الفصل الحادى عشر

5.3K 155 29
                                    

فى منزل لينا....
بعدما حكم أبوها بحبسها، التزمت غرفتها و رفضت الخروج من الغرفة بتاتا فقد تملكها العند، و أول من عاندت كانت والدتها المسكينة، فمنذ تلك الساعة المشؤمة و قد رفضت لينا مساعدتها فى الأعمال المنزلية كنوع من أنواع الاضراب و الاعتراض علاما صدر ضدها من أوامر تعسفية من جهة أبيها.
كانت متكئة على الفراش تفكر كيف ستخرج من هذا المأزق، فخطر ببالها فكرة شيطانية، فأمسكت هاتفها الجوال و أخذت تبحث عن رقم سهيله و هى تردد:
ـــ يلا اهو اى حاجة تسلينى بدل الحبسة دى.
قامت بالاتصال بها حتى أجابتها الأخرى فردت برقة مصطنعة:
ـــ الو.. ازيك يا قلبى، وحشتيني اووي.
سهيله:
ـــ و انتى أكتر يا لى لى، فينك يا بنتى محدش شافك من زمان.
حولت نبرتها الى الحزن:
ـــ انا ف مصيبة يا سهيلة و مش عارفةاعمل ايه؟
اضطربت سهيلة لأجلها و أردفت بقلق:
ـــ مصيبة ايه بس يا حبيبتى، خير ان شاءالله؟!
أجابتها بنفس النبرة الخبيثة:
ـــ مش خير خالص يا سولى... تصورى بابا جايبلى عريس بيشتغل نجار؟
شهقت الاخرى باستنكار:
ـــ ايه دا بجد؟!
لينا مصطنعة قلة الحيلة و الانكسار:
ـــ أيوة يا سولى، و انا طبعا لما رفضت حبسنى و حرمنى من الخروج و المصروف، لما خلاص زهقت و جبت اخرى.
سهيلةبتعاطف:
ـــ حبيبتي يا لى لى، باباكي شكله صعب اوى، طب و بعدين يا قلبى بتعملى ايه و انتى محبوسة كدا؟
لينا:
ـــ الملل هيقتلنى يا سولى.
أكملت بخبث متصنعة الأسى:
ـــ دا حتى باقة النت خلصانة و بابا طبعا مانع عنى المصروف و قاعده طول اليوم ف أوضتى حاطة ايدى على خدى و مش لاقية حاجة تسلينى.
سهيلة :
ـــ خلاص ياقلبي تاهت و لاقيناها؟!
لينا متصنعة عدم الفهم:
ازاى يعنى؟
سهيلة بمرح:
ـــ هحولك رصيد يا ستى و اشحنى باقة النت و عيشى بقى براحتك ع النت لحد ما باباكى يديكى إفراج.. ها ايه رأيك؟
لينا متصنعة الحرج:
ـــ لا لا يا سولى انا مش عايزة اتقل عليكى.
سهيلة بصدق:
ـــ احنا اخوات يا عبيطة انتى و مفيش الكلام دا بين الاخوات.
ابتسمت بانتصار فقد استطاعت أن تصل لمبتغاها بمنتهى السهولة ثم قالت:
ـــ ربنا ما يحرمنى منك يا قلبى..
أجابتها ببراءة و حسن نية:
ـــ تسلميلى يا حبيبتى، هقفل معاكى دلوقتى و هخرج برا اشترى شوية حاجات و هحولك رصيد من الفيزا بتاعتى.
لينا بامتنان مصطنع:
ـــ شكرا يا سولى فى انتظارك يا جميل.
سهيلة :
ـــ اوكى يا حبيبتى باى.
لينا:
باى...
أغلقت لينا الهاتف ثم ابتسمت بخبث محدثة نفسها :
ـــ هو دا الكلام... هتفضلى طول عمرك غبية يا سهيلة ..

فى فيلا راشد سليمان .....
كان يوسف نائما على الاريكة بغرفة نومه الواسعة متكئا بظهره على مسند الأريكة و مسترخى بقدميه على المنضدة الصغيرة الموجودة أمامها، مشبكا كفيه خلف رقبته شاردا بعينيه فى اللاشيئ، يفكر بتلك الصغيرة التى اصبحت تؤرق نومه و شغلت حيز كبير من تفكيره، فتارة يبتسم عندما يتذكر ملامحها الطفولية و ابتسامتها المشرقة و تارة يعبس عندما يتذكر أصلها و مكان سكنها ذلك المكان الذى يعف لسانه حتى عن نطق اسمه..
أخذ ينهر نفسه لكونه يفكر بها من الأساس، فلم يسبق لأى فتاة من قبل أن شغلت تفكيره أو حتى لفتت انتباهه، فما باله بهذه الفتاة التى لا يعلم لها أصل، فربما كانت تعمل فتاة ليل بذلك المكان البذيئ، او ربما كان لها سابق تعامل مع عشرات الرجال قبله، فكل الاحتمالات قائمة لديه، و لكن و رغم كل ما جال بخاطره من أفكار سيئة تجاهها إلا أنه لم يستطع أن يمحى صورتها من مخيلته، نهض من مجلسه و اتجه الى المرآة الكبيرة المثبتة على أحد حوائط الغرفة بطول الجدار و وقف أمامها متمعنا النظر فى انعكاس صورته بها و أخذ يحدث صورته بعتاب و يجلد ذاته:
ـــ ايه يا يوسف؟! ... طلعها من دماغك بقى، مش دى يا يوسف اللى تفكر فيها او ممكن فى يوم من الايام تحبها او تشيل إسمك، فوق، فوق و بطل تفكر فيها بقى..

تائهة بين جدران قلبه"كاملة"Where stories live. Discover now