الفصل الثاني والعشرون

8.8K 477 45
                                    

نحنُ لا نعيش في دواخلنا عالمًا مُنظمًا أبدًا، إنها فوضى
كل ما نعيشه هو فوضى
ازدحام المشاعر و ضجيج المعارك بينها
نتمزق بين شعورٍ و آخر
لنصل في النهاية إلى السكون الذي لا يعقبه حراك…

نظر أرغد إلى الجسد المسجي أمامه و هو يبتسم بـ سُخرية ثم نظر إلى الضابط الذي يُبادله النظر بـ سُخرية أيضًا و قال بـ جمود

-إيه رأيك فـ اللي شوفته! عندك حاجة تقولها؟!
-وضع أرغد يده بـ خصرهِ و هتف:لو قولتلك إني مقتلتوش مش هتصدق، فـ ملوش لازمة الكلام
-مط الضابط شفتاه وقال:طيب يلا معانا…

مدّ عسكري يده ليأخده و لكن أرغد دفع ذراعه بعيدًا ثم قال وهو يتجه إلى خزانة الثياب

-طب هغير هدومي، مش هيبقى قتل و آداب؟!
-إنجز…

أخرج أرغد ثيابه و إرتداهم على عجالة بينما الآخرين مشغولون بـ فحص مسرح الجريمة ثم أردف وهو يستدير

-متقلقش مش ههرب، لأني مقتلتش و مكنتش موجود
-أمسكه الضابط و قال:فـ القسم نبقى نشوف الموضوع دا…

سحب أرغد ذراعه من الضابط و سار أمامه بـ هدوء مُغيظ و هبط الدرج حتى وصل إلى سيارة الشُرطة، و قبل أن يصعدها نظر إلى الجهة المُقابلة ليجد سيارة سوداء تقف و نافذتها الخلفية تُفتح و يطل منها فؤاد

إستطاع أرغد أن يرى إبتسامته الشامتة به و لكنه بادله بـ أُخرى، يؤكد له أن تلك الخطة الحمقاء ستفشل دون جُهدًا يُذكر و أنه سيخرج الليلة دون الحاجة إلى الإستعانة بـ مُحامٍ و لن يجني فؤاد الرازي سوى فضيحة أُخرى تقضي عليه

صعد أرغد السيارة و إنطلقت به إلى قسم الشُرطة و هُناك جلس أمام ذلك الضابط ليأخذ أقواله و التي لم تتغير فـ عاود الضابط الحديث

-أنت شكلك مش مستوعب موقفك، إحنا لاقينا جُثة فـ شقتك
-تلاعب أرغد بـ شئٍ وهمي فوق المكتب و قال:مش معنى إنك لاقيت جُثة فـ شقتي يبقى أنا اللي قتلتها، أنا إتفاجئت زيي زيك…

تراجع الضابط في مقعدهِ ثم هتف وهو يُمسك قلمًا ما يتلاعب به بين يديهِ

-إحنا جالنا شكوى من صوت خناق من جار جنبك إنه سامع صوت خناق و اسمك إتذكر، و إن الشخص بيقول إنك بتهدده بـ القتل
-حك أرغد أنفه وقال بـ هدوء:هو كلام منطقي، بس إزاي هعمل حاجة و مكنتش موجود!
-تجاهل الضابط حديثه و أكمل:الإتصال كان من نص ساعة من وقت إقتحام الشقة، يعني تقريبًا فـ الوقت اللي كُنت فيه موجود حسب أقوالك
-إرتفع حاجبي أرغد ثم هتف بـ دهشة ساخرة:غريبة أول مرة تيجوا بُسرعة كدا!
-هدر الضابط:إحترم نفسك و إعرف إن موقفك ميسمحش لهزارك…

تنهد أرغد و قرر إلتزام الصمت، فـ هو كان يعلم بـ الفخ قبل وقوعه و الفضل يعود لتلك الأعين التي وضعها بـ القصر و المُراقبة المُستمرة له، تذكر يوم إستمع إلى الحديث الذي دار بينه و بين مجهول على الهاتف يُخبره بـ وضوح ضرورة التخلص منه في حادثة لن يخرج منها

في غياهب الفرعون Where stories live. Discover now