بداية الضياع

1.3K 29 7
                                    

فتحت عيني ..
واذا بالشمس تستقبلني بأشعتها القويه ..
حميت عيني بيدي اليمنى من اشعتها ، فشعرت بألم في يدي ، لا اراديا .. نظرت اليها فإذا بجروح انتشرت على كفي ، حاولت النهوض .. لم استطعت ، كنت متعب ... متعبا جدا .. حاولت النهوض من جديد .. اتكأت على يدي اليسرى ... فإذا بجروح منشرة صغيرة تملأها ايضا ... اوجعتني !!
يا إلهي ..
حاولت تارة اخرى  دافعا بنفسي الى اليمين مرة والى اليسار مره ، فإذا بأضلع صدري تؤلمني .. وكذلك ظهري واكتافي .. كل شي في جسمي يشتكي الآلام .. استخدمت مرفق يدي اليمنى وبكل ما أوتيت من قوة .. نهضت ..
اخخخ .. ألم في مؤخرة رأسي
وضعت يدي اليسرى على موقع الألم -لأني كنت لا أزال اتكئ على مرفقي الايمن من التعب - تحسست الالم .. اه انه جرح حوله دماء تغطيه خصلات شعري ،
نظرت الى يدي فرأيت دماء رأسي قد طبعت بيدي ،
وزعت ناظري يمنت ويسره ، انها صحراء قاحله وارض وعره مليئة بالحصى ، على مد النظر كثبان رملية من كل جانب ، لا علامات تدل على وجود حياة في الأرجاء .
تسائلت في نفسي: ماذا اتى بي الى هنا يا ترى ..؟
ماذا حدث ..؟
ماهذه الجروح ؟
كل الجهات من حولي تتشابه !! اين هو طريق النجاة ..؟
الى اين علي الذهاب ..؟
لم يستطع مرفقي تحمل حرارة الارض وخشونتها ،رفعته وجلست ، ثم حاولت النهوض على قدمي ، لفت نظري ملابسي الممزقه وارجلي .. ركبتي اليمنى مجروحه .. وكذلك ساقي .. انه جرح كبير ..
تحملت الم يديَّ ونهضت بواسطتهما .
عرق على وجهي والجروح لا تقاوم ملوحت العرق ، التهبت منه كالنار ، امسحه بطرف قميصي فأتألم اكثر .
وإن يكن ، وقفت على قدمي ولهب الارض تحرق اخمصهما  . ولكن اصراري على النجاة دفعني لتحرك ،
فتحركت الى الأمام جاهلا طريق العوده ، تحركت بخطوات مترنحة من التعب ، وضعت ذراعي اليمين فوق جبيني لتحميه من الشمس حتى استطيع الرؤية على الأقل ، تجاهلت حرارت الشمس والارض ماشيا ، ولكن ما إن خطوت عدت خطوات الا وتعبت ، فسقطت على جنبي الايمن ، ثوان حتى افزعني طلب النجاة في داخلي فقمت مترنحنا ،
وهكذا كان حالي حتى وصلت الى احد الكثبان الرملية تلك ، اسقطت جسدي عليه اتحسس نعومتها وراحتها ، ومع ذلك ، لهيب الشمس لم يسمح لي بالبقاء مرتاحا فنهضت ، جروح يدي ورأسي من الخلف قد تخللهما كثير من التراب ، اوجعني ذلك ، وزادت اوجاعي كثرت السقوط على الارض الوعره تلك.
وقفت على قدمي من جديد ، غمرت ذرات التراب الناعمه قدميّ واحسست بحرارته يغلي منها دماغي ، فتعجلت بالصعود من حرارتها .
رغم تعب الصعود وبُعد القمه ، رغم كثرت الجروح والسقوط عليها ، وصلت للقمة اخيرا ، نظرت في الأفق علّي اجد طريق للعودة .
نظرت يميني ، ثم استدرت بناظري الى جهة اليسار ببطء وتركيز ، ولكن لم اجد شيئا ، لا بيوت ، ولا طرقات ، لا سيارات ولا خيام او جمال ، كل ما رأيت كان سراب .
تعبت الوقوف وكثرة التركيز ، استسلمت لتعب فاستلقيت .
اخذت اصرخ بصوتي المبحوح ، بدأ صوتي يتضح شيئا فشيئا حتى علا في الأرجاء : هييييه ، هل من احد يساعدني ؟ انا تائه ، ساعدوني !!
سكت قليلا .
ثم صرخت طالبا النجدة مرة ثانية ، وثالثه ، ورابعه .. حتى تهادى صوتي متعبا ، ثم اغمضت عيناي منهكا. ارتخيت .لم اكن نائما ، بل كنت اسمع كل الهدوء من حولي ، واشعر بحروق جروحي وحر الشمس على جسمي ، ولكن رحمة من الله ان يتناسى جسمي هذه الأمور ويستسلم قليلا ، وزدت يقينا بأنها رحمة حينما تهادت نسائم تلطف الأجواء قليلا ، صحيح انها حاره ، ولكن مع العرق اللذي كان يغطي جسدي ، كنت اشعر ببرودة خفيفه . فغفيت ..
وبعد فترة من الزمن .
سمعت صوتا كسر الهوء فأيقضني من غفوتي تلك ، فتحت عيني ونظرت باحثا عن مصدره ،
قلت في نفسي : صوت سيارة بعيد .. هناك طريق قريب .
نهضت على قدماي انظر ، واضعا يداي فوق جبيني مركزا بناظري في الأفق ، وفعلا ، بين تلك الكثبان بعيدا هناك طريق وسيارة تمشي ، كانت كالنمله من شدت البعد .
رغم بعدها فرحت ، احسست بشعور الناجي فمشيت ، لا بل ركضت ، وما ان ركضت حتى اوقفتني آلام في جسدي فركعت متعبا منهكا متألما ، عاودت المشي المعتدل ، ثم المترنح ، بين نفود يصعد بي وينزلني ، بين سقوط محبط ووقوف بإراده ، حتى اقتربت فأسقطت جسدي مرة اخرى منهكا فاسترحت.
كان ظلي في تلك الأثناء يسابقني ، في البداية كان خلفي ثم سار معي ، والآن سبقني .
كنت في حالة عجز عجيبه ، ولكن الطريق قريب ، فكان أملي في هذا النهار ان يراني احد الماره فيتلقفني ويرأف بي .
استرحت وعيني تنظر الى ظلي وذاك الطريق ، استرحت على جنبي الايسر وغفوت مرة اخرى املي بأن استيقظ وحولي رجال يبللوني بالماء .
ولكن استيقظ ولم اجد ، وحتى ظلي ، الوحيد المرافق لي ، اختفى .
استيقظت على وقت الغروب ، كان السكون سائد في المكان ، مشيت الى الطرق وجلست بجانبه انتظر المساعده .
غربت الشمس ، لمعت النجوم ، وسطع ضوء القمر لينير ظلمت المكان .
عقلي فارغ من كل الأفكار ، كل مابه تساؤلات حول كيف النجات ؟ لكن اقتنعت ان هذا المكان مهجور ولن يأتي احد مهما انتظرت .
ولكن دحر تفكيري المحبط نور بان رغم الظلمة على الطريق ، نور اشع من بعيد في الأفق . وقفت ، امعنت النظر ، انها علامة على وجود حياة هناك !
ابتسمت شفتاي الجافتان ، فرح قلبي ، قلت في نفسي : انه الحل ، انه النجاة.
ثم تسائلت : هل يوجد فيه ماء سبيل ياترى ؟ -بلعت رمقي ثم اردفت متسائلا: اه على برودته ، واه ثم اه لو اجد مسجدا مكيفا يؤويني ، ومصلين يتصدقون لي بأموالهم ...
لم تقف افكاري وامنياتي ، ولكن تبعتها خطواتي المتعبه ، خطوة تلو خطوة الى ذلك النور المشع ، نعم كنت اجهل ذلك النور ، ولكن الأكيد انها بشرى خير ونعمة من الله ...

فرصة للعيش Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang