الفصل الثانى

11.2K 234 24
                                    

عند على الرفاعى...
كان جالسا على إحدى الطاوﻻت يحتسى ما حرم الله من الخمر بعينين حمراوتين من الغضب و الغل، يبحر فى محيط الشر باحثا عن مكيدة تشفى غليله من يوسف.
لم يشعر بتلك السيدة التى لمست كتفيه و هو موليها ظهره ؛ خرج من شروده و التفت برأسه بعدما وصله صوتها العالى و هزتها الخفيفة..
سهام :
ـــ على بيه. . على بيه .. انت لحقت تِسْكر يا باشا ؟
أجابها و عينيه تنطق بالشر:
ـــ عايزة ايه يا سهام ؟
استدارت له و جلست فى المقعد المجاور له قائلة : مالك يا باشا .. دا انا بقالى ساعة بقولك منورنا و وحشتنا و انت و ﻻ هنا
لم تسمع منه جوابا و إنما ظل ينظر لهذا الكأس اللعين و هو يديره بين كفيه يفكر بمكيدة ليوسف ليرد له الصاع صاعين.
تعجبت من صمته و من حالته المذرية التى لم تعهده فيها من قبل فأردفت مستفهمة:
ـــ ايه اللى شاغلك عننا كدا يا باشا ؟
أجابها أخيرا و هو يصتك أسنانه بغيظ و حقد :
حتة عيل ميجيش من دور عيالى بيهددنى أنا بفيديو و عايز يفضحنى ؟
تنبهت حواسها لكلامه و ازداد فضولها حتى إلتصقت به بكرسيها و مالت عليه قليلا مردفة بفضول :
ـــ إهدى بس كدا و رسينى ع الدور يمكن أعرف أساعدك ..
أردف و عيناه محدقتان بها بمزيد من الغل و الشر  :
ـــ عايز أذله زى ما بيذلنى و بنفس الطريقة ..
ضيقت عينيها مردفة بتساؤل:
ـــ قصدك ايه يا باشا ؟!
تأجج بركان حقده و غيرته و أردف موضحا :
ـــ عايز أصورله فيديو زى اللى متصورلى و ساعتها مش هستنى اما اهدده بالفضيحة ؛ ﻻ ..دا انا هفضحه علطول .
أطلقت سهام ضحكة ركيعة و أردفت:
ـــ دى سهلة أوى يا باشا .
أجابها سريعا بخيبة أمل :
ـــ ﻻ يا فالحة مش سهلة ..
نظر أمامه فى الفراغ بعينين زائغتين مردفا بغل و غيرة واضحة من يوسف :
ـــ أصله عامل فيها سيدنا الشيخ .
سألته بعدم فهم :
ـــ يعنى ايه؟!
اشتعلت سريرته بمزيد من الحقد و الغل مردفا:
ـــ أصله متدين أوى و مالوش ف الهجص و ﻻ له ف الستات أصلا .
فطنت أخيراً مقصده و أردفت:
ـــ آآه.. مستأيم "مستقيم" يعنى يا باشا ..
أجابها بعدما تمكنت منه الثمالة و بدأ عقله يغيب عنه رويدا رويدا:
أصله طالع لجده و أبوه ... مش عارف مطلعش لعمه ليه ؟! .. أصل عمه دا زمان كان مقطع السمكة و ديلها ؛ أنا و هو كنا أصحاب أنتيم ؛ كنا بنخرج سوا علطول و نسهر للصبح مع البنات، لحد ما أخوه اللى عامل فيها شيخ عرف و قال لأبوه، قام أبوه سحب منه العربية و رصيده ف البنك و جوِّزه كمان ؛ و بعدها قطع علاقته بيا، و تاب بقى عن الستات اكتر بعد موت مراته .
ردت سهام :
ـــ أهو لو من عينة عمه دا كنت وقعتهولك ف تلات دقايق بس وحياتك يا باشا .. بس دا بقى هتعمل معاه إيه ؟؟
أشعل سيجارة و أخذ ينفث دخانها بشراهة مردفا بعصبية:
ـــ ما تفكرى معايا يا سهام، أمال أنا بحكيلك ليه ؟
راح الشيطانان يسبحان فى مستنقع المكائد يتلطخان بوحله، لعلهما يخرجان منه بخطة مكيرة توقع بذلك المسكين، فمهما استقام المرء، لا بد من وجود الحاقدين الذين لا يألون جهدا لعرقلته، و لكن مهلٱ، فالذئاب تعوى و القافلة تسير.
فى جهة أخرى بنفس المكان فلم نخرج منه بعد ، أعاذنا الله منه .
تجلس فتاة جميلة بريئة الملامح من يراها ﻻ يعطيها أكثر من ١٧ او ١٨ عام لصغر ملامحها ، تجلس أمام المرآة تمشط شعرها مرتدية بنطال چينز قصير بالكاد يغطى ركبتيها و كنزة قصيرة بالكاد تغطى بطنها بنصف كُم.
شهقت بفزع عندما انفتح عليها باب غرفتها بغتة، فاستدارت بكرسيها بمواجهة الباب و هى تصيح:
ـــ جرى إيه يا جلال ، إزاى تدخل عليا اﻷوضة كدا من غير ما تخبط .. افرض قالعة يا جدع .
لم يعير حديثها اهتماما و أردف بعصبية مفرطة و صوت مجلجل :
زينة .. لما الواد راضى دا عاكسك ماجيتيش قولتيلى ليه ؟ ..ها؟؟
نهضت من المقعد و وقفت قبالته مردفة بثقة تامة :
ـــ ما انت عارف يا جلال ان انا بعرف اوقف اى حد عند حده كويس أوى ... ايش حال انت اللى علطول بتقولى انى بت بميت راجل .. دا أنا تربيتك يا جلال .
اصتك فكيه بغضب بعدما سيطر على جسده المتحفز للعراك  مسترسلا:
ـــ إبن ستين ... و الله ﻷربيه .
أمسكها من ذراعها معنفا إياها و الشرر يتطاير من عينيه صارخا بها :
ـــ و أنا مش منبه عليكى ميت مرة متنزليش الزفت الصالة دى تانى .
زمت شفتيها بغضب جم من لمسته و نزعت ذراعها من قبضة يده بعنف، صارخة به :
الله .. بلاش أفك عن نفسى شوية.. عايزنى أفضل محبوسة ف وسط اﻻربع حيطان دول ليل و نهار ؟ ...
هدأت نبرتها قليلا و راحت تقنعه:
ثم أنا ﻻبسة لبس عادى أهو مش لبس مسخرة زى بنات الصالة ..
هدأ جلال قليلا فقد استطاعت بحنكتها أن تؤثر عليه فى ذروة عصبيته، وتَأثَّر من كلامها عن حبسهتا بغرفتها طيلة الوقت فأردف بنبرة حانية :
ـــ يا بت انتى لو لبستى شوال خيش هتتعاكسى برضو .
أثارت هذه الكلمات حنقها و جعلتها تفيض بما يحويه قلبها من سخط على جنس رجال بنى آدم فصاحت به : علشان صنف الرجالة كله صنف زبالة ؛ مهما البنت تغطى نفسها و تحترم نفسها، بردو لازم تتعاكس.
استطاعت أن تثير عصبيته مرة أخرى فصرخ بها :
ما تحترمى نفسك يا بت و شوفى انتى بتقولى إيه ؟
مسد على شعره عله يُخْمِد موجة غضبه الثائرة حتى لا يؤذيها بفرط عصبيته فأخذ نفسا عميقا و زفره ببطئ  ثم أردف:
ـــ خلاصة الكلام يا زوزه .. اتقى شرى و بلاش نزول للصالة على اﻷقل من غير إذنى ..تمام ؟
أجابته باستسلام و قلة حيلة:
ـــ حاضر يا جلال اللى تشوفه .. بس بلاش تبقى تتعصب عليا أوى كدا..
ثم استرسلت بإبتسامة جميلة و نبرة رقيقة :
ـــ انت عارف إن زوزّة بميت راجل .. وﻻ إيه ؟
إبتسم لها جلال و تنهد براحة مردفا :
ـــ طبعا يا زوزّة دا انتى تربيتى .. ثم ضحك اﻹثنان سويا

تائهة بين جدران قلبه"كاملة"Dove le storie prendono vita. Scoprilo ora