الفصل السابع

5.5K 148 19
                                    

عند يوسف بالشركة...
شرب العصير و غادر الشركة بعد مغادرة زينة مباشرة متجها بسيارته الى الفيلا ..
دخل الفيلا فوجد عمه جالسا فى البهو شاردا يبدو على وجهه التعب و الحزن ، فتوجه ناحيته قائلا بقلق:
ـــ السلام عليكم ... مالك يا عمى شكلك تعبان .
أجابه بتعب لم يستطع إخفاءه :
ـــ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. . انا كويس يا حبيبي متقلقش .
يوسف بقلق بالغ:
ـــ مقلقش ازاى .. حضرتك شكلك زعلان ...
ثم أردف بمداعبه:
ـــ قولى بس مين اللى مزعلك و أنا هملصلك ودانه .. اوعى تكون البت سهيلة .
ابتسم بسخرية مريرة و أردف بشجن :
ـــ انت بتقول فيها يا يوسف ؟ .. هو أنا تاعبنى و واجع قلبى غيرها ؟
قطب جبينه باستغرب و سأله بتوجس:
ـــ ليه بس يا عمى ايه اللى جد ؟
احتدت نبرته غضبا من إبنته العنيدة مردفا :
ـــ جايلها عريس مناسب جداً و من عيلة كبيرة و قمة ف اﻻخلاق و اﻻحترام و اﻻنسة مش موافقة .. دا عاشر عريس ترفضه ، مبقتش عارف اعملها ايه ؟!
ارتبك يوسف للغاية و تمنى فى هذه اللحظة لو ان تنشق اﻻرض و تبتلعه ، فهو يعلم جيدا سبب رفض ابنة عمه للزواج و يعلم ايضا ان عمه على علم بذلك اﻻمر ، احمر وجهه من الحرج و تحدث و هو مطرق الرأس فلم يجرؤ أن ينظر فى عينى عمه و قال بتوتر:
ـــ احم ... متشيلش هم يا عمى أنا هقنعها طالما حضرتك شايف ان العريس كويس ..
رمقه عمه بخيبة أمل ثم قال بقلة حيلة :
ـــ يا ريت يبنى .. يا ريت تسمع كلامك المرادى و توافق بقى .
رمقه بإشفاق من حالته ثم أردف بجدية :
ـــ متشغلش بالك انت بس بالموضوع دا ، و روق كدا .
تنهد بيأس قائلا:
ـــ ربنا يهديها و يريح قلبها .
زادته كلمات عمه حرجا ، فهما على يقين أن زواجه منها هو ما سيريح قلبها .
نهض من مقعده قائلا :
ـــ احم .. انا طالعلها يا عمى بعد إذنك طبعا ؟!
أجابه راشد بنبرة آملة :
ـــ اتفضل يبنى و ابقى طمنى .
صعد الى غرفتها و طرق الباب فردت :
ـــ مين ؟
يوسف :
ـــ أنا يوسف يا سهيلة .
عندما سمعت صوته انتابتها حالة من الشجن و الفرح فى آن واحد و قامت سريعا لترتدى اسدال الصلاة على ملابسها البيتية و هى تقول :
ـــ ثوانى يا يوسف
يوسف :
ـــ ماشى براحتك .
فتحت له باب الغرفة و رمقته بدهشة شديدة ، فهو قلما يأتى غرفتها ، سرعان ما تحولت هذه الدهشة الى فرحة عارمة و ابتسامة واسعة شقت وجهها حتى أنها ظلت تطالعه بتيه و هو مازال واقفا على الباب و نسيت تماما ان تفسح له المجال ليدخل .
رفع حاجبيه يسألها ببرود :
ـــ ايه ؟ .. هتفضلى واقفة مزمهلة كدا كتير ؟
انتبهت أخيرا لحالتها ثم أردفت بحرج :
ـــ احم .. اانا اسفة اتفضل..و أفسحت له المجال لكى يدخل ، و كادت ان تغلق الباب و لكنه صاح بها :
ـــ انتى بتعملى ايه ؟! .. سيبى الباب مفتوح
أجابته بتلعثم :
ـــ اه.. سورى نسيت .
قال و هو ينظر باتجاه الشرفة:
ـــ تعالى نقعد ف البلكونة احسن .
أومأت له بالايجاب مردفة:
ـــ اوكى ...
تعلم أنه على قدر كبير من الحياء الذى يمنعه من الجلوس بغرفة فتاة ، فربما يوجد بالغرفة اشياء خاصة بها كملابس معلقة او غيره ﻻ يصح أن يراها .
جلس اﻻثنان فى شرفة غرفتها و أدار يوسف دفة الحديث يسألها بحزم :
ـــ انتى رفضتى العريس ليه ؟
قطبت جبينها باستنكار :
ـــ انت اللى بتسال يا يوسف ؟ !
أجابها بحدة :
ـــ سهيلة فوقى بقى و طلعينى من دماغك ، اللى انتى بترفضى الجواز عشانه دا مش هيحصل ..
احتقنت عينيها بالعبرات و ردت بصوت متحشرج :
ـــ للدرجادى ... ليه ؟ .. ليه يا يوسف ؟
لم يرد و إنما زاغ ببصره عنها فى الفراغ يحاول أن يكظم غيظه منها
طال انتظارها لجواب منه، فصاحت به مرة أخرى:
ـــ لو سمحت بصلى يا يوسف ؟
طالعها ببرود فقالت برجاء :
ـــ بص ف عنيا كدا ..
استجاب لرجائها ناظرا لعينيها مباشرة فأردفت باستعطاف :
ـــ هو أنا وحشة ؟ .. قولى ايه اللى فيا وحش و انا هغيره .. قولى ايه اللى ممكن يخليك تغير نظرتك ليا و انا هعمله ؟
الى هذا الحد و لم يسمع منها كلمة بعدها حيث تاه فى غابات الزيتون التى ذكّرته بصاحبة تلك العينين التى تشبه عينيها الى حد كبير، و حاول أن يكبح بسمته على أثر تذكرها ، و إلا فهمت بسمته فى هذه اللحظة شيئا اخر .
بينما سهيلة أحست من شدة تأمله لعينيها أنه بدأ يلين لها فأكملت حديثها بأمل جديد قد دب لتوه بداخلها :
ـــ يوسف أنا مش هقدر اعيش مع حد غيرك .. لو مش هتجوزك مش هتجوز خالص .. و دا آخر كلام عندى .
أجابها بهدوء و إشفاق من حالتها :
ـــ يا سهيلة افهمى .. حبك ليا دا حب مراهقة .. عشان مش شايفة اهتمام من حد غيرى ، عشان محدش بيخاف عليكى قدى ، محدش بيهتم بكل تفاصيل حياتك زيى ، انتى شوفتى دا كله من ناحيتك حب ، بس انا من ناحيتى كنت بعمله من منطلق احساسى بالمسؤلية و اﻻخوة .بس لو انتى اديتى لنفسك فرصة تتعاملى مع شخص تانى و تقربى منه ف علاقة رسمية طبعاً ، صدقينى هتحسى بفرق ، و احساسك من ناحيتى هيبدأ يتلاشى واحدة واحدة لحد ما هتوصلى للمرحلة اللى انا فيها دلوقتى و هى إن أنا مش أكتر من أخ ليكى .. فهمتى بقا ؟
كانت تستمع لكل كلمةٍ منه بعقل مشوش و قلب منكسر و ذهن شارد ، فهل من الممكن أن يكون منطقه صحيح ؟؟
عندما وجدها شاردة فى حديثه ، أردف بأمل:
ـــ انا هسيبك تفكرى ف كلامى كويس ، و لينا قاعدة تانى مع بعض .. ماشى ؟
أومأت له باﻻيجاب دون رد و تركها تفكر فى حديثه و انصرف الى غرفته لكى ياخذ قسطا من الراحة و يلملم شتات امره ...

تائهة بين جدران قلبه"كاملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن