الفصل الثالث عشر

10.7K 565 134
                                    

إذا كان الحُب و اللقاء إجبار

فـ الخيانة و الرحيل إختيار…

وجد ساقاه تقوداه إلى هُنا، لم يُكلف نفسه عناء الذهاب إلى المنزل و تبديل ثيابه بل و يبدو رث الهيئة و رُبما لم يستحم لمُدة خمسة أيام قضاها خلف القُضبان مع شتى أنواع الخارجين عن القانون

لينتهي به الأمر أمس في معركة طاحنة لم يفضها سوى أمين الشُرطة بعدما صدح الصوت عاليًا و أصبح مُزعجًا دون أن يُبالي بـ من المُخطئ و من معه حق

و الآن يقف أمام هذه البناية التي لم يُخطها مُنذ وقتٍ طويل تعذر عليه عدّه، ليبتسم أرغد بـ قسوة ساخرة ثم وضع يداه في جيبي بِنطاله بـ غرور و كأنه لم يقضِ أيامًا عليلة و توجه إلى الداخل

بعدما وصل المصعد إلى الطابق المطلوب دق الجرس لتفتح الخادمة التي شهقت بـ حماس و هي تضرب صدرها

-سي أرغد باشا! حمد الله على السلامة، البيت نور…

فرك أرغد مُقلتيه بـ ملل و الصُداع يضرب رأسه بلا هوادة ثم أردف بـ نبرةٍ حانقة

-إوعي من وشي…

تلعثمت الخادمة و إبتعدت ليدلف أرغد إلى المنزل و عيناه تُحدقان بـ المكان بـ تذكر حتى قطع البهو الطويل ثم إلى صالة المنزل، ليجد والدته تخرج إليه مهرولة على صوت الخادمة تشهق هي الأُخرى بـ سعادة

-أرغد حبيبي! أنت طلعت إمتى؟! وحشتني أوي…

إقتربت منه تُعانقه فـ أبعدها عنه بعد لحظات و أردف بـ جمود

-هتتبهدلي
-ربتت على وجنتهِ المكدومة وقالت بـ قلق:إيه اللي عمل فـ وشك كدا!
-سخر قائلًا:ديكور
-هتفت لائمة:أرغد!!...

جذبته و هي تزفر بـ غضب ثم أجلسته فوق أحد المقاعد و أمرت الخادمة المُتلصصة بـ خشونة

-خُشي هاتي مُطهر و قُطن علشان الجرح
-أمرك يا شويكار هانم…

و ركضت الخادمة بينما جثت شويكار أمام أرغد تتأمله بـ شوق كاد يُبكيها وهو شارد، مُتباعد عنها بـ تفكير أصابه بـ صُداع مُضاعف و لا ينفك يتذكر إيليا و هو يُخبره بـ هدوء عن زواجه بـ تالة

تالة ذلك العصفور الذي هرب من قفصهِ بـ سهولة و كأنه لم يبذل مجهودًا جبار من أجل الظفر به ليأتي آخر يصطاده بـ أكثر الطُرق سهولة، و لكن لا حاجة للبُكاء على اللبن المسكوب فـ إن ذهبت تالة تأتي غيرها

نظر إلى يد والدته التي تُمسد ساقه المُتيبسة بسبب جلسته فوق الأرض الخشنة، القاسية هو من قضى عُمره فوق رَيَّشَ نعام ثم إلى عينيها المبتسمة بـ حنان لم يحتجه يومًا و توقف عن إنتظارهِ مُنذ زمن و تساءلت بـ نبرةٍ دافئة

-أكيد هتتعشى صح!
-لأ عاوز آخد شاور
-ربتت على ساقهِ و قالت:طيب ننضف جروحك و بعدين خُد شاور و لما تطلع تتعشى…

في غياهب الفرعون Where stories live. Discover now