|°شعب من الشعراء°|

154 28 77
                                    

كان هناك رجل عربي يتنزه ذات مساء مع ابنه  ذي التسعة أعوام في وادٍ مخضر، وبينما هما يعبران جدولًا صغيرًا كانا يسمعان نقيق الضفادع؛ فأمر الأب ابنه قائلًا: أجز البيت.

تنق ضفادع الوادي

فقال الابن:

بصوت غير معتاد

ثم أكمل الأب:

كأن نقيق مقولها

فأتبع الابن:

بنو الملاّح في الوادي

تبسم الأب في حبور، وانشرح صدره، وأرخى أذنيه لسماع أصوات الطبيعة لينشدها أبياتًا شعرية مع ابنه الصغير، لكنه عوضًا عن ذلك وصله صوت هدير وانفجار عنيف. هرول الرجل نحو مصدر الصوت؛ فإذا بشاب ينهض عن الأرض بفتور متأوهًا  وينفض الغبار عن جسده، ومن خلفه، بدا مثل بيضة، باذنجانة، كمثرى، من يدري، المهم كانت معدنية جبارة نفثت دخانًا كثيفًا وشرارات كهربية.

-نجوت بأعجوبة.

قال الشاب ماسحًا جبينه المتسخ بالتراب.

كان ذلك الشاب غوركي، وذاك الرجل أبو بكر المنخل، لا يهم من هو سوى أنه عندما رأى غوركي ومركبته الغريبة سقط فكه فزعًا.

-المعذرة أيها العم، هلا أرشدتني لطريق قرطبة؟

-أبي، ما ذاك الشيء الغريب؟

كانت لحظة أسرع من لمح البصر عندما امسك الرجل بيد ابنه وهرول مبتعدًا عن المكان كأنه رأى شبحًا. حك غوركي رأسه في حيرة، ثم استدار نحو آلة الزمن المعطوبة، همس لنفسه "يبدو أنها ستكون ليلة متعبة" ولم يملك سوى اتباع أثر الرجل عله يصل إلى عاصمة الأندلس، قرطبة.

التمعت أنوار الفوانيس العنبرية، وبانت قباب بصلية ومآذن رفيعة تجاورها كاتدرائيات عريقة، تلك كانت مشارف قرطبة الأندلس، وما إن وطأت قدمه سمع استلال السيوف، وذاقت حنجرته برودة المعدن.

-حسبك أيها الغريب، من أنت وما غايتك هنا؟

هتف شرطي في ثياب فضفاضة بلكنة أندلسية فريدة.

-حسنًا، أدعى ماكسيم غوركي، وأنا خبير إبداعي ضمن مشروع أدبي ثقافي يسمى الربي…

-اسمه غير مريح كما يبدو كالجواسيس ارموه في السجن فورًا.

-مهلًا لحظة!

ثم ذاك هو في زنزانة مظلمة بسجن قرطبة يلعن اليوم الذي سافر فيه بالزمن.

-والآن كيف أخرج لإتمام بحثي اللعين؟

سمع أحدهم من الزنزانة المجاورة:

-أنت أيها الغلام، ما سبب حبسك هنا؟

-لا أدري.

-لابد وأنك هجوت أمير المؤمنين فحبسك.

صِحَاف وزمر Where stories live. Discover now