اليوم السادس عشر

590 3 0
                                    

ﻭﻣﻦ ﺣُﺴﻦ ﺍﻷﺩﺏِ ﻣﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺀ ﺃﻥ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﻟﻜُﻞ ﻋﺎﺑﺮ ﻟﻜﻲ ﻻ ﺗُﻨﻘﺺ ﺃﺟﺮ ﺻﺒﺮﻙ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻛﻠﻤﺎﺕٍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺳﺎﻩ ﻟﻦ ﺗﺴﺪ ﺟﻮﻉ ﺭﻭﺣﻚ ﺃﺑﺪﺍً..

لن يُدركوا أنَّ جلجلة ضِحكاتنا ماهي إلا صدى بُكائنا المُخبىء، لن تنظر أعينهم الإنسانية من خلالنا، بل إليّنا. لن ينظروا إلى أرواحنا المعطوبة، بل إلى أجسادنا المُتعافية.

هل يجب أن تكون أحزاننا (ضلعًا مكسورًا) أو (جُمجُمةً مُهشّمةً) كيّ يُدرِكوها؟
هل يجب أن نستلقي في قسم الحالات الطارئة كي يدركوا أننا لسنا بخير؟
لن يفهموا ابدًا، أنَّ كَسرنا من الداخل، -بداخل أرواحنا- يفوقُ كسر  اثنانَ وثلاثينَ عظمة..

ﻭ ﺍﻟﻤﺤﺰﻥ ﻓﻌﻼ ﺃﻧﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻳﻔﻬﻢ ﺣﺰﻥ ﻋﻴﻨﻚ ﻭﺻﻤﺘﻚ، ﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻤﻚ ﻣﻄﺒﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺩﺍﺧﻠﻚ ﻣﻜﺘﻆ ﺑﺎلمعاناه..

‏في الإنتظار، ستعلم لماذا سمّيت عقارب الساعة بالعقارب..

‏يستند على الجدار بينما هم يستندون على كتفه، يحمل أحزانه وخيباته في قلبه، يسدّ ثُقوبهم ويعجز عن سد الثقوب في جوفه، دائمًا يواسي وينسى نفسه..
.
أتعثر ثم أستقيم لطريقي، أنكسر وأجبر لوحدي، أحارب تشتت أفكاري لأتزن، أنعزل لإرجاع قوتي، قل لي بربِّك من أنت لتهز ثباتي؟

إنَّ الله إذا أحَبَّ عَبداً أنارَ بَصيرته.. ولا تُستَنار البَصيرة إلّا بالحُزن.. فَعِند الحُزن يرى المَرء حَقيقة كُلّ شَيء.. حَقيقة نَفسه، وحَال قَلبه، وصُحبته، وأهله.. حقيقة الدُنيا على حالِها، وما صارت إليه رَوحه.. تُدرِك بَصيرته جَمال الأشياء الَّتي مَرَّت عليه وتجاوزها على عَجل.. تتّصِل رَوحه بالسماء وتقترِب مِن الله أكثر، فَيجعل الله مِن كُلّ ذَرَّةِ حُزنٍ في نَفس عَبده “نوراً” يُضيء بِه بَصيرته حَتّى يُدرِك هَوان الدُنيا برغم جَمالها.. وحَقيقة الأشياء..

يراك وانت تطرق الابواب .. باباً تلو باب
تفشل هنا .. تحبط هنا .. وتحزن هناك
هذا يعاتبك .. وهذا يزعجك .. وهذا يدبر لكَ
ينتظر إقبالك وانت تتعثر .. تقوم .. وتقع.. وتبكي ..
وتنهض .. وتتعب .. ثم لاتجد مفراً من ان تأتي مكسورا ًالى بابه
باكياً خجلاً .. نادماً .. فيقبلك وكأنه يقول لك
ان جافوك فأنا حبيبك .. وان آلموك فأنا طبيبك ..
عد اليّ تجدني مرحباً بك آيباً تائباً ..
مرحباً بك عبداً محباً .. مرحباً بك مقبلاً لاجئاً
خلقتك لتعبدني وتلجأ لي ، وتسألني 
فلمَ تشكو لغيري مالا يكشفه عنك الا انا ؟؟!!
ان ذكرتني ذكرتك وان سألتني وهبتك وإن ناديتني اجبتك

عن الله احدثكم !!
استغفر الله لي ولكم

أجمل الأشخاص الذين عرفناهُم هم أولئك الذين عرفوا الهزيمة، عرفوا المعاناة، عرفوا المكابدة، عرفوا الخسارة، ووجدوا طريقهم للخروج، هؤلاء الأشخاص يملكون التقدير، الحساسية، وفهمًا للحياة يملؤهم بالرحمة، اللطف، والمحبة العميقة.. الأناس الجميلون لا يحدثون هكذا فحسبّ..

.

ولو كانوا يعرفونك حقاً، لعرفوا أن تغيرك هذا لم يأتي من فراغ، لعلموا أنك متعب جداً، وأنك تعلمت دروساً قهرية كان ثمنها غالياً من نفسك.. لكنهم يعرفون فقط أنك أصبحت إنساناً آخر، ويعرفون كيف يستنكرون ذلك منك ويلومونك عليه باحتراف، هذا ما يعرفونه فقط..

ثـُمَ ماذا؟
ثُمَ يرحلون جميعاً وتبقى لَكَ نفسكَ التي قتلتَها من أجلِهم..

أحقًا؟ رغم كل شيء ما تزال عندي القوة التي تمكّنني من المطالبة بأملي الأخير .. إنني أرفض أن أستسلم قبل الدخول في هذا القَدَر ، أريد أن أعرف للمرة الأخيرة ، وبكل قواي ، مَنْ مِن الاثنين أشدّ ظلمًا وقسوة ولا معقولية : أنا أم العالم؟
أريد أن أنتزع الجواب ، أن أنتزع الجواب بأسناني لن أذهب قبل أن أعرف..

مذكرات بلغة خاصة Where stories live. Discover now