هل دخلت الجنة ؟

388 24 10
                                    

قبل سنة وبضع أشهر 

في سيارت الأسعاف التي تنقل ياغيز إلى المشرحة، لاحظ الممرض أن المُصاب يتنفس بِبُطئ ليعلم الشرطي الجالس معه .

قام بعمل الأسعافات الأولية، في حين أن الشرطي أتصل على فرحات وأخبره بأن المجرم ياغيز لا يزال حي، ليجيب : 

" حمدًا لرب، أسمعني جيدًا لن يعرف أحد بأنه حي.. سيتم تلفيق موته و يتم دفن شخص آخر مكانه.. وسينتهي الأمر هنا الباقي علي " 

" حسنًا حضرة الضابط " 

أغلق الهاتف ليتحدث مع الممرض : 

" لن تغير الوجهة سنذهب إلى المشرحة فورًا " 

حرك الرجل رأسه إجابًا وأكمل عمله، في هذه الأثناء تم أخذ شخص آخر  لدفن، و لحق فرحات بعمليت إخراجه من المشرحة دون علم أحد .

أخذه إلى منزله لن يشك أحد فيه أعطى المال للممرض و عامل المشرحة حتى لا يتفوه بأي كلمة .

أتصل على دكتور صديق له ليقوم بإخراج الرصاص الذي في جسده، وضعه على السرير، ممددًا على بطنه، كان يئن ويتألم .

وظل فرحات يقف معه إلى أن حظر الدكتور، ليحدثه : 

" سيدي الدكتور، لديه أربع رصاصات واحدة في فخذه وواحدة في مؤخرة ظهره والأخرى في وسط ظهره والرابعة في كتفه الأيمن، هل تستطيع إخراجهم " 

ربة الدكتور على كتف فرحات القلق الخائف ليجيبه : 

" سأفعل ما عندي، إن أعطاه الله عمر سأنجح.. إذ.. " 

قاطعه فرحات بتوتر : 

" أن شاء الله يعطيه العمر، هي بسرعة إنه يتألم " 

***

بعد أسبوع أستيقظ ياغيز من غيبوبته وهو ينظر للمكان بستغراب، أبتسم ليتحدث مع نفسه وفي هذه الأثناء دخل فرحات : 

" أوه هل دخلت الجنة " 

خرجت ضحكة قصيرة من فرحات ليجيب : 

" لقد عدت للجحيم إذًا " 

نظر ياغيز بتثاقل لمصدر الصوت ليجده فرحات استغرب كثيرًا وفي داخله تجول الكثير من الأسئلة، علم فرحات من نظراته بأنه يريد أن يسأله كيف ومتى ولماذا : 

" حسنًا لا تتعب نفسك.. سأشرح لك كل شيء، لكن أولاً يجب أن تأكل " 

أعطاه الأكل وهو يعدل من جلست ياغيز حتى يأكل، ليجلس على الكرسي الموجود في الغرفة وهو ينظر لياغيز الذي يأكل بإنعدام الشهية، تحدث بعدها : 

" لقد مت.. لكن من الواضح أن الله أراد لك عمر جديد... أراد أن يعطيك فرصة حتى تحسن من نفسك " 

صمت قليلاً وهو يدقق النظر في ياغيز، والآخر يفعل المثل : 

" لأكون صريحًا أغار منك.. لكن هذا لم يكن ليمنعني من إنقاذك، بعد أن أخذوك إلى سيارة الأسعاف هناك عاد لك نبضك، ومن حسن الحظ أن الشرطي الذي كان مع الممرض من رجالِ أخبرني أولاً، وأستطعت أخذك وتلفيق أنك ميت يعني ياغيز إيجمان ميت، الآن أنت جان أوزدمير " 

ضحك ضحكة قصيرة ليتألم وضع يده موضع الألم عند كليته، ليشير فرحات له ويكمل : 

" صحيح إحدى الرصاصات كانت تريد الخروج من الجهة الأخرى، يعني كليتُك ذهبت، أصبحت بواحدة، لا ترهق نفسك كثيرًا.. " 

نهض هنا وهو يَهُم بالخروج أكمل : 

" لدينا الكثير من الوقت لنتحدث فيه.. سأعتبرك صديق مُرغمًا" 

***

كانت تقف مكانها دون حرك، وعينيها مُتسمرة على الشخص الجالس على الكرسي أمام النافذة، وعلى وجهه شبحة إبتسامة .

ملامحه شاحبة نحيل جدًا، وكأنها لا تعرفه، خائفة من أن تبعد عينيها عنه ليتحرك بحركة خاطفة ويصبح أمامها بسرعة كالبرق .

أرغمت نفسها للنظر إلى فرحات الذي ظل قابع في مكانه، وكأن العالم يريدها أن تصبح أكبر من عمرها، وكأنه أحب اللعب معها .

نزلت دمعة متوسلة بأن يفسر لها الموقف، بأن يُكذب ما تراه عيناها .

تقدم منها وأخيرًا، وضع يده على كتفها وهو يحدثها : 

" عزيزتي ملاك.. هذا والدك ياغيز " 

كانت جملته كأثبات لأن ما تراه حقيقة، شعرت بأن عقلها لا يستوعب كُل هذا أرادت البكاء، لكن لا تعرف لما تبكي وعلى ماذا .

***

هاي كيفكم، رايكم قراءة ممتعة 🍂


لماذا أنا / neden ben | مُكتملة Where stories live. Discover now