سرّ كاترين|٤|.

944 199 119
                                    


التمشّي وسط السنابل، تحت سماءٍ ارتدت ثوبًا مُرصّعًا بالنجُوم، لِتكون بذلك الجمهور، والأضواء مُسلّطة نحو البدر الذي توسّط المنصة السماوية.

الهُدوء يُلهِمني كثيرًا ويجعلني أُفكر بطريقةٍ أفضل، أصبحت الأفكار في عقلي مُترابطة ببعضها نوعًا ما .. تناولتُ مفكرتي وبدأت بتدوين بعض الأمور، ومُحاولة الربط بين الأحداث التي تحصل حولي، والاستنتاجات التي أفكر بِها.

بقيتُ بالخارِج لِبعض الوقت .. وعِندما قرّرتُ العودة لمحتُ تشارل يصْفِق بالباب مُتجهًا نحو الخارج، وهالتهُ تُعانق الغضب.

"مالذي حدث؟" تمتمتُ مُتسائِلًا وأنا ألحق بِه .. توغّل داخل الحقل والمكان أشبه بالمُظلم لولا ذلك الضُوء الخافت المُمتد لنا من القمر.

تقدمتُ بحذر كي لا أقع على وجهي كما حدَث معي في السّابق، رأيتهُ يجلس على طرف صخرة، وقد تسلّل صوت أنينهِ إلى أُذناي، لقد كان يبكي! لم أعرف في بادئ الأمر مالذي يجدر بي فِعله، أيُستحسن بي تركهُ وحيدًا؟ أم أتطفّل عليه وأرى مالذي يبكي بشأنه!

ليسَ وكأنّي لم أُخمّن مُسبقًا سبب بُكائِه، على أيّ حال قرّرتُ أن أبقى بِجوارِه لرُبّما هوَ بِحاجةٍ إلى شيءٍ ما.

"ماذا تُريد" نبَس بعبرةٍ خانِقة بعدما سمِع وقع أقدامي على العُشب.

"أتيتُ لِمُجالستك، رُبما تحتاج لشخصٍ تُشاركهُ الحديث كي ترتاح" قُلت مُحدّقًا بتِلك اللوحة المتكاملة التي تأسر القُلوب من شدّة جمالها، بريق النجُوم والقمر المُضيئ وسط هذه الساحةٍ الطلسَاء .. لا أجِدُ منظرًا مُذهلًا كهذا كُلّ ليلة.

"أنا أفتقدها .. أفتقد إيميلي بِشدّة" تحدّث أخيرًا بنبرةٍ تخلّلها حُزن وألم يلتهم الفؤاد، أردف بعد تنهيدةٍ مريرة "كُنّا قد اتفقنا على موعِد زفافنَا، من المُفترض أن يكون الشهر القادم، أردنَا أن نُفاجئ الجميع بِقرارنا هذا، ولكن... ما حدث يجعلني أفقد صوابي" عاد للنحيب مُجددًا، لم يكُن بوسعي سِوى أن أُربّت على كتفه مُحاولةً عاثِرة للتخفيف عمّا يُثقل قلبه.

"يجب أن تقبض على المجرم، حضرة المُحقق .. يجب أن تقبض عليه—" تحدّث بانفعالٍ مُفاجئ لأقوم بِمُقاطعتهِ قائلًا "لا تقلق .. كُلّ مُذنبٍ سينَال عِقابه، والمجرم لن يُفلت من العدالة أبدًا" تخلّلت كلماتي تِلك الثقة ليتنفّس تشارل الصُعداء وكأن همًّا بسيطًا أزيح عن قلبه.

"سأعود أولًا .. لا تُطِل البقاء هُنا، فالجوّ بارد ولا نُريدك أن تمرض" قُلت وأنا أعود أدراجي نحو المنزل، وقد تركت تشارل ورائي وقد ضاقت في وجهه كُل السُبل.

دخلتُ المنزل ولم أجِد أمامي سِوى السيّدة بيرين التي كانت تأخذ أطباق الطعام من على المائدة وتنقلها إلى المطبخ، بادرتُ لمساعدتها فقد كان الإعياء واضِحًا على تِلك التجاعيد الطفيفة تحت عينيها.

جُثة في الحَقْل .Where stories live. Discover now