الفصل الثامن عشر

4.6K 160 25
                                    


فى فيلا راشد سليمان...
كان يوسف يفكر بزينة، يلعن حبه لها الذى أصبح كمرض مزمن تملك من جسده و روحه، حتى أصبح شفائه منه مستحيلا.
اختنقت رئتيه من كثرة التفكير، و أحس بخطر هذا المرض عليه، فذهب لشقيقه و صديقه فى غرفته ليتحدث معه عله يهون عليه قليلا...
تفاجأ يحيى من مجيئ شقيقه لغرفته فى هذا الوقت المتأخر من الليل، و لكنه لم يعقب، و بمجرد أن دخل يوسف الغرفة أردف بنبرة يشوبها القهر و العذاب:
أنا تعبت يا يحيى... بقالى تلت تيام مشوفتهاش، بس مبتروحش من بالى و مش قادر أبطل تفكير فيها
زم يحيى شفتيه باشفاق مردفا بجدية:
يوسف، هتسمع نصيحتى؟!
أجابه باستسلام و قلة حيلة :
قول.
يحيى بجدية تامة:
بكرة ان شاء الله تطلب ايد سهيلة من عمك.
فغر فاهه و جحظت عيناه من الصدمة:
انت بتقول ايه؟.. لا لا.. ما انت عارف يا يحيى إنى مش قادر أتخيلها مراتى... إذا كان عمرى ما عرفت اتخيلها مراتى قبل ما اشوف زينة، هتخيلها دلوقتى و انا بحب غيرها؟!
أغمض يحيى عينيه بيأس ثم فتحهما و أردف محاولا إقناعه:
قولتلك قبل كدا حط نفسك قدام الامر الواقع.. بمعنى أصح، إجبر نفسك عليها، الموضوع فى أوله صعب بس بعد كدا شوية شوية هتتعود.
أجابه يوسف بعدم إقتناع :
الكلام اللى بتقوله دا ممكن يحصل لو كان القلب خالى... بس ف حالتى دى صعب اوى.
أحاط يحيى كتفى شقيقه بذراعه مقتربا بوجهه منه فى محاولة جديدة لإقناعه مردفا بنبرة هادئة:
ماهو انت بكل الطرق مش هينفع تتجوز زينة..يا أخى أجبر بخاطر عمك و فرحه طالما الفرحة كدا كدا مش مكتوبالك.
زاغ يوسف بعينيه فى الفراغ قليلا، يفكر فى كلام شقيقه فأجابه بعدم اقتناع:
حاضر يا يحيى... هصلى صلاة استخارة و اللى عايزه ربنا هو اللى هيكون.
ربت يحيى على كتفه بحنان مردفا بحب:
و نعم بالله.. ربنا يقدملك اللى فيه الخير يا حبيبى
اغتصب يوسف نصف ابتسامة مجيبا بشجن:
ربنا يخليك ليا يا حبيبى و ميحرمنى منك ابدا.

فى صباح اليوم التالى...
نهض يوسف من نومه متخذا قراره الحاسم بعد تفكير دام طيلة الليل، و بعد أن استخار الله، و عزم أمره أن يتقدم لخطبة سهيلة من عمه بعد عودته من الشركة، و دعى الله ألا يرى زينة اليوم حتى لا يتراجع عن قراره.
مر اليوم بسلام كما أراد، أنهى عمله و نزل لكى يستقل سيارته، و حين هم بفتح باب السيارة توقف عندما سمعها تناديه، فأغمض عينيه بألم فذلك كان آخر شيئ يريده ان يحدث الان، استدار لها و اقتربت منه تسأله ببراءة و حب:
ازى حضرتك يا مستر يوسف.
يوسف باقتضاب:
تمام الحمد لله.
أصابها الارتباك و التوتر لوقوفه المهيب أمامها، فأردفت بتعثر:
ايـ ايـ.. أنا.. أنا كنت عايزة أطمن على حضرتك بس.. و الله بكون عايزة آجى لحضرتك المكتب بس مشغولة جدا ف القسم.
حاول أن يكسى ملامحه بالجدية، فأجابها اقتضاب يقصده:
مفيش داعى انا بقيت كويس.. يا ريت بقى تروحى عشان ميصحش وقفتك معايا كدا...
تركها تنظر فى أثره بصدمة و ركب سيارته و انطلق الى منزله.
بينما هى ظلت واقفة مكانها لا تصدق أن هذا يوسف الذى كانت عيناه تتوهج ببريق العشق عندما ينظر لها، و نبرته يملأها الحنان عندما يتحدث إليها، هل كانت تتوهم أنه يحبها، لما تغير معها و سلك معها مسلك الجفاء بهذه الطريقة؛ هل لأنها ابتعدت عن مرئى عينيه؟! فأصبحت شخصا عاديا بالنسبة له؟!
ظلت الأفكار السيئة تعصف بعقلها و لم تجد بُدا من الذهاب لسكنها الآن، و لترى ماذا سيحدث بالأيام القادمة ، و لكنها لن تيأس و لن تستسلم و سوف تحارب من أجل استعادة إهتمامه بها مرة أخرى... هكذا عزمت فى قرارة نفسها.

تائهة بين جدران قلبه"كاملة"Onde as histórias ganham vida. Descobre agora