليا قاعده تجنن عند الشجره الكبيره المزوعه في الجنينه بقعد تحتها وبنسي نفسي
فيضحك علي حديثها بسعاده : قصدك شجرة الصنوبر ياحببتي
ويلتهي بالحديث معها كي ينسيها رد فعله الي ان أحتضانها بحنان
يوسف بصدق : ساعديني يامريم أحب وافهم ديني
فتبتسم اليه بعشق صادق :مريم مش هتفهم يوسف ، لاء يوسف ومريم هيفهموا سوا عشان هما الاتنين يكونوا سوا في الجنه زي ماهما سوا في الدنيا
لتسير تلك الجمله بين خفايا وجدانه وعقله .. حتي مال عليها بعشق وقبلها بقبلة حانيه علي جبينها ،وعندما ابتعد عنها بشفتيه ،اقتربت كفيه وامسك وجهها بحنان بالغ ليحتويه بدفئ
.............................................................
ضحكت سالي بسخريه وهي تتأمل وجهه والدتها قائله : بقي هو ده التعب اللي انتي بسببه في المستشفي ... وتعالي ياسالي بسرعه امك بتموت ومحتاجه عمليه ضروري وكل ده عشان انزلك بفلوس العمليه من امجد لاء والعمليه .. عملية تجميل عملية تجميل ياماما وذادت في سخريتها وهي تقول : ايه العريس الجديد عايز كده ولا ايه
ليمتقع وجهه كريمه والدتها .. وتلامس بشرتها بأيديها كي تتأكد من ازالة التجاعيد
كريمه بلامبالاه : هاتيلي ياسالي المرايه عايزه اشوف العمليه صغرتني وشالت التجاعيد ولا لاء
لتخرج سالي من حقيبتها مرئه وتُمدّها لها بريبه
فتأخذها هي منها
كريمه : ايه ده انا قولتلهم عايزه اصغر المناخير كمان
سالي بسخريه : هم يضحك وهم يبكي ، معلش ياكوكو المره اللي جايه تصغر ياحببتي
...................................................................
نظر الي الحزن الذي بعينيها واقترب منها بحنان واحتضنها الي صدره
مراد : متزعليش من امي واخواتي البنات ياريما ، هما لما يعرفوكي كويس هيحبوكي
لتتذكر ريما قول امه الله له موجها اليها الحديث : متجوز واحده من الشارع ياولدي وعايزها تبقي من عيلتنا لا ده مش هيحصل ابدا
فتبتعد هي عنه وتمسح دموعها برضي
ريما: هي عندها حق يامراد وانا مش زعلانه منها
فيبتسم لها بسعاده ويُعاود لضمها ثانية : ربنا يخليكي ليا ياحببتي
...............................................................
الاقدام تتصارع والكل يهبط علي درجات سُلم ذلك البيت الذي يسقط ، فتصرخ هي بقوة ... لاااااااا
...............................................................
كان يجلس بولده يدغدغه ويضحكه حتي رن هاتفه برقم غريب لتمر دقيقة واحده وهو يسمع حديث ذلك الغريب حني سقط الهاتف من بين ايديه وهو ينظر الي طفله الجالس علي قدميه ببلاها تصحبها الصدمه
سالي ماتت !!!!!!!!!

.............................................................

عشق القلوبWhere stories live. Discover now